شن الدكتور يوسف إدريس، هجوما ضاريا على الشيخ محمد متولى الشعراوى، فى كتابه «فقر الفكر وفكر الفقر»، لكنه تراجع ولم يكتف باعتذاره فى «أخبار اليوم»، 8 فبراير، مثل هذا اليوم، 1986، بل قال: «الشيخ الشعراوى أهم ظاهرة دينية إسلامية ظهرت منذ أيام الأئمة الأربعة».
بدأت القصة منذ نشر كتابه «فقر الفكر وفكر الفقر» فى نهايات 1985، وشمل قضايا كثيرة كان أكثرها سخونة انتقاده للشيخ الشعراوى، والدكتور مصطفى محمود «دون أن يسميه» من خلال برنامجه التليفزيونى «العلم والإيمان»، لكنه خص «الشعراوى» بعبارة هى: «يتمتع بكل خصال راسبوتين المسلم، لديه قدرة على إقناع الجماهير البسيطة، وقدرة على التمثيل، والحديث بالذراعين وتعبيرات الوجه»، وكانت هذه العبارة هى محور التحقيق الذى كتبه الكاتب الصحفى محمد عبدالقدوس، وحمل ردودا عليها من شخصيات ثقافية وسياسية رفيعة ومسؤولة، ونشرتها «أخبار اليوم، 1 فبراير 1986».
وصف الدكتور أحمد هيكل، وزير الثقافة، عبارة إدريس، قائلا: «هذا كلام ساقط يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية والوطنية، والشيخ الشعراوى مفخرة لمصر، فحرام أن يأتى كاتب مصرى ليحاول النيل منه بهذه الطريقة وتلك السخرية».. وقال سعد الدين وهبة، رئيس لجنة الثقافة بالحزب الوطنى: «هذا كلام لا صلة له بأى فكر أو ثقافة أو كتابة، بل هو سقوط من الكاتب وإسفاف فى الحديث»، وقال أحمد الخواجة، نقيب المحامين: «هذا الكلام لا صلة له بالخلاف فى الرأى، بل قذف فى حق الآخرين»، وقال ممتاز نصار، زعيم المعارضة الوفدية فى مجلس الشعب: «إنه السقوط، سقوط الكاتب، بينما يبقى الشيخ الشعراوى فى مكانته عاليا شامخا».
غضب «إدريس» مما فعله «عبدالقدوس» فرد بعنوان «توضيح عاجل واعتذار» فى مقاله الأسبوعى بالأهرام 3 فبراير 1986 قائلا: «حمل محرر « لم يسميه» كنت أعتبره زميلا فاضلا، وابن زميل فاضل يعمل فى صحيفة أسبوعية، أول أمس رأيا هو بالتأكيد خطأ فنى مطبعى سقط إصلاحه سهوا وبحس نية من أحد كتبى، حمل هذا الرأى إلى المثقفين باعتباره قذفا فى حق فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى، ليأخذ رأيهم فيه واستنكروا جميعا هذا الخطأ، وأنا معهم أستنكره بشدة، فأنا لا يمكن أن أتولى بنفسى أى تجريح لشخصية عظيمة كشخصية الشيخ الشعراوى، وكنت قد صححت الجملة ولكن التصحيح لم ينفذ فى «بروفات» كتاب «فكر الفقر وفقر الفكر»، مما جعل الفقرة تبدو هجوما غير معقول أن يصدر منى، حين راح يستثير الناس ضدى بطريقة ظالمة وتجاه فضيلة الشيخ متولى الشعراوى، الذى أكن له رغم الفوارق الفكرية أعمق آيات الود والتقدير والحب والاحترام، فأنا وحتى وأنا فى قمة الاختلاف معه حين اتهمنا أنا والأستاذين الجليلين توفيق الحكيم وزكى نجيب محمود، بالكفر، رددت عليه فى هذه الصفحة ردا كان عنوانه «عفوا يا مولانا».. واختتم «إدريس» توضيحه بقوله: «إذا أردتم أيها الخبثاء الوقيعة فموتوا بغيظكم، فالشيخ الجليل ومعه مريدوه أرفع من ينزلقوا إلى أهدافكم الوضيعة».
لم يكتف «إدريس» بما كتبه فى الأهرام، فأرسل ردا مطولا إلى «أخبار اليوم» نشرته يوم 8 فبراير 1986، وكان اللافت فيه أنه يتناقض مع ما كتبه فى «الأهرام»، فبينما قال فى «الأهرام» إنه قام بتصحيح الجملة فى بروفات الكتاب، لكن التصحيح لم ينفذ، قال فى «أخبار اليوم»: «رجعت إلى الكتاب فعلا ووجدت العبارة، وحقيقة الأمر أنه حدث سهو مطبعى، فقد كنت أتحدث فى الفقرة عن بعض مدعى الغيرة على الإسلام الذين ينفذون بوعى أو بلا وعى خطة استعمارية رهيبة هدفها القضاء على الفكر العربى والعقل العربى بإفقار ذلك الفكر وإفقار ذلك العقل، ولا أدرى أثناء جمع الكتاب وتصحيحه، كيف أقحم اسم فضيلة الإمام الشعراوى فى الفقرة، فبدت كما لو كان هو المقصود بها، ولسوء الحظ أنا لا أتولى تصحيح كتبى أو مراجعتها، وأنا أصر عند التعاقد مع ناشرى كتبى على أن يتكفلوا هم بعملية التصحيح والمراجعة».. يضيف: أن الكتاب عبارة مقالات نشرها فى الأهرام وفى بعض المجلات الأخرى، ولو كان المقال المذكور «يقصد المقال الذى جاء فيه تشبيه الشعراوى براسبوتين» نشر بتلك الصورة لقامت الدنيا ساعتها وقعدت، وقال: «أتحدى أى إنسان أن يبرز مقالة واحدة نشرت فى مصر أوغيرها وفيها مساس بفضيلة الشيخ الشعراوى، فما بالك بتجريحه.
واختتم «إدريس» رده قائلا: «فى الأحاديث الكثيرة التى يؤخذ رأيى فيها فى فضيلة الشيخ، أذكر أنه «أى الشيخ» أهم ظاهرة دينية إسلامية ظهرت منذ أيام الأئمة الأربعة الكبار، أبوحنيفة والشافعى ومالك وبن حنبل رضى الله عنهم جميعا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة