فى الوقت الذى يحتفل فيه العالم خلال هذا الشهر بـ اليوم العالمى للغة الفرنسية، قد يتساءل البعض وبخاصة جمهور الثقافة والأدب العالمى، عن الرواية الفرنسية، وحجم تواجدها فى سوق النشر المصرى، أو العربى، ولماذا لا نشعر بوجودها؟، بينما نجد الرواية الإنجليزية والإسبانية، وبعض اللغات الأخرى متوفرة بكثرة لدى بعض دور النشر المصرية المهتمة بشدة بترجمة الآداب العالمية، ومواكبة كل ما هو جديد، سواء فى عالم الرواية أو القصة أو الشعر، أو فى مجالات الإبداع والفكر الأخرى.
فى هذا السياق، كشف الناشر شريف بكر، صاحب دار العربى للنشر، عن هذه الأسباب، وقال خلال حديثه مع "اليوم السابع" إن الرواية الفرنسية فى الوطن العربى، كان يتم التعامل معها بعدة طرق حتى بداية الألفية الجديدة، وكان من أبرزها، هو ترجمة أعمال الأسماء الشهيرة والمعروفة فى الأدب الفرنسى.
وأوضح شريف بكر، أنه فى الآونة الأخيرة ظهرت موجة جديدة كبيرة جدا، وظاهرة بشدة فى جوائز الأدب الفرنسى، وتتجلى فيما يعرف بالأدب ذو الأصول الإفريقية، الذى يحظى بالفوز بغالبية الجوائز، وفى ظل أزمات اللاجئين أيضا، الذين يحظون باهتمام أيضا، سواء من القراء، أو الجوائز.
كما أوضح شريف بكر، أن هناك فئة من الكتاب يكتبون أعمالهم وفقا للذائقة الفرنسية، التى تريد أن تقرأ أو تسمع صوت معين من الأدب، ومن هنا تأتى اختياراتهم لأصوات معينة، فيقومون بترجمتها إلى اللغة الفرنسية، بالإضافة إليهم هناك أيضا فئة من الأدباء فى المغرب العربى، يقومون بكتابة أعمالهم وفقا لهذه الذائقة، ورغم نجاحهم فى السوق الفرنسى، إلا أن أعمالهم حينما ترجمت إلى اللغة العربية لم تحظ بهذا الرواج أو النجاح، والسبب فى ذلك، هو أن يكتبون ما يريد الفرنسى سماعه، فيتحدثون عن الوطن العربى كما يسمعون عنه، أو كما يتخيلون.
أما عن ترجمة الأدب الفرنسى فى السوق المصرى، فأوضح شريف بكر، أن الأمر يخضع لعدة عوامل، أولها أن فرنسا تعد هى أكبر دولة فى العالم لديها عدد كبير من الجوائز المخصصة للأدب، وبناء عليه تنتج هذه الجوائز كما كبيرا من الأعمال الحاصلة على جوائز، ولكن هذه الأعمال لا تعنى على الإطلاق أنها تتمشى مع الذائقة الرائجة الباحثة عن نوع معين للقراءة، سوى أنه يتماشى مع الذوق الفرنسى فقط.
أما الأمر الثانى، فأوضح شريف بكر أن المركز الثقافى الفرنسى، يدعم مشاريع أدبية معينة وفقا لتوجهه، وبالطبع هذه المشاريع المدعومة غالبا لا تتوافق مع القارئ المصرى أو العربى، وبالطبع فالذى ينال استحسان الذائقة المصرية، لا يشترط أن يحظى بنفس الذائقة فى المغرب العربى، ومن هنا يحدث العزوف عن قراءة كل ما هو فرنسى، ما عدا الأعمال المشهورة، ولكن بشكل عام فالأدب الفرنسى لا يلقى قبولا فى الخليج، وفى المغرب العربى فهم يكتبون ويقرأون باللغة الفرنسية، ولهذا فهم ليسوا بحاجة إلى ترجمة الأدب الفرنسى، أما السوق اللبنانى أو السورى فهو ليس بالحجم الكبير.
وذكر شريف بكر أن دار العربى للنشر، سبق وأن كان لها تجربة فى ترجمة أعمال مكتوبة باللغة الفرنسية، واتضح من خلالها أن الكتاب يستخدمون لغة شديدة الخصوصية داخل اللغة الفرنسية، مثل اللغة الدراجة بين المهاجرين، تجعل ترجمة العمل أمرا صعبا وشاقا على المترجم المصرى أو العربى، ويصغب إعادة صياغتها، وتقبلها من قبل القارئ أيضا، وبعد ترجمة هذه الأعمال وجدنا أنها لم تلق أي قبول أو رواج، ناهيك عن غالبية القراء المصريين أو العرب لا يريدون قراءة أعمال تتشابه مع واقعهم أو المشكلات التى يعيشونها.
ومن جانبها، أشارت الناشرة الدكتورة فاطمة البودى، صاحبة دار العين للنشر، إلى أنها سبق وأن قامت الدار من قبل بترجمة إحدى الروايات الفرنسية إلى اللغة العربية، وفى المقابل تعاونت مع الدار إحدى دور النشر الفرنسية، المهتمة بالأدب المصرى، بترجمة 6 روايات صادرة عن دار العين، إلى اللغة الفرنسية.
ورأت الدكتورة فاطمة البودى، أن الأدب الفرنسى، يحظى باهتمام كبير فى منطقة المغرب العربى، لأن الثقافات المشتركة بينهم تعد عاملا أساسيا فى الاهتمام بما يقدمونه، ولهذا تنشط الترجمة من الفرنسية إلى العربية أو العكس، ناهيك عن أن غالبية دول المغرب العربى تتحدث اللغة الفرنسية، ويكتبون بها.
ومن جانبه، رأى الناشر شريف جوزيف رزق، مدير دار التنوير للنشر في مصر، أن الأدب الفرنسى المعاصر ليس لديه حظ بين جمهور الأدب العالمى فى مصر، فالقارئ المصرى أو العربى غالبا ما يفضل الأدب الكلاسيكى، وفى الوقت نفسه، يفضل قراءة الأعمال الفكرية الفرنسية، كالفلسفة وغيرها من العلوم الاجتماعية أيضا.
كما رأى شريف جوزيف رزق أنه الأمر يرجع فى الأساس إلى ذائقة القراء، فهذه الذائقة تفضل مثلا قراءة أعمال أمريكا اللاتينية، ولأعمال الفكرية الفرنسية، والأدب الفرنسى الكلاسيكى، لكنها فى الوقت نفسه لا تقبل على الرواية أو القصة الفرنسية المعاصرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة