شهدت المملكة العربية السعودية بالتزامن مع الزيارة التى بدأها رئيس الصين للمملكة، الأربعاء، انعقاد القمة السعودية ـ الصينية اليوم الجمعة والتى مثلت خريطة جديدة للعلاقات بين المملكة العربية والصين، وجاء البيان الختامى الصادر عنها ليؤكد عزم الجانبين مواصلة التنسيق وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، وأهمية استقرار أسواق الطاقة العالمية، واستقرار الإمدادات الغذائية من القمح والحبوب لجميع دول العالم وعدم انقطاعها، والحفاظ على وفرة المعروض واستقرار الأسعار، وأكدا أهمية استمرار العمل بالتعاون بين البلدين في جميع المجالات وتعميق العلاقات في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة والوصول بها إلى آفاق جديدة وواعدة.
العلاقات السعودية الصينية
اتفق الجانبان أيضا على إعطاء الأولوية للعلاقات السعودية الصينية في علاقتهما الخارجية، ووضع نموذج من التعاون والتضامن والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك للدول النامية، وهنأ الجانب السعودي الصين بنجاح انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، من جانبه أعرب الجانب الصيني عن تقديره للإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة في مجال التنمية الوطنية في إطار رؤية 2030.
وأكدا على مواصلة دعم المصالح الجوهرية لبعضهما بثبات، ودعم كل جانب الجانب الآخر في الحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، وبذل جهود مشتركة في الدفاع عن مبدأ عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، وغيره من قواعد القانون الدولي والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وأكد الجانب السعودي مجددًا على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة.
وبالنسبة للوضع في أوكرانيا، أكد الجانبان أهمية تسوية الخلافات بالوسائل السلمية، وبذل جميع الجهود الممكنة لخفض التصعيد بما يسهم في إعادة الأمن والاستقرار، ويحد من التداعيات السلبية لهذه الأزمة.
الأوضاع في أوكرانيا
وأشار الجانب الصيني إلى مبادرته ذات النقاط الست بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا، وتقديمه لأوكرانيا مساعدات إنسانية، ودعوته لتفادي وقوع أزمة إنسانية واسعة النطاق. وأعرب الجانب الصيني عن تقديره للجهود الإنسانية والسياسية التي بذلتها السعودية في تقديم المعونات الإنسانية لأوكرانيا، والإفراج عن عدد من أسرى الحرب من جنسيات مختلفة، كما أشاد الجانب الصيني بحزمة المساعدات الإنسانية الإضافية التي قدمتها المملكة مؤخرا لأوكرانيا بمبلغ 400 مليون دولار والتى ستسهم في تخفيف معاناة الشعب الأوكراني.
وفيما يخص أمن المملكة، أكد الرئيس الصيني دعمه للمملكة في الحفاظ على أمنها واستقرارها، وأكد معارضته بحزم أي تصرفات من شأنها التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة ورفض أي هجمات تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية والأراضي والمصالح السعودية.
أكد الجانبان على أهمية تعزيز التعاون بينهما من خلال اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، لتحقيق الأهداف المشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات وتكثيف التواصل بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين لبحث الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة، خاصة في مجال الطاقة .
وأشارا إلى أن تطوير وتوطيد التعاون بينهما في مجال النفط يتفق مع المصالح المشتركة للجانبين، وأكد الجانبان على أهمية استقرار أسواق البترول العالمية، ورحبت جمهورية الصين الشعبية بدور المملكة في دعم توازن واستقرار أسواق البترول العالمية، وكمصدّر رئيسي موثوق للبترول الخام إلى الصين. واتفق الجانبان على بحث الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع البتروكيماويات وتطوير المشاريع الواعدة في تقنيات تحويل البترول إلى بتروكيماويات، وتعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات والمشاريع ومنها الكهرباء، والطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة وتطوير المشروعات ذات العلاقة، والاستخدامات المبتكرة للموارد الهيدروكربونية، وكفاءة الطاقة، وتوطين مكونات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعاون في تطوير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والابتكار في قطاع الطاقة.
مبادرات "الحزام والطريق"
كما أكدا على أهمية تعميق التعاون المشترك في مبادرات "الحزام والطريق"، والترحيب بانضمام المؤسسات السعودية المعنية إلى شراكة الطاقة والاستثمارات المختلفة في إطار "الحزام والطريق"، وتعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للشركات الصينية لإنتاج وتصدير منتجات قطاع الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مشاريع الطاقة في دول المنطقة والدول المستهلكة لمنتجات الطاقة في أوروبا وأفريقيا، بما يسهم في تطوير المحتوى المحلي السعودي، ويحقق للصين الاكتفاء الذاتي في قطاع البتروكيماويات من خلال استثماراتها ذات الصلة في المملكة.
التغير المناخى
فيما يتعلق بالتغير المناخي، رحب الجانب الصيني بإطلاق المملكة لمبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وأعرب عن دعمه لجهود المملكة في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة وأقره قادة دول مجموعة العشرين. كما أكد الجانبان على أهمية مبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، واتفق الجانبان على مواصلة التنسيق حول سياسات الطاقة من خلال استخدام الاقتصاد الدائري للكربون كأداة لإدارة الانبعاثات وتحقيق أهداف المناخ، وحث الدول المتقدمة على أن تأخذ مسؤولياتها التاريخية على محمل الجد، وتفي بجدية بتعهداتها وتقوم بتخفيض الانبعاثات بشكل كبير قبل الموعد المستهدف، ومساعدة الدول النامية بشكل ملموس على تعزيز قدراتها على مواجهة تحديات المناخ من خلال الدعم المالي والتقني وبناء القدرات.
اتفاقية شراكة استراتيجية
وفى السياق نفسه، وقع العاهل السعودي والرئيس الصيني وقعا، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبحث الجانبان أوجه الشراكة الثنائية، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب بحث المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وفى هذا الصدد، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودى فيصل بن فاضل الإبراهيم، قوة وعمق العلاقات التي تربط السعودية والصين؛ إذ تضمنت شراكات إستراتيجية قوية بين الجانبين في عدة مجالات؛ تشمل الاقتصاد، ومجالات الطاقة المختلفة، والأمن، والنقل، والبنية التحتية والاستثمار.
وأشار إلى أن المملكة والصين تجمعهما علاقاتٍ وثيقة، أثمرت عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات عدة، وفي 2016م، تعززت العلاقات السعودية - الصينية بشكل كبير، بزيارة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد رئيسِ مجلس الوزراء، إلى الصين حيث رأس الاجتماع الأول للجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى، ووقعا اتفاقية إنشاء اللجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى، ومحضر أعمال الدورة الأولى للجنة.
وأشار أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط الخام عالميّاً، وشريكاً إستراتيجياً، إذْ تصدرت قائمة الشركاء التجاريين للمملكة في مجال التجارة السلعية، حيث بلغ إجمالي الصادرات من المملكة إلى الصين نحو 65.5 مليار ريال في الربع الثالث من 2022، فيما زادت صادرات المملكة إلى الصين بنسبة 29.4% مقارنة بنفس المدة من عام 2021م.
وأوضح أن إجمالي قيمة الواردات إلى المملكة من الصين بلغ 37.4 مليار ريال في الربع الثالث من العام الحالى، وزادت الواردات إلى المملكة من الصين بنسبة 22.9% مقارنة بنفس المدة من عام 2021م، وبلغ حجم التجارة للمملكة في علاقتها مع الصين 102.9مليار ريال في الربع الثالث من 2022، حيث إن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد بلغ 304 مليارات ريال في عام 2021م، وسجَّل التبادل التجاري في الربع الثالث من 2022م 103 مليارات ريال.
34 اتفاقية استثمارية
وخلال فعاليات زيارة الرئيس الصينى للمملكة، شهد ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان ورئيس الصين مراسم تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين، شملت خطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة الهيدروجينية. تبادلها الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير الطاقة، ومن الجانب الصيني رئيس لجنة الدولة للتنمية والإصلاح خه ليفنغ.
واتفاقية للتعاون والمساعدة القضائية في المسائل المدنية والتجارية والأحوال الشخصية، ومذكرة تعاون لتعليم اللغة الصينية وخطة عمل لتفعيل بنود مذكرة التعاون في مجال الإسكان. كما تم منح الرئيس الصيني، شهادة الدكتوراه الفخرية في الإدارة من جامعة الملك سعود.
كما وقعت شركات سعودية وصينية 34 اتفاقية استثمارية، بحضور وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، وممثلى الجهات الحكومية ذات العلاقة بالقطاعات التى تم توقيع الاتفاقيات حولها. وفق "سبق".
وشملت الاتفاقيات بين الجانبين عدة قطاعات فى مجالات الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر والطاقة الكهروضوئية وتقنية المعلومات والخدمات السحابية والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات الطبية والإسكان ومصانع البناء.
وأكد وزير الاستثمار، أن الاتفاقيات تعزز التعاون الاقتصادى بين البلدين وتعكس حرص المملكة على تنمية وتطوير علاقات المملكة فى جميع المجالات؛ ومنها الاقتصادية والاستثمارية مع جمهورية الصين الصديقة.
وأوضح المهندس الفالح، أن هذه الزيارة تعكس حرص قيادتى البلدين على تنمية وتعزيز العلاقات والشراكة بين البلدين فى جميع المجالات، بما فيها الاقتصادية والاستثمارية، مضيفًا أن الزيارة ستُسهم فى رفع وتيرة التعاون الاقتصادى والاستثمارى بين البلدين.
وأوضح أن المملكة وجمهورية الصين الشعبية تجمعهما علاقات راسخة وشراكة وثيقة شهدت تطورًا شاملًا خلال السنوات الماضية، خصوصًا بعد الزيارات المتبادلة بين قيادتى البلدين، التى نتج عنها تعاون مثمر شمل مختلف المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة