في ظل الأزمة الروسية- الأوكرانية، اتخذت الدولة المصرية العديد من الإجراءات لتأمين المخزون الاستراتيجي من محصول القمح، حيث كان للدولة رؤية استشرافية خاصة وأن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح كان لا يكفي لمدة 12 يومًا في ٢٠١٧، أما الآن وصل الاحتياطي من القمح لاحتياجات 103 مليون مواطن إلى أربعة أشهر حتى الآن، مع العلم أنه سيصل إلى تسعة أشهر بعد حصاد محصول القمح الشهر القادم، وذلك يرجع إلى جهود الدولة في التخطيط على المدى البعيد لتوفير أكبر قدر من المخزون الاستراتيجي للقمح باعتباره أحد المحاصيل الاستراتيجية، فهو المصدر الرئيسي لصناعة الخبز الذي يعد الغذاء الأساسي للغالبية العظمى من المصريين، لتأتي فكرة التوسع في إنشاء الصوامع في عام 2015.
المشروع القومي للصوامع
وذكرت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات انه في عام 2007 كان عدد الصوامع في مصر 28 صومعة وهو عدد قليلًا جدًا، ولا يكفي للتخزين، وكان يتم التخزين في شون مما ترتب عليها أن نسبة الهدر كانت تتراوح بين 10% إلى 15%، كما كانت تصل السعات التخزينية في 2014 إلى ما يقرب من 1.2 مليون طن تخزين، ويبلغ الاستهلاك من القمح التمويني شهريًا ما يقرب من 800 ألف طن قمح، أي أن الاحتياطي الاستراتيجي والذي كان يمكن تخزينه في الصوامع وقتها يكفي لمدة شهر وأسبوع وباقي كميات القمح كان يتم تخزينها في الشون.
ولفتت الدراسة أنه على مدار السنوات الماضية، كانت الأقماح تتعرض لهدر في كميات كبيرة تتراوح بين 600 ألف إلى 800 ألف طن قمح سنويًا بداية من الحصاد والنقل وصولاً إلى التخزين، وبالتالي شكل هذا الإهدار عبئًا متزايدًا على الاقتصاد المصري وإهدارًا للموارد دون الاستفادة منه، لذلك كان لابد من تحسين ظروف التخزين وزيادة عدد الصوامع. لذا قامت الدولة بالتوسع في إنشاء صوامع حديثة تعمل وفقا لأحدث نظم التكنولوجيا، بجانب تطوير الشون الترابية وتحويلها إلى شون حديثة متطورة.
وانطلق تنفيذ المشروع على مساحة تقدر بنحو 20 ألف متر للصومعة الواحدة، تم حتى الآن إنشاء نحو 80 صومعة لتخزين القمح والغلال، بسعة تخزينية تصل إلى 3.4 مليون طن بدلاً من 1.6 مليون طن، موزعة على 17 محافظة، وهي: الجيزة، والدقهلية وشمال سيناء، والغربية والمنوفية والشرقية والبحيرة والإسكندرية وقنا والوادي الجديد والقليوبية وبنى سويف والفيوم، ويتم تشغيلها من خلال غرفة التحكم التي تمكن المنظومة الجديدة من إخراج الكميات المطلوبة من الأقماح دون هدر، وتصل المدة التي يمكن خلالها الحفاظ على جودة القمح في الصوامع إلى سنة ونصف وتكون مخزنة بجودة عالية مع الحفاظ على درجة الرطوبة ودرجة الحرارة وفقًا للنظم الآلية داخل الصومعة.
وفى إطار المشروع القومي للصوامع والعمل على زيادة السعات التخزينية للقمح وضعت وزارة التموين من خلال الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين التابعة للوزارة، خطة للتخزين بأقل نسبة فاقد ممكنة، وتم إنشاء 35 صومعة جديدة خلال الفترة من 2014 حتى عام 2021 تابعة للشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، حيث بلغ عدد الصوامع التابعة للشركة 44 صومعة حتى عام 2021، بدلًا من 9 صوامع قبل عام 2014 ، كما تم تطوير الصوامع المملوكة للشركة القابضة للصناعات الغذائية بعدد 21 صومعة لتواكب التقنيات الحديثة للتخزين والحفاظ على سلامة وجودة المخزون.
وبلغ الإنتاج الكلي من القمح المحلي 9 مليون طن وتستهلك مصر ما يقرب من 16 مليون طن في السنة، ووصلت إلى 55٪
اكتفاء ذاتي من القمح ويتم استيراد ما يقرب 45٪
من الخارج عن طريق القطاع العام والخاص ما يقرب من 7 مليون طن قمح استيراد من الخارج.
خطة بديلة لزيادة مخزون القمح
التوسع في إنشاء الصوامع: قامت وزارة التموين المصرية بتكوين احتياطي استراتيجي آمن من القمح يكفي لأربعة أشهر، بالإضافة إلى الإنتاج المحلي الذي سيبدأ من منتصف أبريل 2022 ليزيد المخزون الاستراتيجي إلى 9 أشهر، وتسعى الحكومة للتوسع في بناء صوامع حقلية جديدة للقمح تسمح بإتاحة المزيد من المساحات التخزينية لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي من القمح، من خلال إنشاء 60 صومعة لتصل نسبة المساحة التخزينية إلى 7.6 مليون طن.
توسع مصادر الاستيراد: بدأت مصر العمل على تنويع مصادر القمح من دول مختلفة غير روسيا، وبالتالي لم تصبح موسكو هي الدولة الوحيدة الموردة للقمح للقاهرة، حيث تعاقدت الحكومة ممثلة في الهيئة العامة للسلع التموينية على شراء 300 ألف طن قمح من فرنسا، ورومانيا وأوكرانيا لتعزيز مخزونها، علاوة على ذلك التحرك السريع من جانب الدولة في البحث عن موردين آخرين حتى يصبح هناك أكثر من مورد للقمح، بالإضافة إلى الخطوات الجادة تجاه التوسع في زراعة القمح سواء من خلال مشاريع توشكى أو مستقبل مصر، إلى جانب أن القدرة الاستيعابية في الصوامع تصل إلى 3.8 مليون طن، وتستهدف وزارة الزراعة زيادة إنتاجية القمح في مصر إلى 14.2 مليون طن خلال عام 2025، مقابل قرابة 9.1 مليون طن حاليَا.
واختممت الدراسة بالرغم من أن الدولة المصرية تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها من القمح من الخارج، الا أنها تسعى لزيادة الإنتاج القمحي، لتقليل الفجوة فى مصر سواء من خلال العمل على إنتاج كافٍ لسد الاحتياجات أو تقليل الاستيراد الخارجي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة