على الرغم من أن العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا مثلت عودة إلى الحرب التقليدية، ربما ظن العالم انها قد أصبحت من الماضى، بما تنطوى عليه من استخدام الأسلحة التقليدية من دبابات وصواريخ وقصف متواصل وغيره مما اعتدنا مشاهدته فى حروب القرن الماضى، إلا أن أحد الأسلحة المستخدمة فى تلك الحرب، والذى يلعب دورا قويا فيها ويتبارى طرفاها على إجادة استخدامه كل لصالحه، هي السوشيال ميديا والإعلام الإلكترونى.
فبعيدا عن زناد البنادق وأصوات التفجيرات والسماء التي تمطر صواريخ، تحرص روسيا على توجيه رسالة إعلامية محددة مفادها أن ما يحدث فى أوكرانيا ليس حربا ولا غزوا، وإنما هي عملية عسكرية لا تهدف إلى احتلال، وإنما حماية منطقة دونباس من حكومة النازيين فى كييف. وذكرت صحيفة ذا موسكو تايمز أن السلطات الروسية منعت وسائل الإعلام من الإشارة إلى ما يحدث فى أوكرانيا بانه حرب أو غزو.
كما ذكرت وكالة رويترز أن روسيا أصدرت أمرا لشركة ألفابيت، المالكة لمحرك البحث جوجل، تطالبه بأن يقوم فورا بتقييد الوصول إلى المعلومات المنشورة كجزء من إعلانات جوجل، والتي تقول إنها تحتوى على معلومات غير دقيقة عن الخسائر التي منيت بها القوات الروسية والمدنيين الاوكرانيين.
وقالت هيئة تنظيم الاتصالات الروسية روسكومنادزور إنها بعثت برسالة إلى جوجل تطالبها بإزالة المواد المخالفة وقالت إنه ستمنع موارد الإنترنت التي تنشر تلك المعلومات. وتقول رويترز إن موسكو كثفت جهودها للتحكم فى السرد الذى يظهر فى وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعى، فى الوقت الذى تضع يها شركات التكنولوجيا قيودا على وسائل الإعلام التابعة للحكومة الروسية فى أوكرانيا وحول العالم.
وفى يوم الجمعة الماضى، قالت روسيا إنها ستقيد فيس بوك بشكل جزئى، وهى الخطوة التى قالت ميتا إنها جاءت بعدما رفضت طلبا حكوميا لوقف فص الحقائق المستقل من منابر الإعلام الحكومى الروسى. ويوم السبت الماضى، قالت شركة تويتر عن خدمتها تم تقييدها لبعض المستخدمين الروس.
وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإن المواجهة هي الخطوة الأحدث فى مواجهة مستمرة مع روسيا حيث تخاطر المنصات بقيود تفرضها الحكومة الروسية فى البلاد.
وتواجه كبرى شركات السوشبيال ميديا من فيس بوك على تيك توك وتويتر ضغوطا متزايدة لمكافحة المعلومات الكاذبة على منصتها فيما يتعلق بصراع أوكرانيا، بما فى ذلك نشر الصور المضللة.
ويأتى تصعيد روسيا مع شركات التكنولوجيا الكبرى قبل أيام من الموعد النهائي الذى وضعته موسكو لكبرى الشركات التكنولوجية الأجنبية للإذعان لقانون جديد يطلب منها تأسيس تمثيل رسمي لها فى البلاد، وهو ما سيجعل من اسهل على الكرملين تنظيم المنصات، وفقا لرويترز.
ويأتى هذا بعد سلسلة من العقوبات والإبطاء الذى تم فرضها على المنصات من قبل الحكومة الروسية لفشل تلك المواقع فى إزالة المحتوى غير القانوني.
وفى وقت سابق هذا الشهر، هددت روسيا الشركات بمنع إعلاناتها لو لم تلتزم بالقانون الجديد، ويمكن ان يتبع ذلك قيود أشد قسوة بما فى ذلكم إبطاء السرعات مع المنصات.
فى المقابل، قام موقع فيسبوك قام بإزالة عشرات من الحسابات الزائفة والصفحات التي تنشر التضليل المعلوماتى عن الغزو الروسى فى أوكرانيا، بحسب ما قال المسئولون التنفيذيون للموقع، بينما اتخذ إجراءات أخرى لمكافحة محاولات القرصنة فى المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما وصفته بحملة التضليل انتشرت بسبب ما قال مسئولو ميتا أنها شبكة صغيرة من 48 صفحة، وحساب ومجموعات تعمل فى روسيا.
وشغلت الحسابات الزائفة أشخاص مزيفين عبر فيس بوك وانستجرام، وأيضا منصات أخرى خارج ميتا منها تويتر ويوتيوب وتليجرام، وفقا لما قاله ديفيد أجرانوفيتش، مدير تعطيل التهديد بميتا.
وتواجه شركات التكنولوجيا الأمريكية أيضا عبء موازنة مطالب أوكرانيا والمتعاطفين معها الذين دعوهم إلى طرد المستخدمين الروس من خدماتهم لوقف نشر المعلومات الزائفة، مع الحفاظ على وصول المعا رضين للأدوات الرقمية الحيوية.
وأعلنت شركة ألفابيت، أنها منعت العديد من القنوات التلفزيونية التابعة لروسيا من بينها روسيا اليوم من الحصول على أموال الإعلانات على منصتها للفيديو "يوتيوب".
وقال متحدث باسم يوتيوب إنه فى ضوء الظروف الاستثنائية فى أوكرانيا، فإنهم يتخذون العديد من الإجراءات، ويوقفون القنوات الروسية المتأثرة بالعقوبات التي تم فرضها مؤخرا، وسيقوم بتقييد التوصية بهذه القنوات بشكل كبير. وأضاف أنه بناء على طلب حكومي، قاموا بتقييد الدخول إلى روسيا اليوم وعدد من القنوات الأخرى فى أوكرانيا.
كما أن بعض الشخصيات التلفزيونية البارزة فى روسيا ، بينهم رئسى هيئة روسيا اليوم، مارجريتا سيمونيان، تمت إضافتها إلى عقوبات الاتحاد الأوروبى الأسبوع الماضى لدورها فى نشر الدعاية الروسية.
من ناحية أخرى، قالت شبكة سى إن إن الأمريكية إن الشخصيات المؤثرة على انستجرام فى أوكرانيا تحولوا على شهود فى مناطق الحرب ،بينما يكتب خبراء الحرب الحضرية نصائح للمقاتلين الأوكرانيين على تويتر.
وذهبت الشبكة إلى الوقل بأن الكثيرين يصفون الغزو الروسى لأوكرانيا بأنه حرب التيك يتيوك، حيق ينشر المستخدمون على المنصة بنشاط عن حالة التصعيد العسكرى. كما استخدام الكثيرون منصات السوشيال مسدسا ليصبحوا نشطاء مناهضين للحرب.
كما أن رئيس أوكرانيا نفسه فولوديمير زيلبينسكى لم يكن بعيدا عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى للترويج لوجهة نظره فيما يحدث فى بلاده. فاستخدم هاتفه لتسجيل لقطات له فى شوارع كييف ومع مستشاريه ليؤكد استمرار وجوده فى العاصمة برغم الهجوم الروسى، ولم تكن هذه المرة الوحيدة التى تحدث فيها زيلينكسى مباشرة لشعبه عبر السوشيال ميديا. ففي عشية الغزو الروسى سجل خطاب مؤثر مدته تسع دقائق بالروسية مخاطبا الشعب الروسى ليدحض ما يقال عنه من بأنها نازى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة