إذا كنت من متابعى مواقع "السوشيال ميديا"، فلا شك أنك قابلت العديد من المنشورات المتعلقة بطرق تناول الأغذية أو الاعتقادات الخاطئة المتعلقة بها نظرا لنشرها إما من قبل غير المتخصصين المعتمدة فى الأغلب على تجارب شخصية أو نقلا عن صفحات مختلفة أخرى، والذى أكد أطباء بيطريون أن كثيرا من تلك المعلومات لا أساس لها من الصحة، بل أنها قد تُعد سببا رئيسيا فى الإصابة بالأمراض.
وحذرت الدكتور سماح نوح طبيبة بيطرية، رئيس قسم الإرشاد بإدارة الطب البيطرى بمركز الشهداء بالمنوفية، من تناول البيض نيئ حتى وإن كان مذاقه أفضل من بعد تمام نضجه، مشيرة إلى أن البيض النيئ أو النصف ناضح، مُعرض باحتمالية كبيرة أنه يكون ملوثا بالسالمونيلا السبب الرئيسي للتسمم الغذائى وحمي التايفويد، فضلا عن معاناة بعض الناس بالحساسية لبعض أنواع بروتين البيض فى الحالة النيئة خاصة الأطفال وأصحاب الأمراض المناعية، مشيرة إلى أن فائدة البيض تمثل أكتر من 70% من البروتين والذى يصعب امتصاصها فى حال تناوله نيئ وبالتالى لا يوجد أى فائدة من تناوله قبل نضجه.
وأضافت سماح، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أن هناك مادة سكرية هامة جدا فى بياض البيض تُسمى "الأفيدين" ووظيفتها منع تسلل أي تلوث جرثومى داخل البيضة، وعدم تسوية البيض جيدا يؤثر على وظيفتها وتمنع امتصاص أهم الفيتامينات للجسم، كما أن زيادة مُدة سلق البيض عن 15 دقيقة من الممكن أن تتحول تلك المادة إلى مركب كبريتى ضار ويظهر بلون أخضر على البيض، وذات رائحة سيئة، مؤكدة ضرورة التأكد من نضج البيض جيدا لمدة عشر دقائق، من بداية غليان المياة أو ربع ساعة من بداية وضع البيض فى المياه، وكذلك غسيل البيض قبلها مباشرة وليس قبل التخزين.
وأشارت إلى عدم صحة ما يتداوله البعض بشأن الاكتفاء بترك اللبن على النار حتى الفوران والإغلاق بعد ذلك وتناوله، مؤكدة ضرورة تسخين اللبن وغليه فى وعاء واسع عن كمية اللبن، مثل الاستعانة بإناء يتسع لكيلو ونصف لغلى كيلو لمنع فقدان كمية منه وقت الفوران، مضيفه: أن أى بكتيريا أو أى ميكروب باللبن فور شعوره بالحرارة فى قاع الوعاء يهاجر لأعلى سطح اللبن ليختبئ فى طبقة القشطة الخفيفة المتكونة على السطح، ويحمي نفسه من أي خطر، بينما الأمر الصحيح هو التقليب المستمر للبن على نار هادئة لحد الغليان، لمنع حدوث احتراق اللبن فى القاع، والتأكد من القضاء على الميكروبات، نظرا لأن بعض البكتيريا مثل: السل والبروسيلا تنتقل باللبن وتحتاج غليان مضبوط لتموت، فضلا عن أن التقليب يمكن المستهلك من التعرف على جودة اللبن، قائلة: لو اللبن سليم مش هيتجبن ولا لونه هيتغير، أو رائحته ستتغير، وبالتالى لابد من التقليب المستمر على نار هادئة لحد الغليان لمدة لا تقل عن 15 دقيقة.
فى سياق مُتصل، قال الدكتور أحمد حمدى، مدير إدارة المجازر والتفتيش على اللحوم بسوهاج، إن أبرز الشائعات التى تتداولها صفحات السوشيال ميديا هى: أن جلود الحمير يُصنع منها الجاتوه، فى حين أن السبب الأساسى فى ذبح الحمير هو سلخ جلودها لتصديرها للصين بأسعار قد يصل فيها جلد الحمار الواحد لأكثر من 500 دولار، وقد وصل لـ 1000 دولار فى بعض الأوقات، حيث أن الصين تعتمد على جلد الحمار فى عدة استخدامات حيث أنه مع الغليان يتحول لمادة تشبه الجيلاتين، ومن خصائصها تنشيط الدورة الدموية فتدخل فى صناعة المنشطات الجنسية وأدوية علاج الإرهاق والدوار، كمان أن الدهون المبطنة لجلد الحمير فى الأصل مادة زيتية تستخرج منها بعض الزيوت والتى تستخدم فى صناعة مستحضرات التجميل ونضارة البشرة، أما استخدامها فى صناعة الجاتوهات فهذه خرافة وليست حقيقة.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أن أبرز العادات الخاطئة الذبح فى الأفراح أو الأعياد وتناول اللحمة مباشرة، رغم ضرورة عدم تكييس اللحوم قبل أن تبرد خلال 5 ساعات من الدبح وتقطيعها، حيث أنه بعد الذبح تحدث عمليات التيبس الرمى، وهو أول تغيير يحدث للحوم بعد ذبح الحيوان، حيث تحدث مجموعة تفاعلات تؤدى لإنقباض اللحم واستنفاذ لكل أنزيمات الأكسدة، ويتكون حمض اللاكتيك الذى ينتج من تكسير الجليكوجين الهام، موضحا أهمية عملية التيبس الرمى حيث أن تكون حمض اللاكتيك يلعب دورا هاما جدا فى حفظ اللحم طازجة لمدة أطول، و"أطرى" وأكثر استساغة لتحويلها لكل الأنسجة الخشنة والصعبة الهضم لأنسجة "أطرى وألذ".
وأشار إلى ذبح الحيوان وهو مجهد أو بعد سفر لمسافة، يُعد ذلك أحد العوامل المؤثرة سلبا على عمليه التيبس الرمى، وإضعافه، قائلا: لذا من المهم جدا تقليل الاجهاد والتعب على الحيوان قبل الذبح، بحوالى 12 ساعة، لافتا إلى أن ذلك يمنع نمو الميكروبات فى اللحوم طوال مرحلة التيبس الرمى نتيجة الوسط الحامضى الذى يقتل الميكروبات، لذا من المهم جدا فور ذبح الحيوان ليس طبخ لحمته وإلا ستكون غير مستساغه، لكن المهم جدا عدم وضعها فورا فى الفريزر لعدم قطع عملية التيبس الرمى، لعدم السماح بنمو بكتيريا وفطريات، وبالتالى صدور رائحة عفنة ومقززة، أى أن اللحوم بعد الذبح لا يتم تجميدها ولا طبخها إلا بعد مرور على الاقل خمس ساعات، فقط يتم تركها فى الهوا ومكان طراوة ونظيف، ثم يتم تقطيعها وتركها لحين البرود، ثم تنظيفها من أى مياه أو دماء، وأخيرا تكييسها فى أكياس نظيفة ورصها فى الفريزر، مع ترك فراغات بين الأكياس.
فيما قالت الدكتورة سالى الفقى، رئيس قسم الإرشاد بمديرية الطب البيطرى بمحافظة الغربية: إن أبرز المعلومات الخاطئة كانت وجود فارق فى القيمة الغذائية بين البيض الأحمر والأبيض، رغم أن كل الأمر هو أن البيض يأخذ لونه لأسباب جينية بحتة خاصة بسلاله الدجاجة، بمعنى أن الدجاج الأحمر يبيض بيض أحمر، والدجاج الأبيض يبيض بيض أبيض، والفرق الوحيد والبسيط هو: وجود أحماض أوميجا 3 بنسبه أكبر قليلا فى البيض الأحمر عن نسبتها فى البيض الأبيض، كما أن اختلاف الأسعار فيما بينهما يرجع إلى أن الدجاج الأبيض يستهلك طعاما أقل من الدجاج الأحمر، ولهذا يكون سعر البيض الاحمر أغلى من الأبيض، ولا علاقة للأمر في نوعية البيض إن كان صحيا أم لا، مضيف: أما البيض البلدى فهو بالطريقة الريفية الطبيعية دون أى تدخل بشري، وبالتالي فهو بيض طبيعى ذو قيمة غذائية حيوية كبيرة، لذلك فإن هذا النوع من البيض هو الأغلى سعراً مقارنة بغيره.
وتابعت سالى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع": هذا بالإضافة إلى أن لون صفار البيض لا يؤثر على القيمة الغذائيه للبيض، أو النكهة أو القيمة الغذائية أو خصائص الطهي أو سمك القشرة (ولكن يوجد اختلافات طفيفة جدا فى فيتامينA، فمن الطبيعى أن لون صفار البيض يتراوح ما بين الأصفر الباهت إلى البرتقالى الغامق، وسبب الاختلاف يرجف إلى اعتماد لون صفار البيض فقط على النظام الغذائي للدجاجة، ويشير اللون الداكن للصفار إلى وجود الكاروتين "صبغة طبيعية توجد في بعض النباتات" أى أن كلما زاد وجود الكاروتين في وجبات الدجاج زاد درجه اللون الأغمق فى الصفار، فإذا كان اللوم برتقالى غامق فأن ذلك يعنى أن الدجاج البلدى أو الدجاج الذى يأكل العلف غنى بالكاروتين يتغذى فى المراعى، والبرتقالي متوسط إلى أصفر ذهبي، ينتج عن وجبات الدجاج الغنية بالنباتات الخضراء والذرة الصفراء والبرسيم والمواد النباتية الأخرى ذات الصبغة الزانثوفيل (لون أصفر ) وهذا هو صفار اللون الأكثر شيوعًا الذي نراه في البيض المتاح في محل البقالة، وأخيرا الأصفر الشاحب، يكون فى الدجاج الذى يتغذى على علف منخفضة الزانثوفيل( اللون الاصفر) ، مثل أنظمة التغذية التي تتكون في الغالب من القمح أو دقيق الذرة البيضاء أو الشعير تنتج صفارًا أصفر باهتًا.
وأشارت إلى أن عدم صلاحية تناول الدواجن إذا وُجد أى تغير بلون العظام أو اللحم أصبح أحمر بعد الطبخ، هو كلام غير صحيح إطلاقا، نظرا لأن معظم الدجاج المباع فى الأسواق عمره صغير حوالى من 6 إلى 8 أسابيع، لذلك لديه عظام مجوفة أرق وأكثر مسامية من الدجاج الأكبر سنا، ولأن أثناء التجميد تتمدد جميع السوائل الموجودة فى الدجاج بما فيها النخاع الأحمر الموجود داخل العظام فيتسرب ويُلون العظام واللحم المحيط بها باللون الأحمر، ولن يتلاشى لون اللحم المجاور له بغض النظر عن درجة حرارة الطهي، ويمكن الحد من هذه الظاهرة من خلال نقع الدجاج بالملح قبل طهيه لتقليل كمية الإحمرار (الميوجلوبين)، وتتبيل الدجاج بالملح والخل والطماطم، والذى يجعل البيئة حامضية ويقلل من وجود اللون الأحمر، فضلا عن إزالة العظام من الدجاج قبل التجميد.