فى المشهد الختامى لمسرحية «كنز الدنيا»، اضطرت الأم أن تترك عيد ميلاد أبنها الوحيد «جميل» من أصحاب متلازمة «داون»، بعدما تلقت اتصالا هاتفيا يفيد بتعرض والدتها لأزمة صحية.
وزيرة-التضامن-خلال-عرض-مسرحية--كنز-الدنيا
تركت الأم الشقة بعدما نبهت على «جميل» وأصدقائه فى مدرسة «كنز الدنيا» ومعهم ابن الجيران، أن يعتنوا جيدا بأنفسهم حتى تعود بعد ساعتين، وحينما خرجت استغل شابان الفرصة للدخول إلى الشقة لسرقة «كنز» سمعوا أنه موجود بالشقة.
وفى إطار كوميدى دارت مواقف طريفة بين الأطفال الخمسة «4 من ذووى الهمم وجار جميل» واللصان، انتهت إلى إحكام الاطفال قبضتهم على اللصين بعدما نصبوا لهما كمينا «كوميديا» انتهى إلى ربطهما فى حبل، وحينما وصل والد أحد الاطفال «أشرف عبدالباقى» وعرف بما حدث قال للصين: «انتوا كنتوا بتدوروا على كنز فى البيت تسرقوه، دول هما كنز الدنيا»، فى إشارة إلى جميل وأصدقائه الطلاب فى المدرسة التى فتحت أبوابها لاستقبال ذووى الهمم، لثقل مهاراتهم وإدماجهم فى المجتمع، واستخراج المهارات الكامنة بداخل كل طفل.
المسرحية اسمها «كنز الدنيا»، وفى الختام قال أشرف عبدالباقى إن ذووى الهمم هم «كنز الدنيا»، وهى خاتمة واصفة لهؤلاء الشباب الذين لم يستسلموا لظروفهم الخاصة، فأبدع كل منهم فى المهارة والهواية التى يمارسها، فاستحقوا عن حق لقب «كنز الدنيا».
المسرحية التى نظمت لها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عرضا خاصا لها الخميس الماضى، بحضور لافت من الوزراء والإعلاميين ورجال الفكر السياسة، هى نتاج تلاقى فكرى وعمل مشترك بين الشركة المتحدة ووزارة التضامن، لمناقشة نظرة المجتمع لذوى الهمم من خلال أسرة من الطبقة المتوسطة تكتشف أن مولودها من اصحاب متلازمة «داون»، حيث يؤدى الدور الطفل عمرو هشام، وهو مصاب بمتلازمة داون فعليا، كما يشاركه فى البطولة شباب من ذوى الهمم، منهم من حقق أرقاما قياسية فى السباحة وآخر فى الغطس، وثالث مبدع فى الرسم، وأخرى لديها قدرة خاصة فى تقديم الأغانى بصوت عذب، وأخرون كثيرون، كان لهم دور كبير فى تغيير نظرة المجتمع تجاه ذووى الهمم، بعدما استطاعوا بأياديهم وعقولهم أن يقولوا للجميع إنهم قادرون.
مسرحية-كنز-الدنيا-.
قالوها وفعلوها، ففى ختام العرض تحدث أبطاله وقال أحدهم: «عندنا التحدى والإرادة إننا نعمل كل حاجة، وإحنا فعلا قد التحدى وهنوصل لمستقبلنا إن شاء الله»، كما قالت إحدى البطلات: «من وأنا صغيرة وأنا حلمى أن أكون واقفة على المسرح، وفعلا مش مصدقة انى عملت كده»، نعم فعلوا ما قد نراه صعبا على أطفال فى أعمارهم، وقفوا على خشبة المسرح دون أن يكون لأى منهم سابق خبرة فى مواجهة جمهور المسرح، لكن - ولأنهم قادرون - فحققوا ما تمنوه، وكأنهم متمرسون فى الوقوف على خشبة المسرح لسنوات طويلة، وليست أسابيع قليلة استغرقتها بروفات هذه المسرحية.
أبدع الأطفال والشباب من ذوى الهمم، لدرجة أن الفنان الكبير أشرف عبدالباقى، لم يكن ليصدق نفسه من فرط إعجابه بأدائهم، نعم هو من تولى تدريبهم للوقوف على خشبة المسرح، لكن التدريب شىء، ومواجهة الجمهور شىء آخر، لذلك خرج أشرف بعد العرض وقال: «الحقيقة الشباب دول أسعدونا وسعيد إنى اشتغلت معاهم».
ابطال-مسرحية-كنز-الدنيا
«كنز الدنيا» هى أكبر رسالة للمجتمع، بأن ذوى الهمم هم كنز لا يجب أن يظل مدفونا بيننا، بل علينا أن ننفض عنه الغبار، ونطلق لهم العنان، لأنهم بالفعل قادرون على فعل كل شىء، ليس فقط فى الفن، وإنما فى الرياضة والعلم والمشاركة المجتمعية، فى كل شىء، هم لا يقلون عنا شىء، بل منهم من أفضل منا جميعا، بعدما أتيحت له الفرصة ليخرج المهارات المكبوتة بداخله.
وكما كان رائعا أن نرى ونسمع مقطوعات موسيقية أقل ما يقال عنها إنها رائعة الجمال، من إبداع أعضاء فرقة النور والأمل، فقد كان أداء الفرقة قبل بدء عرض «كنز الدنيا» دافعا لدى كل من حضر هذا العرض ليبقى فى مكانه دون حركة، حتى لا تفوته ولو لحظة واحدة من لحظات الإبداع الذى تجلى على المسرح.
جانب-من-العرض-المسرحى-كنز-الدنيا
تحية تقدير واحترام لكل من فكر فى عمل هذه المسرحية، ومن أسهم فيها بسيناريو أو تمثيل أو أى شىء، لأنها بالفعل فكرة عظيمة، سيكون لها بالغ الأثر مستقبلا حينما تتاح للجميع مشاهدتها، سواء عبر منصة watch it أو قناة DMC بعد ذلك.
المسرحية تحت رعاية وزارة التضامن، ومن تنظيم شركة «تذكرتى» وتنفيذ شركة وورك شوب، وأخرجها للمسرح الفنان أشرف عبدالباقى، وللتليفزيون المخرج الكبير سعيد حامد، وجاءت فكرتها فى إطار جهود الشركة المتحدة لدعم المسرح المصرى الجاد، واكتشاف مواهب جديدة، بالإضافة إلى دمج ذوى الهمم فى المجتمع بشكل أكبر وإبراز المواهب فى كل المجالات، وحيث أسهمت وزارة التضامن فى ترشيح ورعاية مجموعة كبيرة من ذوى الهمم أصحاب المواهب الخاصة أثناء تحضيرات المسرحية، ودعمت المشروع بكل إمكانياتها بالتعاون مع المتحدة للخدمات الإعلامية.
وتعد «كنز الدنيا» أول وأكبر عمل مسرحى يضم مجموعة كبيرة من المواهب الشابة من ذوى الهمم، بالإضافة إلى النجم الكبير اشرف عبد الباقى، والفنانين إبرام سمير، وعلى المصرى، وملك ياسر، وشريف حسنى.
