دفع الغزو الروسى لأوكرانيا، يوم الخميس الماضى، أسعار النفط بالأسواق العالمية إلى تجاوز حاجزالـ 100 دولار للبرميل وذلك لأول مرة منذ عام 2014، حيث اقترب خام القياس العالمى برنت من تسجيل 105 دولارات للبرميل وسط المخاوف من احتمال أن تؤدى العقوبات الأميركية الأوروبية إلى تعطل الإمدادات النفطية، حيث تعد روسيا ثانى أكبر منتج للنفط عالميا.
ويشهد الأربعاء القادم اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها ومنهم روسيا أو ما يعرف بتحالف "أوبك بلس " وذلك لتحديد ما إذا كان سيتم الالتزام بالاتفاق الحالى للإمدادات النفطية والذى يتضمن الإنتاج 400 ألف برميل يوميا فى شهر أبريل، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا هل من الممكن أن يعلن تحالف أوبك بلس زيادة معدلات الإنتاج من أجل إحداث التوازن بأسواق النفط والحد من ارتفاعات الأسعار فى ظل ما يحث على الساحة العالمية من الغزو الروسى لأوكرانيا وتأثر الأسعار بهذا الشكل ؟
وفى هذا الإطار يؤكد خبراء النفط، أن أسعار النفط قد شهدت تراجعا وذلك بعد القفزة التى شهدتها الأسعار يوم الخميس الماضى مع بداية الغزو الروسى لأوكرانيا وقلصت أسعار النفط أمس الجمعة من المكاسب مع التأكد من استبعاد الطاقة من العقوبات على روسيا وأيضا أحد أسباب التراجع فى أسعار النفط عدم تأثر البنية الامدادات النفطية من جراء الاعتداء.
وأضاف الخبراء، أنه فى حال تقليل الإمدادات النفطية الروسية لأى سبب أو فرض عقوبات عليها من الممكن فى هذه الحالة أن يلجأ تحالف "أوبك بلس" لزيادة الإمدادات النفطية من أجل احداث التوازن بالأسواق العالمية للنفط وذلك من خلال المساهمة بالطاقة الإضافية المتاحة حسب القدرات المضافة، حيث تستجيب أوبك بلس "لوضع العرض والطلب بأسواق النفط.
وتابع خبراء النفط، أنه قد يلجأ تحالف " أوبك بلس "إلى ضخ كميات إضافية حسب القدرات الفائضة لدى الدول الاعضاء فى تحالف اوبك حسب متطلبات وضع السوق العالمة للنفط.
وذكر خبراء النفط، أنه بخلاف محددات العرض والطلب بأسواق النفط هناك كميات متاحة ما يطلق عليها " النفط العائم" وهى قادرة على تلبية الطلب العلمى للنفط فى أوقات الأزمات المفاجئة لسد ذروة الطلب فى وقت الأٍزمات لافتا أن أحد الخيارات المتاحة أيضا هو اللجوء إلى السحب من المخزون الاستراتيجى فى حال نفص الإمدادات لبعض الدول وتمتلك الولايات المتحدة أكبر مخزون استراتيحى من النفط فى العالم.
ودعا السناتور الأمريكى مارك كيلى وهو ديمقراطى من ولاية أريزونا الرئيس بايدن إلى الإفراج عن النفط من المخزون الوطنى ودعم التشريع لتعليق ضريبة الغاز الفيدرالية فى عام 2022 حيث يسعى لإعادة أسعار الغاز التى ارتفعت بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وفقا لصحيفة ذا هيل، كتب كيلى رسالة إلى بايدن يحثه فيها على الإفراج عن النفط من الاحتياطى البترولى الاستراتيجى، وهى خطوة اقترح الرئيس فى وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيفعلها.
وكتب كيلى فى رسالته: "مع استمرار روسيا فى هجومها غير المبرر على أوكرانيا، يمكن أن يظل متوسط سعر النفط الخام أعلى من 100 دولار للبرميل ويدفع سعر النفط العادى الخالى من الرصاص أعلى مما هو عليه الآن".
وتابع: "لا يمكن للأسر الكادحة أن تستمر فى تحمل المصاعب الاقتصادية لارتفاع أسعار الغاز بينما تدفع بالفعل ثمن أغلى مقابل البقالة والأدوية. حتى قبل الأزمة فى أوكرانيا، كانت عائلات أريزونا تكافح مع تكاليف التضخم".
كما دعا كيلى بايدن إلى دعم مشروع قانون رعاه، قانون تخفيف أسعار الغاز، والذى من شأنه أن يعلق ضريبة الغاز الفيدرالية 0.18 لكل جالون لبقية العام، لا يزال التشريع عالقًا فى الكونجرس وواجه مقاومة من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين.
تعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط فى العالم وارتفعت السلعة بعد غزو أوكرانيا، لكن كيلى أشار إلى أن الولايات المتحدة هى الرائدة فى إنتاج الغاز الطبيعى ويجب أن تستخدم ذلك لمواجهة "العدوان الروسي".
قال بايدن يوم الخميس، إنه ينسق مع الدول المنتجة للنفط ويفكر فى الإفراج عن احتياطاته الخاصة، وقال خلال مؤتمر صحفى: "سأفعل كل ما فى وسعى للحد من الألم الذى يشعر به الناس"، ومع ذلك، فإن الرئيس الأمريكى لديه قدرة محدودة على رفع أو خفض أسعارها، وأطلق بايدن بالفعل 50 مليون برميل من احتياطى البترول فى ديسمبر بسبب ارتفاع أسعار الغاز المرتبط بالتضخم.
لكن كيلى قال فى رسالته: "إن إصدارا آخر، خاصة إذا تم بالتنسيق مع حلفائنا ودول أخرى، يمكن أن يساعد فى الحد من ارتفاع أسعار النفط والأسعار المقابلة التى يدفعها الأمريكيون"، وكتب السناتور "كأميركيين، فإن تصميمنا على حماية الحرية والتمسك بسيادة القانون يضمن أن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة تجاه الشعب الأوكرانى وحلفائنا فى الناتو". "الرئيس بوتين يعول على ارتفاع أسعار الطاقة للضغط على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي."
قالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يقيد قدرة الولايات المتحدة على معاقبة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على غزوه لأوكرانيا، مشيرة إلى أن جهود أمريكا لإلحاق ألم اقتصادى بروسيا قد تتعثر إذا أدت العقوبات إلى زيادة أسعار الطاقة.
وتعد الولايات المتحدة أكبر فى منتج فى العالم لخام النفط والغاز الطبيعى، لكن بالنسبة للنفط تحديدا، فإن الأسعار يتم تحديدها فى السوق العالمية. وفى وقت مبكر من يوم الخميس تجاوز سعر خام برنت 105 دولارات للبرميل مع بدء الغزو الروسى لأوكرانيا.
وخلال خطابه، قال بايدن، إنه سيفعل كل ما بوسعه للحد من الألم الذى يشعر به الشعب الأمريكى من ارتفاع أسعار الغاز، مشيرا إلى أن هذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة له. ورأت واشنطن بوست أن هذه التعليقات تسلط الضوء على واحدة من أكبر المشاكل المعقدة التى تواجه إدارة بايدن وقادة أوروبا وهم يعتمدون على العقوبات للتعامل مع بوتين، وهى هل يمكنهم فرض ضغوط كافية على موسكو دون خنق النفط والغاز، وهو العمود الفقرى لاقتصاد البلاد.
وكانت العقوبات التى أعلنت عنها الولايات المتحدة واوروبا أمس، الخميس، قد شملت بعض أكبر البنوك الروسية والأثرياء الروس، كما سعت إلى قطع الصادرات الغربية من المواد التكنولوجية المتطورة.
لكن حتى الآن لا تستهدف تلك العقوبات بشكل مباشر مبيعات روسيا من النفط والغاز، التى تمثل حوالى نصف عائدات التصدير للبلاد العام الماضى، وقد تعززت بفعل ارتفاع أسعار السلع الأساسية فى الآونة الأخير، وتعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط الخام فى العالم وثانى أكبر منتج للغاز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة