منيت أسواق المال الروسية، اليوم الخميس، بموجة هبوط حاد إثر تدافع مستثمرين على عمليات بيع مكثفة للأسهم والسندات الروسية؛ وسط مخاوف من عواقب وخيمة على الاقتصاد وأسواق المال الروسية جراء العقوبات الإضافية المتوقعة التى تعتزم الولايات المتحدة وأوروبا توسيع نطاقها رداً على الغزو الروسى لأوكرانيا.
وتلقى مؤشر سوق المال الروسى "آر تى إس" ضربة كبيرة فى تعاملات اليوم الخميس أفقدته 40 فى المائة من قيمته، فى هبوط مذهل أوقف مسيرة المكاسب التى جناها السوق والمؤشر على مدار الأعوام الثلاثة عشر الماضية. وقفزت عوائد سندات الحكومة الروسية لأجل عامين لتصل إلى 7ر15 فى المائة لتقفز خلال يوم واحد فقط بنسبة 5ر4 نقطة مئوية.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الاقتصادى البارز فى "كابيتال إيكونوميك"، جوناس جولتيرمان، قوله "الأسواق تتفجر بشكل جوهري، فمجرد التهديد بفرض عقوبات تسبب فى ذلك".
وألقى بدء عمليات الغزو الروسى لأوكرانيا وخشية توسيع نطاق الصراع فى القارة الأوروبية بظلال وخيمة على أسواق المال الأوروبية والأميركية، ففى نيويورك هبط "مؤشر داو جونز الصناعي" بنسبة 5ر2 فى المائة فاقداً أكثر من 800 نقطة عند افتتاح التعاملات اليوم، وخسر مؤشر "داكس" الألمانى 5 فى المائة من قيمته فيما انسحب التراجعات المتفاوتة إلى أسواق المال فى باريس ولندن.
جاءت تراجعات أسواق المال، فى وقت يتشاور فيه الرئيس الأميركى جو بايدن مع زعماء الدول الديمقراطية الصناعية السبع الكبرى G7 بشأن خطط معاقبة روسيا على شن غزو على أوكرانيا. ومن المقرر أن يكشف الرئيس بايدن فى غضون الساعات القليلة المقبلة عن حزمة إضافية من العقوبات المقررة على روسيا، والتى يُتوقع لها أن توجه ضربات قوية لأهم مؤسسات مالية روسية.
وكان الرئيس الأميركى قد أعلن - الثلاثاء الماضي، فى أعقاب قرار الرئيس الروسى بوتين بدخول قواته شرق أوكرانيا - حظر التعامل مع مصرفين روسيين رئيسيين، ومنع المستثمرين الأميركيين من شراء السندات الحكومية الروسية.
غير أن البنكين الذين خضعا لعقوبات الثلاثاء- "فى إى بي" و"برومسفيازبنك"- يعدان من المصارف التى تركز عملياتها على التمويلات المحلية والداخلية. كما أن الحكومة الروسية لم تبد اهتماما كثيراً فى الفترات الأخيرة بالحصول على تمويلات جديدة من المستثمرين الأجانب عبر سندات الحكومة، فضلا عن انحسار تأثير هؤلاء المستثمرين بالنسبة للنظام المالى الروسي.
وتعلق نائبة كبير الاقتصاديين فى "معهد التمويل الدولي" IIF، إلينا ريباكوفا، "إنها (البنوك الروسية) ليس لديها عجز فى التمويل، فهى ليست بحاجة ماسة إلى المال، فالقطاع المصرفى يتمتع بسيولة كافية للغاية، ولديهم أموال إضافية غزيرة من حولها".
كانت الدفعة الأولى من العقوبات التى أطلقتها إدارة بايدن لاقت انتقاداً من بعض الجمهوريين، حتى بعد إعلان الرئيس الأميركى إضافة عقوبات جديدة تستهدف الشركات التى تساند خط أنابيب الغاز الروسى المثير للجدل (نورد ستريم 2)، واعتبر جمهوريون أنها عقوبات دون المستوى وغير كافية لردع الروس ودفعهم إلى تجنب غزو أوكرانيا.
بيد أن مستثمرين غربيين توقعوا أن يتكبد الاقتصاد الروسي، الذى يبلغ حجمه 5ر1 تريليون دولار- أى أقل من اقتصاد ولاية نيويورك- خسائر فادحة ومتصاعدة مع استمرار الأزمة وطول أمدها.
وتشير أرقام "معهد التمويل الدولي" IIF إلى أن مؤشر الفائدة الروسية الرئيسى على مدى اثنى عشر شهراً يرتفع كثيراً عن 10 فى المائة، وهو ما يحمل فى طياته مخاطر أن ينزلق الاقتصاد الروسى إلى موجة ركود. ومن المؤشرات المهمة الأخرى التى يرصدها المعهد تكلفة التأمين على التمويل الحكومي، التى تضاعفت فى غضون أسبوع واحد، فالمستثمر الأجنبى يحتاج حالياً إلى إنفاق 431 ألف دولار لتأمين سندات حكومية روسية قيمتها 10 ملايين دولار خشية أن تفشل موسكو فى إعادة سداد ديونها الحكومية، وهو أعلى مستوى تأمين على السندات منذ أكثر من 7 سنوات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة