ذكر تقرير لمنصة "يورو أكتيف" الإعلامية المتخصصة فى الشؤون الأوروبية، أن العالم يواجه موجات من الصدمات القوية بسبب العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، لاسيما دول غرب البلقان، والتى تعانى من التوترات العرقية والسياسية وطالما حافظت على العلاقات القوية مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وبينما تصطف معظم دول هذه المنطقة إلى جانب أوكرانيا والغرب، إلا أنه يسودها ترقبا مشوبا بالحذر بسبب النفوذ الروسي القوي لوجود أكبر حليف للروس بالمنطقة وهو صربيا، التى لا تزال ملتزمة الصمت حتى الآن حيال ما يجري فى أوكرانيا، فيما يرى مراقبون أن "الحرب الروسية ضد أوكرانيا" يمكن أن تؤثر سلبيا على السلام الإقليمى الهش فى منطقة غرب البلقان .
وذكر التقرير أن العلاقات بين دولة مثل ألبانيا باردة نوعا ما مع روسيا وتأزمت على مدار السنوات القليلة الماضية؛ حيث اقتصر نشاط السفارة الروسية فى تيرانا على التبادل التعليمى والثقافى وتسببت رسالة من وزارة الخارجية الروسية تضمنت مجموعة من المطالب الأمنية في إثارة ضجة في البرلمان الألباني فى فبراير الماضي عندما وصف رئيس ألبانيا الأسبق صالح رام بريشا روسيا بأنها "قوة شريرة" واتهمها بمحاولة تدمير الناتو وأنها تعد "مصدر تهديد لكل ألباني".
وأعلنت ألبانيا الدولة المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والعضو في حلف الناتو منذ عام 2009، عن خطط لبناء قاعدة جوية تابعة لحلف شمال الأطلنطي في جنوب البلاد بمطار كوكس الشمالي.
من جانبه، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ألبانيا إلى جانب البوسنة والهرسك وكوسوفو بإرسال مرتزقة للقتال في أوكرانيا، بينما نفت الحكومة الألبانية هذه المزاعم، وانتقد محللون محليون مزاعم إمكانية "بيع وتجنيد" الألبان لهذا الغرض.
في الوقت نفسه، أثيرت مخاوف من أن روسيا يبدو أنها تستهدف ألبانيا بمعلومات مغلوطة، مما قد يؤدي إلى مخاوف من تأجيج التوترات العرقية طويلة الأمد واستغلالها مرة أخرى كونها ذات الأغلبية المسلمة الوحيدة في المنطقة، بحسب تقرير منصة "يورو أكتيف".
وقد أدان القادة في ألبانيا من جميع جوانب الأطياف السياسية، بما في ذلك الرئيس الألباني، الحرب على أوكرانيا وتعهدوا بالتضامن مع حلف شمال الأطلسي وأوروبا.
وحذرت تقارير دولية من تدخل ألبانيا في صراع إقليمي أو دولي لا تستطيع تحمله بوصفها حليف للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي وبالتالي وقوعها في مرمى نيران موسكو.
ويشير التقرير إلى أن الوضع في كوسوفو أكثر حرجا مما عليه الحال في ألبانيا؛ فالتوترات أشد إلى حد ما بشأن ما يمكن أن يعنيه "غزو أوكرانيا" والسبب في ذلك الصراع المستمر منذ عقود مع صربيا الموالية لروسيا والتي لا تعترف بكوسوفو كدولة مستقلة. ويثير هذا الأمر المخاوف من أن اندلاع الحرب في أوكرانيا يمكن أن يشجع صربيا على التحرك صوب المناطق الشمالية بكوسوفو والتي يسكنها في الغالب الصرب العرقيون.
ويواصل التقرير أنه بالرغم مما سبق ذكره، فإن ما فعلته روسيا في أوكرانيا عندما أعلن بوتين اعترافه من جانب واحد بمنطقتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين يوم الاثنين الماضي يمنح كوسوفو الذريعة في الاستمرار بالمطالبة بالاعتراف بها، حيث لم تعد صربيا قادرة على الاعتماد على روسيا في دعم إنكارها لسيادة كوسوفو، لتجد صربيا نفسها في موقف صعب وهي التي اعتمدت منذ فترة طويلة على دعم روسيا في المنطقة وحول قضية كوسوفو.
ووفقا للتقرير، تؤيد كوسوفو بقوة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتدين بالكثير لحلف شمال الأطلنطي الذي أنقذها من الهجوم الصربي والإبادة الجماعية خلال حرب كوسوفو وصربيا. ومثل ألبانيا، أعلنت كوسوفو تأيدها بقوة لأوكرانيا وتعهدت بالتضامن الكامل مع كييف، حيث أكدت الرئيسة فجوزا عثماني أنها تعمل مع الحلفاء لمنع أي زعزعة للاستقرار في المنطقة، وذلك بعد اجتماع عثماني مع السفير الأمريكي جيف هوفينير في بريشتينا الأسبوع الماضي.
أما حكومة شمال مقدونيا، أحدث عضو إقليمي في حلف شمال الأطلنطي الناتو، فأعلنت من جانبها أنها مستعدة لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين إذا لزم الأمر وذلك قبل عدة أيام من الغزو الروسي. كما أعلنت وزارة الدفاع النظر في المشاركة في مهمة محتملة لحلف شمال الأطلنطي، كذلك أدان رئيس شمال مقدونيا، ستيفو بنداروفسكي، بشدة يوم الخميس الماضي الغزو الروسي، قائلا: "إن غزو روسيا لأوكرانيا هو اعتداء على وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها وانتهاك خطير للمبادئ الأساسية للقانون الدولي وضربة للنظام الديمقراطي وتهديد لاستقرار أوروبا".
من جهة أخرى، كان موقف كرواتيا واضحا؛ حيث أدان الرئيس الكرواتي، زوران ميلانوفيتش، بشدة الغزو الروسي، وهو الذي اشتهر بالهجوم على أوكرانيا مؤخرا، بينما أشادت بعض الجماعات اليمينية والراديكالية في كرواتيا بالرئيس الروسي بوتين ووصفته بـ"الرجل القوي"، برغم من أن كرواتيا ليست على وفاق مع روسيا بسبب قرب سياسات موسكو (روسيا) وبلجراد (صربيا).
أما الوضع في البوسنة والهرسك فيظل هادئا لكن يشوبه الترقب لبلجراد التي التزمت الصمت إلى حد كبير حتى الآن.
وتعتزم قوة الاتحاد الأوروبي في البوسنة والهرسك (يوفور) مضاعفة عدد أفرادها العسكريين في البلاد لردع مخاطر عدم الاستقرار في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا حيث سيتم نشر ما يقرب من 500 فرد جديد في البوسنة والهرسك خلال الأسبوعين المقبلين من النمسا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا لينضموا إلى قوة الاتحاد الأوروبي الحالية البالغ عددها 600 فرد والمتمركزة في البوسنة والهرسك منذ عام 2014.
وبحسب قوة "يوفور" فإن "تدهور الوضع الأمني على المستوى الدولي سيؤدي إلى عدم الاستقرار في البوسنة والهرسك وسيكون من المهم دعم قوة الاتحاد الأوروبي والحفاظ على سلامة أراضي البوسنة والهرسك وسيادتها " حيث ظلت البوسنة والهرسك تحت تهديد الكيان الصربي لسنوات.
أما في جمهورية الجبل الأسود، فقد دعا رئيس وزرائها، زدرافكو كريفوكابيتش، روسيا للعودة إلى الدبلوماسية، وأدان بشدة العدوان الروسي على أوكرانيا.