يواصل مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، في جلساته العامة مناقشة واحداً من أهم التشريعات في تنظيم العمل بالقطاع الخاص حيث مشروع قانون بإصدار قانون العمل والمقدم من الحكومة.
وفي هذا الصدد، نستعرض تفصيلاً التطور التاريخي لقانون العمل والسبب في إعداد تشريع جديد :
1- لقـد تـطـور قـانون العمـل تطـوراً سريعاً منذ بداية القرن التاسـع عشـر مـع بـزوغ فجـر الثـورة الصناعية في مختلف البلدان، ومـع ظهـور الفكر الرأسمالي ومـا نـتج عنـه مـن تحقيـق ثـروات ضخمة خلال عقـود قليلـة أظهرت قصـوراً في العلاقة بين صاحب العمل والعامل، نتج عنها ردود فعل اجتماعية واقتصادية وسياسية ألقت بظلالها على العمال ، وأضـحى بما لا يدع مجالاً للشك ضـرورة التدخل لحمايـة العمـال مـن تعسـف بعـض أصحاب الأعمـال ومـا نتج عنـه مـن اسـتغلال لجهـود الـعمـال دون تقديم الأجـر العـادل لهـم، فضـلاً عـن عـدم وجـود ضـوابط للرعايـة الصـحية والتأمينية وما تتطلبه قواعد الصحة والسلامة المهنية وتأمين بيئة العمل، مصر ومـع بدايـة القـرن العشرين.
2- بـدأت أغلـب الـدول فـي جـهـود إعـداد قـوانين العمـل، وقـد شـهدت عدداً ليس بالقليـل مـن التشريعات التي تتبنى هذه الفكرة الهامة، فقـد صـدر مـن هذه القوانين القانون رقم 48 لسنة 1933 في شأن تشغيل الأحـداث، والقانون رقم 80 لسنة 1933 في شـأن تشغيل النساء ، والقانون رقم 64 لسنة 1936 في شأن إصابات العمل، وصدر القانون رقم 72 لسنة 1940 بشـأن تنظيم ساعات العمل في المحال التجارية ودور الصناعة، ثـم صـدر القانون رقم 85 لسنة 1942 بشـأن النقابات العماليـة، والقانون رقم 41 لسنة 1944 بشـأن عقـد الـعمـل الفردي ، وتوالى صدور القوانين المنظمة لعلاقات العمل المختلفة علـى هـذا النحـو حـتـى صـدور القانون رقم 91 لسنة 1959 في شأن قانون العمل، الذي يعد البداية الحقيقية لقانون موحـد يـنظم علاقات العمل.
2- في عام 1981 صـدر قانون العمـل رقم 137، وبصدور هذا القانون تأكـد لـدى عناصر علاقة العمـل كـافـة عـزم الدولة على المضي قدماً في الاهتمام بعلاقات العمـل إلـى أن صدر القانون رقم 12 لسنة 2003 والمعمول به حتى الآن.
3- إلا أنـه وببـزوغ فجـر القـرن الحادي والعشرين ودخـول عالمنا المعاصـر حقبة زمنيـة جـديـدة تختلـف عـن المراحـل السـابقة كافـة، تتميـز بخصـائص متنوعـة فـي الإنتـاج والتبادل التجـاري وعلاقات العمـل ومـا ينتج عنها، فقد أصبح لزاماً على الدول الراغبـة فـي تطـوير آلياتهـا السـوقية كافـة أن تبحـث عـن مفهـوم جـديـد لقانون العمل لتحقيق التوازن والعدالة بين طرفى علاقة العمـل، وصولاً إلى آفاق رحبـة مـن التعاون والتفاهم والتشاور بينهما لتحقيق المصلحة المنشودة لكـل طـرف وليس لطـرف علـى حسـاب الطرف الآخر ودون تهميش لدور الدولة ومؤسساتها باعتبارهـا الحـاكم لهذه العلاقة، لذا فقـد جـاء مشروع قانون العمل الجديد ليجسـد هـذه التطلعات ويحولهـا إلـى واقـع ملموس ينبض بالحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة