تتزايد المخاوف الغربية فى الصراع بين أوكرانيا وروسيا، وخاصة فى أوروبا، وأدت هذه الأزمة إلى انقسام أوروبى، حيث باستثناء دول البلطيق وبولندا تعتبر باقى الدول أن الخطة الأمريكية لأوروبا تعنى انتحارا، كما حذر الاتحاد الأوروبى، من "التلاعب بالمعلومات" لدعم الأعمال المزعومة التى من شأنها أن تبرر تصعيدًا عسكريًا فى أوكرانيا.
وقال الدبلوماسى الأوروبى جوزيب بوريل فى بيان نيابة عن الكتلة "الاتحاد الأوروبى قلق للغاية بشأن حقيقة أن العمليات المرحلية، ويمكن أن تستخدم كذريعة لتصعيد عسكرى محتمل"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبى يشهد أيضًا تكثيفًا لجهود التلاعب بالمعلومات لدعم تلك الأهداف"، حسبما قالت صحيفة "الموندو" الإسبانية.
كما أدان الاتحاد الأوروبى، استخدام الأسلحة الثقيلة والقصف "العشوائى” لمناطق مدنية بشرق أوكرانيا، وحذر من "أحداث مدبرة" يمكن أن تستخدم كذريعة لتصعيد عسكرى محتمل.
وفى هذا الجو من التوتر المتزايد فى الصراع بين أوكرانيا وروسيا، دعت ألمانيا وفرنسا والنمسا اليوم مواطنيها إلى مغادرة أوكرانيا "بشكل عاجل". بالإضافة إلى ذلك، رأى وزير الداخلية الأوكرانى، دينيس موناستيرسكى، كيف انفجرت عشرات القذائف على بعد مئات الأمتار منه عندما كان يزور خط المواجهة مع الانفصاليين الموالين لروسيا.
وأعلنت كرواتيا أنها تسحب جنودها من الناتو حال نشوب صراع مع روسيا، وأعلنت الحكومة البلغارية أنها لن يشارك فى الصراع المحتمل مع روسيا أى جندى بلغارى دون موافقة البرلمان، وبالنظر إلى انقسام البرلمان، ومطالبة عدد من أعضائه بانسحاب القوات الأمريكية من البلاد، فإن ذلك يعنى منطقياً أن بلغاريا لن تشارك فى أى مغامرة معادية لروسيا.
كما رفضت الحكومة المجرية هى الأخرى استضافة وحدة من وحدات "الناتو"، قائلة إنها ستضمن أمن البلاد بنفسها. أما وزير خارجية إيطاليا، ووزير المالية الفرنسى، فقد اعترفا بأن "السيل الشمالي-2" هو أمر حيوى بالنسبة لأوروبا.
ومن ناحية أخرى، فقد أبلغ الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، نظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون، بتدهور الأوضاع فى شرق البلاد، حيث يتهم الجيش الأوكرانى والانفصاليون الموالون لروسيا بعضهم البعض بشن هجمات عنيفة، وكتب زيلينسكى على حسابه على تويتر بعد مشاركته فى مؤتمر ميونيخ للأمن: "أجريت محادثة عاجلة مع الرئيس إيمانويل ماكرون".
ومن بين الأمور التى نتجت عن الأزمة فى أوكرانيا، أشارت صحيفة "الباييس" الإسبانية إلى أنه تم تأجيل مباراة أوكرانيا وإسبانيا، المقابلة لمرحلة التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2023 والتى كانت مقررة يوم الأحد 27 فبراير فى كييف، وستقام أخيرًا فى نافذة يونيو ويوليو القادمة "بسبب انعدام الأمن فى المنطقة. الوضع الدولى الحالى "، يبلغ الاتحاد الإسبانى لكرة السلة (FEB).
وعلق الأمين العام لحلف شمال الأطلسى، ينس ستولتنبرج على الأزمة القائمة فى أوكرانيا قائلا "لا أدلة بشأن أى انسحاب روسى من حدود أوكرانيا،. موسكو تواصل حشدها العسكرى”، مضيفا أن "أوروبا تمر بفترة خطيرة، وسنواصل العمل الدبلوماسى، لكن موسكو لم تظهر أى إشارات على الرغبة فى تخفيف التوتر".
وفى خضم الزيارة الأخيرة للمستشار الألمانى، أولاف شولتز، إلى واشنطن، أثناء مؤتمر صحفى، رفض شولتز وضع خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي-2" ضمن أهداف العقوبات المناهضة لروسيا، وهو خط الأنابيب الذى تؤيد إطلاقه بشدة إلى جانب ألمانيا النمسا.
كما انقسم الرأى العام الإسبانى حول التدخل الإسبانى فى الحرب فى أوكرانيا، ويعتقد 48% ممن شملهم الاستطلاع الذى قام به معهد إلكانو الملكى أن إسبانيا يجب أن تشارك إذا تدخل الناتو لدعم أوكرانيا، ورفض 52% هذا الخيار، وفقا لصحيفة "الموندو" الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة التأييد للمشاركة العسكرية الإسبانية تزداد بين الرجال (54٪) وأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا (52٪) وأولئك الذين يتعاطفون مع اليمين (54٪) ؛ بينما الرفض هو الغالبية بين النساء (58٪) بين 18 و29 عاما (62٪) واليسار (59٪). ينعكس هذا فى أحدث مقياس لمعهد إلكانو الملكى، وهو مركز بين القطاعين العام والخاص للدراسات الاستراتيجية. تستند الدراسة إلى 500 مقابلة هاتفية أجريت فى الفترة ما بين 7 و12 من الشهر الجارى.
قدم المعهد فى وقت واحد مقاييسه لشهرى نوفمبر وفبراير، مما يوضح إلى أى مدى أثار تكديس القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا إنذارات فى المجتمع الإسباني: قبل ثلاثة أشهر فقط 5٪ ممن شملهم الاستطلاع أشاروا إلى روسيا من بين التهديدين الخارجيين، لأمن إسبانيا.
ومن ناحية أخرى، تؤكد الدراسة قلة دعم المجتمع الإسبانى لمواقف الخوف من أوروبا: 91٪ يعتبرون عضوية إسبانيا فى الاتحاد الأوروبى مفيدة، مقارنة بـ 8٪ يعتقدون أنها ضارة. فى أبريل 2014، عندما كانت سياسات التقشف المفروضة خلال الأزمة الاقتصادية لا تزال جديدة، كان الفارق سبع نقاط فقط (49٪ -42٪). وذلك على الرغم من حقيقة أن 75٪ ممن شملهم الاستطلاع يقرون بأنهم لا يعرفون ما هى صناديق الجيل الجديد التابعة للاتحاد الأوروبى، والتى بدأت إسبانيا فى تلقى ما يصل إلى 140 ألف مليون منها، بين الإعانات والائتمانات.
ويقوم الغرب الآن بوضع اللمسات الأخيرة على حزمة من العقوبات التى ينبغى أن تفضى إلى قطع كامل للعلاقات بين أوروبا وروسيا. والتى يُزعم أنها لن تدخل حيز التنفيذ سوى فى حالة "الغزو الروسى لأوكرانيا"، لكن من الواضح أنه بمجرد الموافقة على مسودة مشروع العقوبات، والموافقة عليها، ستنظم واشنطن على الفور استفزازاً أوكرانياً فى إقليم الدونباس، من أجل الحصول على رد من جانب روسيا، وبالتالى ذريعة لفرض عقوبات شاملة.