تأثيرات ملموسة بشكل كبير وواضح على الاقتصاديات العالمية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من عقوبات أمريكية غربية على الاقتصاد الروسي عامة والنفط والغاز بشكل خاص، وذلك مع الارتفاعات القياسية التي سجلتها أسعار النفط والغاز، يدفع ثمنها الأسواق العالمية.
تداعيات كبيرة شهدتها دول العالم من ارتفاعات قياسية في أسعار البنزين حول العالم كان في مقدمتها، ارتفاع سعر جالون البنزين لـ4 دولارات في الولايات المتحدة ، حيث كثفت كبرى الشركات المنتجة للنفط والغاز حول العالم من إنتاجها للخام بعد أن تجاوز سعر جالون البنزين فى الولايات المتحدة 4.3 دولار.
وقامت شركتى إكسون موبل وشيفرون بتعزيز إنتاجهم للنفط فى حقول غرب تكساس ونيومكسيكو، وهى الإستراتيجية التى وضعتها كبرى شركات النفط العام الماضى، لكنها أصبحت أكثر إلحاحا مع ارتفاع الأسعار.
ودعا مستشار اقتصادى بارز لرئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكى العالم إلى القيام بتضحية وتحمل ارتفاع أسعار الغاز المحتملة على المدى القريب للمساعدة فى إحباط الغزو العسكرى الروسى وإنقاذ أرواح، بحسب ما ذكرت مجلة بولتيكو الأمريكية.
وقال أوليج يوستنكو، إن الحظر العالمى على واردات النفط الروسى بقيادة الولايات المتحدة يمكن أن ينهى الحملة العسكرية التى يشنها الرئيس الروسى فلاديمير بوتيمن على أوكرانيا.
وأوضح أنه بدون عائدات النفط والغاز التى تحتاج إليها موسكو بشدة، والتى تمثل حصة كبيرة من إجمالى الدخل الرسى، فإن حكومة بوتين ستواجه سريعا عجزا كبيرا لن تستطيع تمويله فى ظل العقوبات الغربية التى عزلت روسيا بشكل كبير عن الأسواق المالية العالمية. وفى نهاية الأمرـ ستنفذ الأموال من بوتين لتمويل حملته العسكرية وسيجبر على التراجع، بحسب ما يقول يوستنكو.
وأضاف الخبير الاقتصادى، إنه يعترف بأن الأمر سيكون مكلفا للجميع، إلا أن الثمن الذى يدفعه الأوكرانيون هو حياتهم وتدمير مدنهم وقراهم.
وفى اوروبا، قالت مجلة بولتيكو إن الاتحاد الأوروبى يمكنه أن يقلل من اعتماد أوروبا على الغاز الروسى بنهاية هذا العام لوطبقت الحكومات إجراءات الطوارئ الذى تم اقتراحه من قبل المفوضية الأوروبية. وكانت الواردات الروسية تمثل 40% من استهلاك الاتحاد الأوروبى للغاز فى 2021، وفقا للوكالة الدولية للطاقة.
وجدد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر رفضه لتخفيض مؤقت لضريبة القيمة المضافة من 19 إلى 7% على البنزين والديزل، رغم الارتفاع القياسي لأسعار المحروقات ،وفي تصريحات لصحيفة "تاجس شبيجل" الألمانية، قال السياسي المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الحر: "إذا طالب التحالف المسيحي (المعارض) بما يسميه مكابح أسعار الوقود، فعليه أن يقول ما الذي يريد تقليصه في الميزانية مقابل ذلك وإلا فعليه أن يعترف بأنه مستعد لأخذ ديون جديدة لهذا الغرض".
وأضاف ليندنر أن الأسعار المرتفعة تمثل عبئا على كاهل المواطنين والشركات وأنه لا ينبغي على الدولة أن تترك المواطنين وحدهما قائلا: "أنا كوزير مالية ليبرالي كنت قد دعوت قبل الأزمة لإجراء إعفاءات ضريبية هيكلية، ونحن الآن في حاجة إلى حلول مرنة وسريعة تصل إلى الناس بشكل فعلي".
وتابع ليندنر في حديثه للصحيفة قائلا إن وزارة الخزانة لن تصبح ثرية عبر ارتفاع أسعار الوقود، لافتا إلى أنه في حال تم تخصيص جزء أكبر من دخل الأسرة المتاح لإنفاقه على الوقود فإن ذلك لا يمثل سوى تغيير فقط في أوجه الإنفاق لأن الناس سيحجمون عندئذ عن الاستهلاك في موضع آخر.
في الوقت نفسه، قال النائب الثاني للمستشار أولاف شولتس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن الحكومة تعمل على إعداد تدابير لمواجهة هذه التطورات، مشيرا إلى أنه يتوقع اتخاذ قرارات جديدة "في غضون مدة قصيرة".
كما أعلنت ولاية بتروبراس البرازيلية عن زيادة بنسبة 18.8% في أسعار البنزين، وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على سوق النفط الدولية، وفقا لصحيفة "لا ريبوبليكا" الكولومبية ،وأوضحت الشركة في بيان لها أنها لم تغير أسعار الوقود لمدة شهرين ، والتي تراكمت بين نهاية 2021 ويناير الماضي بنسبة تقارب 50% وضغطت على التضخم الذي يبلغ نحو 10% سنويا.
ووفقا لبتروبراس، فإنه اعتبارًا من الجمعة المقبلة، سيتم بيع البنزين للموزعين بمتوسط سعر 0.77 دولار أمريكي، لكن المستهلك النهائي سيدفع أكثر من ذلك بكثير، حيث يتم إضافة الضرائب والأرباح من محطات الوقود إلى تلك القيمة، والتي تختلف في المناطق المختلفة من البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى اليوم، يبلغ متوسط سعر لتر البنزين في البرازيل حوالي 1.4 دولار أمريكي، والذي تعتزم حكومة الرئيس جايير بولسونارو تخفيضه من خلال التخفيضات الضريبية التي تتم مناقشتها في البرلمان.
في حالة الديزل، الذي يستخدمه سائقي الشاحنات في الغالب، وله تأثير متوقع على التضخم، أفادت بتروبراس أن زيادة الأسعار للموزعين اعتبارًا من الجمعة ستكون 24.9%.
نتيجة لتصاعد الوقود وتأثيره على التضخم، والذي بدأ قبل وقت طويل من اندلاع الحرب في أوكرانيا، شجع البنك المركزي البرازيلي عملية زيادة أسعار الفائدة الأساسية، التي وصلت إلى 10.75% سنويًا، وهي أعلى مستوياتها، منذ أبريل 2017.
ووضع عدم اليقين العالمي الناجم عن الحرب بين روسيا واوكرانيا ، البرازيل في حالة من عدم اليقين ، لأنه على الرغم من نمو اقتصاد البلاد بنسبة 4.5% في عام 2021 وتعويض انخفاضه بنسبة 3.9٪ في عام 2020 بسبب وباء فيروس كورونا ، فإن التوقعات لذلك السنة ليست مواتية.
وفقًا لصندوق النقد الدولي (IMF) ، سينمو الناتج المحلي الإجمالي للبرازيل بنسبة 0.3 % فقط في عام 2022 ، وهو حساب يشاركه محللو السوق ، الذين يأخذون في الاعتبار، من بين أسباب أخرى، انعدام الأمن الناتج عن الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفى أكتوبر المقبل، ستذهب البرازيل إلى صناديق الاقتراع، وحتى الآن، تضع جميع استطلاعات الرأي الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في قائمة المرشحين، الذي يدافع عن دولة أكثر حضوراً في العمليات الاقتصادية، على عكس النموذج الليبرالي الذي تعتمده الحكومة، لليمين المتطرف جاير بولسونارو.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن ، قد وجه رسالته للمواطنين الأمريكيين قائلا، إن أسعار البنزين سترتفع مع حظر النفط الروسي ، مضفيا في كلمة له: لا يمكن لروسيا السيطرة على أوكرانيا، متابعا: نريد تقديم المساعدات الإنسانية لأوكرانيا ودعمها بوجه الطغيان.
ودعا جو بايدن، شركات النفط لعدم الانخراط في زيادة أسعار المحروقات، مستطردا: نفرض أكبر حزمة عقوبات مؤثرة في العالم دفعت الاقتصاد الروسى للتراجع متابعا "علينا الانتقال إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة