أكد فضيلة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن عدم تناقل الأخبار الكاذبة والشائعات من أهم وسائل الأخذ على يد الظالم أو المسيء، ويكون ذلك بعدم تـأييده على الإساءة والظلم، وهو ركن من أركان العلاج، وهذا ينطبق على حالات عدم التفاعل مع المحتوى البذيء أو المحرِّض والمفرِّق على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف شوقى علام، خلال لقائه مع الإعلامى حمدى رزق ببرنامج «نظرة»، أن النبى قد بيَّن أن إقدام هؤلاء على تحقيق ما أرادوا سيترتَّب عليه -ضرورةً- إحدى نتيجتين؛ فإمَّا أن يترك القائمون على الأمر هؤلاء وشأنهم، تحت دعوى حريتهم فى نصيبهم يفعلون ما يشاءون فيه، فحينئذٍ لا ينتظرون جميعًا إلا الهلاك المحقَّق، وإمَّا أن يقوموا بواجبهم فى الحيلولة بينهم وبين وقوع ما يسعون إليه، فحينئذٍ ينجو الجميع.
وأردف أن حديث النبى محمد صلى الله عليه وسلم عن السَّفينة الواحدة يُعدُّ ميثاقًا لأخلاق التعامل، ورمزًا للنجاة فى كافة شئون الحياة وتعاملاتها، ومنها التَّعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى، فهو يعطى تصوُّرًا صادقًا لحال المجتمع، وحال أفراده، راسمًا أُطُرَ العلاقة الناظمة بين مكونات المجتمع وَفق مبادئ المسئولية والمساواة؛ حيث قال: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا".
وتابع مفتى الجمهورية، أن حديث السفينة فيه تأسيس لمبدأ الضبط الاجتماعي؛ لأنه إذا غاب تحوَّل المجتمع إلى العشوائية والتخبُّط، وهو يرسِّخ كذلك لمبدأ المسئولية المشتركة عند الفرد فى شتَّى شئونه ومراحله، بما يُعْلى من قيمة المسئولية الفردية، ويؤكِّد أنها أساس للمسئولية الجماعية، وهذا الضبط الاجتماعى يتمثل فى سن وتشريع وتطبيق القوانين المنظمة والضابطة لأى أمر، ومنها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد مفتى الجمهورية، أن مرحلة علاج الأخلاق المذمومة والتى تتمثل فى الردع يسبقها مرحلة الوقاية وتتم عن طريق تهذيب الأخلاق، التى تبدأ من المراحل الأولى فى التربية داخل الأسرة، والتى تتكامل بمراحل الإيمان والإحسان ومراقبة الله عزَّ وجلَّ، وأعلاها مرتبة الإحسان التى ذكرها المصطفى فى حديث سيدنا جبريل معه.
واختتم مفتى الجمهورية تصريحاته بأن الإحسان من حيث استقرارُه فى القلب هو ما ينظِّم مسألة الأخلاق ويراقبها ليرقِّيها، كما أن طريق الإنسان فى المحافظة على حياة ضميره، وطهارة فطرته يحصل من خلال مراقبة الله تعالى فى جميع الأحوال، والأقوال، والأفعال، والحركات، والسكنات، وهى خير مدخل ووسيلة للوقاية من الوقوع فى مساوئ الأخلاق.