تمثل أزمة أوكرانيا صداعا فى رأس الرئيس الأمريكى جو بايدن، ليس فقط لكونها واحدة من أكبر أزمات السياسة الخارجية التى يواجهها، ولكن لأنها لها تداعيات كبيرة عليه وعلى الديمقراطيين فى الداخل الأمريكى فى عام الانتخابات النصفية.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس إنه مع استمرار التهديد باحتمالات غزو روسيا لأوكرانيا، فإن تلك الأزمة المتعلقة بالسياسة الخارجية تتصادم مع واحدة من نقاط الضعف السياسي للرئيس الأمريكى جو بايدن، وهى ارتفاع أسعار الوقود فى الداخل.
ارتفاع اسعار النزين
وتشير الوكالة إلى أن الأمريكيين يشعرون بالاستياء بالفعل من التضخم الذى بلغ مستوى غير مسبوق منذ 40 عاما، ويحذر بايدن من أن أسعار الغاز يمكن أن ترتفع بشكل أكبر لو اختار الرئيس الروسى فلاديمير بويتن الغزو. ويمثل هذا اعترافا بالمخاطر التى يواجهها بايدن نفسه قبل الانتخابات النصفية المقرر إجرائها هذا العام، حيث أصبح التضخم أزمة للديمقراطيين على الرقم من النمو الاقتصادى القوى الذى شهدته الولايات المتحدة العام الماضى.
وكان بايدن قد قال يوم الثلاثاء: نحن مستعدون لاستخدام كل الأدوات والسلطات التى لدينا لتقديم الإغاثة فى تدفق الغاز، ونقوم بخطوات فعالة لتخفيف الضغط على أسواق الطاقة الخاصة بنا وتعويض ارتفاع الأسعار.
وبدأت تكلفة النفط الخام والنزين فى الارتفاع خلال الشهر الماضى مع حشد بوتين للقوات الروسية على حدود أوكرانيا. وقالت أسوشيتدبرس إن التناقض الروسى أدى إلى تقويض أسواق المال والسلع حيث يحاول المستثمرون تقدير ما قد يعينه الصراع المسلح والعقوبات الأمريكية ضد روسيا للاقتصاد العالمى.
وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأمريكى الواسع يمكنه امتصاص ارتفاع أسعار الطاقة، فقدت شهدت الأسر الأمريكية ارتفاعا حادا فى أسعار الغذاء والطاقة وغيرها من البضائع. ويريد بايدن فى الأزمة الراهنة التركيز على الكيفية التى تساهم بها فى ارتفاع أسعار البنزين، إلا أن التكاليف فى مضخات الطاقة كانت أعلى بكثير عن العام الماضى، وفشلت الجهود المبذولة لإقناع الأطراف المعنية بمزيد من إنتاج النفط فى الولايات المتحدة وخارجها إلى حد كبير.
وتؤكد الوكالة أن الجمهوريين بالتأكيد لن يمنحوا بايدن مهلة فى ظل التوترات فى الخارج. فقد انتقد زعيم الأقلية الجمهورية فى مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الرئيس بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وقال إن إدارة بايدن تبدو ليس مهتما بمحاولة حل المشكلة بقدر اهتمام بمحاولة إقناع العائلات بأن الألم فى رؤوسهم فقط.
وفى استطلاع أجرته "أسوشيتدبرس" فى ديسمبر الماضى، وجد أن أغلب الأمريكيين، 85%، يقولون إن عانوا من ارتفاع أسعار أكثر من العادة فى مواد البقالة والغاز الشهر الماضى. وفى سؤال مفتوح عن أبرز القضايا التى يجب على الحكومة العمل عليها، قال 10% أسعار الغاز وتكاليف الطاقة، وهو ما وصفته الوكالة بالتحدى السياسى الذى يواجه بايدن.
ويقول جيرارد ديبيبو، الزميل بمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية إنه نظرا لما يشهده العالم، فإن أى زيادة فى أسعار السلع، حتى لو كان هذا مؤقتا، وحتى لو حاول الاحتياطى الفيدرالى عموما تجاوز صدمات العرض الواضحة فى اتخاذ قراراته، فإنها تزيد من المعضلة السياسية، ويضع ذلك البيت الأبيض فى مأزق.
وكانت أسعار البنزين قد تراجعت فى الولايات المتحدة فى الأسابيع التى أعقبت زيادة أنتاج النفط، على الرغم من أن الأسعار تجاوزت منذ ذلك الحين المستويات فى الوقت الذى أعلن فيه بايدن عن التراجع. ويكن أن يكرر بايدن الخطوة لو فشلت الدبلوماسية فى إقناع روسيا بالتراجع.
بينما يبحث أعضاء الكونجرس عن طرق أخرى لتخفيف الآلام. ودعا بعض النواب إلى وقف ضريبة البنزين الفيدرالية، لكن البيت الأبيض لم يعلن بعد ما إذا سيدعم هذه الخطوة أم يستبعدها.