في أجواء تراثية احتفالية متنوعة، يتوافد الزوار من جميع الجنسيات إلى ساحة التراث في منطقة قلب الشارقة للاستمتاع بفعاليات مهرجان أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ19، والتي انطلقت يوم 10 مارس وتستمر حتى 28 منه، مسجلة مستوى قياسياً لأعداد الحضور، وبما يؤكد بأن التراث وعشق الموروث حب راسخ لا يتغير رغم مرور الأيام.
وتواصل الأجنحة والمعارض المشاركة عرض منتجاتها ومعروضاتها المختلفة يومياً للزوار على وقع الأهازيج الغنائية والرقصات والفنون الشعبية المحلية والعربية والعالمية التي تجذب أنظار الحضور من الكبار والأطفال ليشكلوا حلقات رائعة تحيط بالمشاركين في هذه العروض.
وكان جمهور أيام الشارقة التراثية على موعد مساء كل يوم مع (تحدي التبراة) وهي مسابقة ابتكارية جديدة تطرح لأول مرة تربط المشاركين بالألعاب الشعبية القديمة في الإمارة، وتقع أحداثها بجانب البيت الغربي، مستقطبة عشرات المشاركين ومئات المتفرجين في جو مليء بالحماس والإثارة والتنافس والجوائز اليومية القيمة للفائزين.
وفي هذا يقول المخرج عبدالله الجنيبي صاحب فكرة المسابقة: تحدي التبراة هي مسابقة مبتكرة كانت مجرد فكرة راودتني قبل 10 سنوات، وقمت بدراستها بشكل واف ووضع تصور كامل عنها منطلقاً من حقيقة أن التراث الشعبي الإماراتي يتسم بالغنى والثراء، وفيه الكثير من المكونات والعناصر التي تستحق أن تعود وتستعاد بطريقة جديدة ومبتكرة، تواكب تطور العصر، وتنسجم مع رغبات الناس.
ويضيف: طالما كان معهد الشارقة للتراث وما يزال يذكرنا بهذا الماضي الجميل ومفرداته من خلال أيام الشارقة التراثية، وهذا ما دفعني لطرح الفكرة على القائمين على المعهد خلال فعاليات النسخة الأولى من المهرجان العربي لفيلم التراث، وبالفعل أبدى الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس المعهد ورئيس اللجنة العليا للمهرجان اهتمامه الكبير بالفكرة، بل وتبناها بعد اطلاعه على تصور كامل وشامل عن المسابقة وأهدافها.
ويشير الجنيبي إلى أن رسالة تحدي التبراة تكمن في كيفية الاستفادة من الموروث الشعبي الخالد والألعاب الشعبية الإماراتية القديمة والتي كنا نمارسها في زمن الطفولة، بحيث ننقلها للجيل الجديد بشكل مبتكر، وفي نفس الوقت نسهم بأسلوب شيق في الجهود الرامية لترويج الموروث لجميع شعوب العالم وبما يواكب شعار هذا العام (التراث والمستقبل).
ويوضح بأن المسابقة تتكون في موسمها الأول من 5 ألعاب شعبية تم اختيارها بعناية، وهي التيلة، والرنج، والقبة والمسطاع، والكرابي، واليونية، وتنظم كل لعبة بنظام المجموعتين، وفي كل مجموعة 3 لاعبين يتسابقون فيما بينهم للانطلاق في رحلة ذهاب وإياب وصولاً إلى النقطة المحددة للنهاية. وروعي أن تكون مجسمات هذه الألعاب من الحجم الكبير الذي يشابه ألعاب التيلي ماتش المعروفة. فمثلاً يبلغ وزن كرة التيلة 125 كيلو جراماً، فيما يصل قطر الرنج العملاق (لعبة العجلة) إلى حوالي 5.5 متراً، فيما تم تجسيد مضرب القبة والمسطاع بعصا طولها 3 أمتار ووزنها 40 كيلو جراماً، في حين جاء الكرابي بمجسم كبير جدًا يرتديه المتسابق في محاولة دفعه للمنافس، بينما لعبة اليونية، فيدخل المتسابق في هذا الكيس ويحمل على ظهره سلة كبيرة مليئة بالكرات، ويحاول أن يتحرك ويتخطى الحواجز التي أمامه ويذهب ويعود بالتعاون مع زملائه بشكل تتابعي في سباق مثير حتى الوصول إلى النهاية.
وكشف الجنيبي أن المسابقة شهدت مشاركين مجموعات من جاليات دول مختلفة مثل نيجيريا وتشاد وباكستان وتشاد وبنغلاديش والهند ومصر والسودان وغيرها، مع لفيف من جماهيرهم التي تشجعهم بالتصفيق والتحفيز في ربط رائع لهؤلاء المشاركين والحضور بالموروث الإماراتي القديم، وفي جو من الفكاهة والكوميديا بإدارة كل من الفنان ناجي خميس وخالد المطروشي، وبدعم فريق العمل القائم على تنظيم المسابقة.
وأكد الجنيبي أن المسابقة تطبق جميع عناصر السلامة والحماية للمشاركين والحضور بإشراف ومتابعة دائمين من فريق العمليات المكون من 10 شباب إماراتيين ومجموعة من الطلبة المتعاونين، حيث يشرفون عن قرب على سلامة اللاعبين منذ بداية اللعبة إلى نهايتها، منوهاً بأن الألعاب المستخدمة في هذه المسابقة هي مواد بلاستيكية قوية تضمن سلامة المشاركين وجميعها مصنوعة خصيصاً لهذه المسابقة، كما تتطلب بعض الألعاب ارتداء الخوذة، وجميعها ألعاب مستدامة يمكن استخدامها في الدورات المقبلة من "الأيام"، كما يسهل نقلها إلى مواقع أخرى في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة، علماً بأن الجمهور سيكون في نسخة العام القادم على موعد مع 5 ألعاب أخرى جديدة وبقوالب وأشكال أكثر جذباً وتشويقاً.