كان هنا تاريخ تم محوه.. جولة فى مخبأ سمير صبرى السرى الذى كان يحتفظ فيه بأرشيفه الكامل كشفت حجم الإهدار الذى تعرض له
ليس جديدا أن نقول إنه فى قلب كل محنة منحة، لكن عدم الجدة لا يعنى دائما عدم الدهشة، أو عدم الفرح، أو عدم الاحتفال، فمنذ أن أطلقت "اليوم السابع" صرخة "إنقاذ تراث سمير صبرى من الروبابيكيا» ونحن نتلقى ردود الأفعال الحزينة والمتألمة من كل الناس.
كل الإعلاميين تفاعلوا مع القضية بشكل إيجابى، الجمهور كله تفاعل مع القصة بالحزن تارة والغضب تارة والتفكير واقتراح الحلول تارة.
الجهات الرسمية المسؤولة أيضا تفاعلت مع القضية بإيجابية كبيرة، وتوصلت معى الدكتورة نيفين الكيلانى قبل إطلاق الحملة، ثم كانت أول الداعمين لحملة «لن يضيع» ووضعتها تحت رعايتها.
كل هذا فى جانب، وما حدث أثناء ذلك فى جانب آخر
ما حدث يؤكد أن رسالة الحملة وصلت وبعلم الوصول إلى المستهدفين الحقيقيين منها، وهؤلاء المستهدفون هم «الناس» هم «الشعب» هم «البسطاء العاديون» الحراس الحقيقيون لتراث هذا البلد وتاريخه.
ما حدث بعد ذلك يثبت أن حملة «لن يضيع» لإنقاذ تراث رموز مصر، لن تضيع، لأنها استطاعت أن تصل إلى الناس العاديين، وليس هذا فحسب، بل استطاعت أن تؤثر فيهم بإيجابية، وأن تجعلهم يتحركون لإيقاف نزيف هذا التراث.
تفاصيل ما حدث غاية فى التلقائية والفطرية، فبعد نشر «اليوم السابع» لقضية «بيع تراث سمير صبرى» وتفاعلت وسائل الإعلام معها بإيجابية محمودة، وبعد إطلاق «اليوم السابع» للحملة، تواصل الأستاذ هانى تادرس صاحب الشركة السويسرية المصرية للدعاية، مع صفحة «اليوم السابع» على مواقع التواصل الاجتماعى، مطالبا بالاتصال بكاتب هذه السطور، لحظات قليلة وتواصل مع قسم السوشيال ميديا بالجريدة ليبلغنى بالرسالة، ولحظات قليلة أيضا وكنت معه على التليفون.
أبلغنى الأستاذ «تادرس» بأنه استأجر مكتب سمير صبرى، وأنه فى البداية كان لا يرى فى الأمر ميزة كبيرة، أو شيئا فارقا، لكن بعد أن شاهد ما نشرته «اليوم السابع»، وبعد أن تابع ردود الأفعال المختلفة من وسائل الإعلام أدرك أن القدر وضعه فى مكان مميز، وقالى لى «تادرس» إنه بعد ذلك ندم أشد الندم لأنه أتى إلى المكتب متأخرا بعد أن باع أقارب سمير صبرى كل شىء، لكن القدر أيضا كان يحمل له مفاجأة كبيرة.
تلك المفاجأة جاءت بعد أن تسلم «تادرس» المكتب، وبدأ فى تجهيزه لمزاولة نشاطه الجديد، وأثناء ذلك وجد دولابا مغلقا بجوار الحمام، وما إن فتحه حتى وجد مئات من شرائط الفيديو، متكدسة من الأرض حتى السقف، وعلى كل رف من أرفف الدولاب قائمة بأسماء الأفلام التى يحتويها وأسماء النجوم الذين عملوا بها «لم أعرف ما الذى أفعله بهذه الأفلام؟ هل أتركها هكذا؟ أم أضعها فى مخزن؟ أم ماذا» هكذا قال لى «تادرس» الذى كان يعرف أن لهذه الأفلام قيمة، لكنها قيمة غائمة، حتى شاهد ردود أفعال الحملة التى أطلقتها «اليوم السابع» فقرر الاتصال بنا.
«أنا لا أريد شيئا.. أريد فقط أن يتم حفظ هذه المكتبة»، هذا ما قاله الأستاذ هانى تادرس، بكل محبة وود، مؤكدا أن مشاعره تغيرت تماما بعد أن تابع أصداء الحملة وعرف الكثير عن تاريخ سمير صبرى وصار أكثر اعتزازا بما لديه من تذكارات للمكان.
عشرات الفيديوهات الخاصة والبرامج المختلفة، عشرات الأفلام النادرة، مئات الأفلام الأجنبية الراقية، مئات الحفلات الموسيقية العالمية والمحلية، نوادر السينما المصرى والعالمية، كل شىء فى غاية الدقة، كل شىء فى غاية النظام، كل شريط وله رقم خاص وعليه معلومات كافية بخط يد «سمير صبرى».
كانت فرحتنا عارمة ونحن نطالع هذا الإرث الفنى الكبير، لكن تلك الفرحة لم تكتمل، لأننى فى ذات اليوم أدركت حجم المفقود من تراث سمير صبرى.
كان هنا تاريخ تم محوه
هذا ما قلته حينما شاهدت «مخبأ» سمير صبرى العلوى، والذى كان يحتفظ فيه بتاريخه الفنى وأرشيفه الكامل سواء كفنان أو كمدير لشركة الإنتاج، أرفف خالية، وخزانات فارغة، وعشرات العلب التى كانت تحتوى على دروع تكريمية مختلفة ولكنها الآن تحوى الفراغ.
حققت حملة «لن يضيع» نجاحا ووصلت إلى الكثير من الناس، لكن هذا النجاح لا يكفى إن لم يبادر عشرات بل مئات من أمثال «هانى تادرس» ليفعلوا مثل ما فعل، وحتى تثمر هذه الحملة وتحقق أحلامها على أرض الواقع، بمشروع ثقافى كبير يصون تاريخ رموز مصر ويحفظ مقتنياتهم وإرثهم، لنقول بحق إن تراث مصر «لن يضيع».
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (3)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (5)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (6)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (14)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (15)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (27)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (29)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (30)
إنقاذ مكتبة سمير صبرى السينمائية (31)