"سيدة الحلويات".. لقب أطلقه أهالي مدينة المنصورة على ولاء أحمد صاحبة الـ40 عاما، التي أزهرت بالكفاح والعمل في شوارع المدينة، متخذة من كرسي حديدي مقعدا لها، وطاولة خشبية صغيرة ملأتها بأطباق الحلويات المشكلة بابا لرزقها ورزق أبنائها.
مشقة يومية تعيشها "ولاء"، لساعات طويلة في الشارع، متحملة المسؤولية تصارع صفعات البرد، وطول الانتظار، لا يصبرها سوى الآمال والأحلام والبحث عن الرزق الحلال، ملبية نداء الأمومة بصبر وعزم وأمل في غد أفضل، حتى تبيع ما أعدته وزوجها من أطباق الحلويات المغلفة بخمس جنيهات فقط، لتكون بكفاحها النبيل بصمة مضيئة في وجه كل محبط ويائس وكسول.
كان لحادث تعرض له زوجها صانع الحلويات الشهير، وأفقده القدرة على مواصلة عمله من محال الحلويات، دافعا لها للنضال والصمود والتضحية بشموخ وعزة وكرامة، والنزول للشارع والمكوث به لساعات طويلة حتى يحل عليها المساء، لتبيع ما أعده لها زوجها من حلويات شهية طالما برع وتميز في إعدادها.
سيدة-الحلويات-ولاء-أحمد
"جوزي كافح وشقي كتير عشنا، كان مميز جدا في صنعته، وبيعمل أحلى حلويات الكل كان بيشهد بجمالها، لحد ما اتعرض لحادثة منعته من إنه يكمل شغله، فكان قراري إني أساعده وأسانده عشانه وعشان أولادي لإننا إيد واحدة وبنكمل بعض، كفاحنا مشترك، وده حقهم عليا".. هكذا بدأت "ولاء" حديثها لـ"اليوم السابع"، فقالت إن زوجها صانع حلويات شهير، عمل لسنوات طويلة في أكبر محال الحلويات يمدينة المنصورة، شهد له الجميع خلال مسيرة عمله بمراعاته لضميره واحترافه وتميزه لصناعة الحلويات بكل أنواعها وأشكالها، عاشوا خلالها حياة هادئة مطمئنة، حتى انقلبت حياتهم رأسا على عقب بعد أن سقط لوح زجاجي على ذراع زوجها أخسره ماله وعمله الذي عشقه وبرع فيه على مدار سنوات طويلة، مشيرة إلى أن بعد إجرائه لعدة عمليات الجراحية تحسنت حالته نوعا ما وأصبح يعد الحلويات بقدر استطاعته ويبيعها بمساعدتها من المنزل.
وأضافت: "أنا كنت مكسوفة جدا إني أنزل أشتغل في الشارع، بس جوزي وأولادي دعموني وشجعوني عشان نقف على رجلينا من جديد"، موضحة أن فكرة المشروع لم تكن وليدة اللحظة، بل هو قرار اتخذته لتعين زوجها وتوسع من رزقهم وتحمي أسرتها بها وتوفر لأبنائها الثلاثة حياة كريمة، فقررت النزول للشارع لبيع أطباق مغلفة من الحلويات المشكلة الطازجة بخمس جنيهات فقط والمحتوية على خمسة أصناف متنوعة من الحلويات كـ"الكب كيك" والدونات والمحوجة والمارشميلو والنواعم التركي وتارت الشوكولاتة التي يعدهم زوجها، في عدة شوارع بمدينة المنصورة، حتى استقرت في شارع قناة السويس، قائلة إن فكرة بيع أطباق الحلويات في الشارع بخمس جنيهات كانت فكرة زوجها ونجحت في تنفيذها بتشجيعه ودعم أبنائها وأصدقائها لها.
وأشارت إلى أن أبنائها الثلاثة في مراحل تعليمية مختلفة، وأصروا منذ اليوم الأول لمرض والدهم على الكفاح والعمل بجانب دراستهم؛ لدعم والدهم، حيث ترافقها ابنتها الكبرى "ذكرى" صاحبة الـ20 عاما وتبيع معها أطباق الحلويات، ويساعدهم ابنها "زياد" صاحب الـ18 عاما في توزيع الأطباق في أرجاء المدينة، مضيفة أن يومها يبدأ منذ ساعات الصباح الباكر بإعداد زوجها للحلويات المختلفة وتجهيز الأطباق وتغليفها في المنزل، وعند حلول المساء تحمل وابنتها حقيبتها المليئة بأطباق الحلويات الشهية منطلقتان لشارع قناة السويس الذي يظلان به لبعد منتصف الليل حتى يبعن أكبر عدد ممكن من أطباق الحلويات.
أطباق-الحلويات-المشكلة
ولفتت إلى أنها نجحت في استقطاب عدد كبير جدا من أبناء المحافظة من الكبار والشباب والأطفال، الذين انبهروا بالفكرة وتميزها، فقد أتاح مشروعها الموفر الفرصة لأي شخص مهما كان مستواه الاجتماعي أن يتناول كل ما يشتهيه من حلويات طازجة بخمس جنيهات فقط، مؤكدة أنها فخورة بعملها وكفاحها ومساندتها لزوجها، وبسعادة الأطفال وهم يقبلون عليها لشراء قطع الحلويات اللذيذة التي يشتهونها، قائلة: "الأطفال مبسوطين جدا من الحلويات والأهالي بيشجعوني ويدعموني بشراء أطباق الحلويات".
وأوضحت أنها تستعد لشهر رمضان الكريم، من خلال تجهيز أصناف مختلفة ومتنوعة من الكنافة والقطايف، فضلا عن نيتها لإضافة أنواع أخرى من الحلويات للطبق الذي تبيعه، فبدلا من أن يحتوي الطبق على خمسة أصناف فقط من الحلويات بخمس جنيهات، ستضيف له أصنافا أخرى وبنفس السعر، قائلة: "عايزة الناس تدوق كل حاجة حلوة بسعر بسيط، واللي معهوش فلوس يقدر يجيب لأولاده حلويات رمضان ويفرحهم، سعادتي في سعادة الناس وبهجة الأطفال بالحلويات".
واختمت "ولاء" حديثها وابتسامة أمل تستقر على وجهها: "طول ما احنا سوا مفيش صعب ولا مستحيل، والجاي هيبقى أحسن وهنرجع أقوى من الأول واسمنا أكبر اسم في صناعة الحلويات في المنصورة".
ولاء-أحمد-تكافح-ببيع-أطباق-الحلويات-في-شوارع-المنصورة
ولاء-أحمد
ولاء-أحمد-تكافح-ببيع-أطباق-الحلويات-بخمس-جنيهات