خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد مساء اليوم بمقر مجلس الوزراء، أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى، أن البنك المركزى المصرى اتخذ صباح اليوم قرارات مهمة، متعلقة بالسياسة النقدية، وأسعار الفائدة والصرف، مشيراً إلى أن هذه القرارات جيدة جداً، وقوية، وكان لها ردود أفعال دولية إيجابية جداً.
وأوضح عامر أن هذه القرارات كان لها هدفان رئيسيان، هما الحفاظ على المقدرات المالية لمصر، وكذا الحفاظ على سيولة النقد الأجنبى، من أجل تأمين احتياجات المجتمع المصرى، فى ظل هذه الظروف الدولية الصعبة، لافتاً إلى أن الأهمية الأولى للبنك المركزى تتمثل فى توفير السيولة، ومن منطلق السياسة النقدية كان لابد أن تتسق مع المتطلبات الدولية، لدى الأسواق الدولية وشركائنا الدوليين، الذين نحتاجهم فى تمويل جزء كبير من احتياجاتنا.
ولفت إلى أن الحركة فى أسعار الصرف كانت عملية تصحيح، فسعر الصرف فى مصر محرر، وبالتالى يعكس الأوضاع النقدية والاقتصادية فى العالم، وفى مصر، ونحن جزء من العالم.
وأضاف: لا يخفى على أحد أن التطورات فى العالم كانت صعبة جداً خلال العامين الماضيين، ولكن بالتنسيق بين البنك المركزى والحكومة، وبدعم السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، نجحنا فى تجاوزها، فخلال الأزمة الأولى وهى أزمة كورونا، والتى كانت أزمة عنيفة جداً، أطاحت بفرص عمل، وتسببت فى بطالة بنسب كبيرة حتى فى البلدان المتقدمة، وأدت إلى زيادة أسعار السلع، وبالتالى إفلاس كثير من الشركات الصغيرة، ولكننا قمنا فى مصر بدور متميز فى هذه الفترة، حاز على تقدير المراقبين الدوليين، من خلال الاستباق بإجراءات قوية لمواجهة كورونا، كما تمكنا حكومة وبنك مركزى، من أن ندافع عن مقدرات الاقتصاد، كأفراد، وكمؤسسات انتاج كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، كما حافظنا فى ظل أزمة كورونا على ميزان مدفوعات، وايرادات مصر من النقد الأجنبى، ومعدلات التنمية، ومستويات الأسعار.
وأكد محافظ البنك المركزى أن قرارات الاصلاح الاقتصادى التى اتخذتها مصر منذ 5 سنوات، ساهمت فى خفض مستويات التضخم، وأدت إلى دفع جهود التنمية بشكل ضخم، فمشروعات التنمية بجميع القطاعات فى مصر غير مسبوقة فى جميع القطاعات، وبالتالى فإن إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تمت فى عام 2016 وفرت موارد ضخمة لمصر، من استثمار أجنبى، إلى نهوض البورصة المصرية، إلى ارتفاع تحويلات المصريين فى الخارج، التى تضاعفت بسبب الثقة، ونحن ننظر إلى ميزان المدفوعات وموارد مصر من النقد الأجنبى ونتخذ القرارات المناسبة، للحفاظ على هذه الموارد وحمايتها، لان هذه الموارد هى الدماء التى تجرى فى شرايين الاقتصاد لتوفير السلع والخدمات لمصر، لأننا معتمدون بشكل كبير على شراء خدمات وسلع من الخارج، وبالتالى نجحت هذه القرارات، وأصبح لمصر سمعة فى الأسواق الدولية، تتيح لها توافر الموارد للمعيشة اليومية للمجتمع، ولكل مشروعات التنمية.
وأضاف عامر: الاستقرار النقدى مهم جداً للاقتصاد المصرى، وقد نجحنا فى عبور أزمة كورونا وحماية المجتمع من صدمة الأسعار، والحفاظ على مستويات أسعار الصرف، من خلال التدخل بالاحتياطيات الدولية، التى بناها البنك المركزى بعد برنامج الإصلاح، والتى كانت أحد أبرز مزاياه، ومصر من الدول القليلة فى العالم التى لم تشهد زيادة أسعار، كما حدث فى العديد من البلدان، لذا مررنا بأزمة كورونا بنجاح كبير وأخذنا شهادة دولية، فى سياسات الحكومة المصرية فى التعامل مع كورونا، وكان ضمن هذه السياسات المهمة فى هذا الشان، التوازن فى عملية الاغلاق وعدم الاغلاق، وبالتالى هناك مؤسسات كثيرة استمرت فى العمل ولم تفقد فرص العمل، وبالتنسيق مع رئيس الوزراء، تم ضخ أموال ضخمة، كسيولة فى السوق المصرية، لنساعد كل المؤسسات، ألا تفقد القدرة على الانفاق على العمالة والانتاج، وأخذنا نحو 21 مبادرة خلال أزمة كورونا، منها تخفيض أسعار الفائدة للمقترضين، وضخ تمويل ضخم للقطاع الخاص وصل إلى 600 مليار جنيه فى عام 2020، كزيادة فى الائتمان فى القطاع الخاص.
ولفت محافظ البنك المركزى إلى أنه فى النصف الثانى من العام 2021 جاءت أزمة البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى الذى بدأ وقتها فى سحب سيولة الدولار من الأسواق العالمية، الأمر الذى تسبب فى سياسة انكماشية، وبالتالى بدأت السيولة تهرب من الأسواق الناشئة، ومن ضمنها مصر، ونظراً للاحتياطيات القوية نجحنا فى سداد جميع التزاماتنا الدولية فى توقيتاتها، وتوفير كل احتياجات السوق المصرى، خلال أزمة التضييق النقدى الذى قام به البنك المركزى الفيدرالى، وفعلأً حافظنا على استقرار المؤشرات النقدية.
كما قال السيد/ طارق عامر خلال المؤتمر الصحفي: فوجئنا بالأزمة الروسية ـ الأوكرانية، والتى فرضت ظلالها على عدم استقرار الاقتصاد العالمى، وبالتالى أثرت أيضاً على مصر باعتبارها جزءاً من السوق الدولى، حيث نتعامل مع السوق الدولى كل عام فى حدود ما بين 100 إلى 150 مليار دولار، من واردات وصادرات واستثمار وغيرها.
وأكد أن ما يتم اتخاذه من إجراءات تستهدف الحفاظ على ثقة الاستثمار الأجنبى، وثقة أسواق المال الدولية فى مصر، هذا إلى جانب المحافظة على موارد مصر من النقد الأجنبى من خلال استمرار تحويلات المصريين المقيمين بالخارج.
وأوضح محافظ البنك المركزى أن ما حدث من إجراءات تصحيحية فيما يتعلق بسوق النقد الأجنبى، انما يأتى انعكاساً لتطور الاوضاع والأحداث فى الأسواق الاقتصادية العالمية والمصرية، مشيراً إلى تقارير المؤسسات الدولية الايجابية، فيما يتعلق بتصحيح مستويات أسعار الصرف فى مصر، حيث اصبحت تنافسية بالمقارنة بالدول الاخرى، وكذا تنافسية بالنسبة للصادرات، وأيضاً فيما يتعلق بتسعير الواردات بالأسعار المناسبة.
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، أوضح محافظ البنك المركزى أنه تم السيطرة على مستويات التضخم خلال السبع سنوات الماضية، وحافظنا على مستويات 3.5 و4% لفترات طويلة، مؤكداً أنه لم يتم تحريك أسعار الفائدة منذ عام 2017، بل تم الحرص على اعطاء أسعار فائدة مدعمة لقطاعات الصناعة والتشييد والبناء وغيرها من القطاعات.
وأوضح محافظ البنك المركزى أن التضخم الحادث فى مصر مستورد من الخارج، وليس نتاج أمور تتعلق بالسياسات الحالية، مؤكداً أن ما تم من زيادة لأسعار الفائدة، إنما يأتى تشجيعاً للمواطنين على الادخار، مشيراً فى هذا الصدد إلى ما اصدرته البنوك المصرية اليوم من شهادات بفائدة تصل إلى 18%، وذلك تعويضاً للمدخر المصرى عن زيادة أسعار السلع التى حدثت على المستوى العالمى، وتلبية لمتطلبات المجتمع، موضحاً أن عدد عملاء شهادات الاستثمار يصل إلى نحو 30 مليون عميل.
وجدد المحافظ التأكيد على أن السياسات النقدية ستظل دائما تعكس التطورات العالمية والدولية وكذا السوق المصرى، لافتا إلى أن هدفنا المحافظة على موارد مصر من النقد الأجنبى، وذلك توفيراً للسلع الاساسية والاستراتيجية المطلوبة للمواطن المصرى، هذا إلى جانب المحافظة على قنوات الاستثمار الأجنبى التى تسهم فى توفير النقد الأجنبى، موضحاً أن ما تم اتخاذه من إجراءات تتعلق بتوفير كميات احتياطية من القمح، ساهمت فى التعامل مع تداعيات الأزمات الحالية التى يمر بها العالم، وجعل مصر تؤمن احتياجاتها من هذه السلعة الاستراتيجية لمدة شهور.
وأشار السيد طارق عامر إلى أنه عقب تنفيذ اجراءات التصحيح عام 2016، وصلت تحويلات المصريين المقيمين بالخارج إلى 31 مليار دولار فى العام بعد أن كانت تصل إلى 12 مليار دولار فى العام فقط، وهذا يأتى ضمن ما نعتمد عليه فى الاقتصاد المصرى لتوفير الاحتياجات الخاصة بالتنمية.
وأكد المحافظ أن القرارات الجريئة التى تم اتخاذها لدعم الاقتصاد المصرى، تأتى فى إطار التنسيق والتشاور المستمر بين البنك المركزى والحكومة، فى اتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية مختلف الموارد المالية خلال الفترة القادمة.
ونوه المحافظ، خلال كلمته، إلى قوة البنوك المصرية، وأنها مستمرة فى تمويل كافة أوجه التنمية التى تتم على أرض مصر، ولديها مستويات عالية من السيولة، حيث أنها تسجل مستويات سيولة أعلى من دول أوروبية وأخرى على مستوى منطقة الشرق الاوسط، مؤكداً كذلك على قوة مؤسسة الرقابة على البنوك، قائلاً :"لدينا القدرة على المحافظة على أداء الاقتصاد المصرى.. وتلبية احتياجاته"، مضيفاً: نمر بظروف وتحديات صعبة جداً، ولكن نطبق الإجراءات العلمية بما يحافظ على اساسيات وقواعد المجتمع الاقتصادى.