تحتل الروايات الفلسفية موقعها دائما بين الكتابات الأدبية مع كونها لا تخلو من صعوبة، إذ تستمد شهرتها من كونها رواية فلسفية على الرغم من اتساع المفهوم، لكن يبقى اسم المؤلف محددا كبيرا لمدى قبول الجمهور للرواية الفلسفية، وإلى نموذجين من أهم نماذج الرواية الفلسفية فى التاريخ المعاصر وهما لاثنين من كبار الكتاب جان بول سارتر وألبير كامو.
رواية الغريب
صدرت عام 1942، وهى ليست فقط أول رواية للكاتب الفرنسي ألبير كامو، لكنها واحدة من أهم الروايات الأوروبية على الإطلاق، وتصنف ضمن قائمة أفضل 100 كتاب على مدار التاريخ.
تبدأ أحداث الرواية بوفاة والدة البطل الغريب ميرسولت، غير أنه لا يبدى أى مشاعر حزن أو أسى ويرفض رؤية جثمانها أيضا، وجلس يدخن ويشرب القهوة قربها ويتحدث عن الحاضرين للعزاء فقط، مظهرا شخصيته العبثية التى لا تبالى بأى شىء، بعد ذلك يلتقي "ميرسولت" بفتاة كانت موظفة في الشركة التي كان يعمل فيها تدعى ماريا، يندمجان مع بعضهما ويذهب معها للسباحة ويشاهدان فيلما كوميديا ويقيمان علاقة غرامية وذلك في اليوم التالي من وفاة والدته.
لاحقا يطلب منه صديقه ريموند أن يساعده من أجل الانتقام من عشيقته لأنه يشك بأنها تخونه، وافق "ميرسولت" على ذلك ولم يهتم لمشاعر تلك الفتاة، لأنه لم يكن يشعر بأى شىء تجاه الناس، لكن الأمور تزداد سوءا عندما يقوم ريموند بضرب عشيقته وتعتقله الشرطة، ثم بعد أن أن يطلق سراحه يبدأ أخوها وأصدقاؤه العرب بملاحقة ريموند.
وفي نهاية الأسبوع يدعو ريموند كلا من ميرسولت وماريا إلى بيت على الشاطئ لأحد الأصدقاء، وكان أخو عشيقته بانتظاره وبدأ الشجار بينهما مما أدى لإصابة ريموند بطعنة، ليذهب ميرسولت ويعود بمسدس ريموند ويطلق رصاصة على ذلك الشخص ثم أتبعها بعدة رصاصات دون أي تبرير، يلقى القبض على ميرسولت ويدخل السجن.
وتدور أحداث الرواية بعد ذلك حول الفترة التى قضاها في السجن، والجلسات التى خضع فيها للمحاكمة، وقد كان هادئا لدرجة كبيرة ولم يشعر بأى ذنب أو ندم تجاه فعلته.
رواية الغريب لألبير كامو
الغثيان
الغثيان هى رواية للكاتب الفرنسى جان بول سارتر ألفها عام 1938 وترجمها إلى العربية الدكتور سهيل إدريس وتعد الغثيان روايته الأولى، وكان قد اسماها في البداية "تأملات في الصدفة"، وعرضها على رفيقة حياته سيمون دوبوفوار، التي وجدتها مملة ولا تتضمن عنصر التشويق، فأعاد سارتر صياغتها قبل ارسالها إلى الناشر الفرنسي «جاليمار»، لكن لجنة القراءة رفضتها واعتبرتها غير ذات شأن، مما أصابه بالإحباط الشديد والاكتئاب.
إلا أنه قرر التصرف بشكل عملي معتمدا على صديقه، شارل دولان، حيث توسط لدى الناشر، جاستون جاليمار، واقترح الناشر تعديلات وتغييرا العنوان إلى "الغثيان، وهكذا ظهرت للوجود الرواية المؤسسة لشهرة جان بول سارتر، فحصدت النجاح.
تأتى الرواية محملة بالمعانى الوجودية إذ كان سارتر قد أصدر قبل سنوات قليلة كتبه عن الفلسفة الوجودية في إطار يمثل حكاية رجل يدعى "انطوان روكنتان" الذي جاء إلى "بوفيل" ليؤلف كتابا عن المركيز دور رولبون، ولأن روكنتان يعيش حياة الوحدة، والذكريات يقرر أن يكتب يومياته، متضمنة كل شي مهما بدا تافها فى دفتر يومياته باعتبار ذلك طريقة للحكم على وجودية اللحظة ففي إطار أفكاره الفلسفية جاءت الرواية وكأنها وسيط ينقل قالب الفلسفة الوجودية إلى حكاية روائية.
رواية الغثيان