قال مرصد الأزهر في تقرير له إنه في الآونة الأخيرة، أصبحت صور ضحايا الحروب من الأطفال مادة إعلامية دسمة تهز مشاعر المجتمع الدولي وتحركها، وبالرغم من ذلك فإنها لم تحسم الأمر قط لصالح الطفولة، بل باتت تُمثل "تجارة رابحة" لأصحاب المصالح على المستويين الإقليمي والدولي، وكان من بين تلك المواد الإعلامية صورا لأطفال محتجزين داخل معسكرات بسوريا والعراق وسط ظروف احتجاز قاسية يعجز عن تحملها أعتى الرجال، هؤلاء الأطفال هم ضحايا لتنظيم "داعش" الإرهابي، وأيضا باتوا ضحايا للمجتمع الدولي؛ لرفض العديد من الدول استعادتهم من مناطق الصراع التي كان يسيطر عليها التنظيم، بحُجة خطورتهم على المجتمع الذي سيعودون إليه، ما يُمثل شكلًا خطيرًا من أشكال العنف ضد الأطفال.
وتابع المرصد أنه في فرنسا على سبيل المثال، حذر بعض هؤلاء الأكاديميين المتخصصين في مجال "الطفولة"، من بينهم "بوريس سيزولنيك"، والسيدة "موروين فيريه مورو"، والتي قالت في الدراسة سالفة الذكر : "إن فرنسا ما زالت تُصر على ترك أطفالها يضيعون في المخيمات السورية، في حين أنهم ليسوا أطفال داعش، وإنما هم أولادنا، أطفالنا الفرنسيون"، ولكن هناك نحو (200) طفل فرنسي سجين بصحبة أمهاتهم داخل مخيمات بشمال شرق سوريا، ويعيش هؤلاء الأطفال في خيام مؤقتة، محاطة بأسلاك شائكة في البرد والوحل، فهم ليسوا متعلمين، ولا يتلقون أية رعاية، وإنما هم ضحايا حرب، يشاهدون رفاقهم من جنسيات أخرى وهم يعودون إلى أوطانهم.
وبناء عليه يرى مرصد الأزهر أن التأهيل النفسي لهؤلاء الأطفال سيساعد في تحسين قدرات ضبط النفس ومنع الانحرافات السلوكية والإجرامية في المستقبل، خاصةً أن بعض الدراسات في مجال علم النفس تشير بوضوح إلى أن التعرض للإساءة في مراحل الطفولة يعطل المسار الطبيعي لنموهم العاطفي، فالأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة معرضون لخطر الإصابة بمجموعة متنوعة من مشاكل الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات والجريمة وأشكال أخرى من السلوك العاطفي غير المنظم.
كما أن مظاهر العنف التي يتعرض لها الطفل سواء اللفظي أو الجسدي تعمل على انتاج شخصية مستقبلية تتسم بالبلطجة والتنمر، وتكون مثل هذه الشخصية مرشحة بدرجة كبيرة للميل نحو التطرف والإرهاب والجنوح، والذي يتسبب بدوره للأسرة والمجتمع في الكثير من المشكلات التي يصعب حصرها.
وحذر المرصد من أن يصبح هؤلاء الأطفال قنابل موقوتة تهدد أمن المجتمعات والدول واستقرارها، بل ربما يصبح هؤلاء الأطفال عناصر فاعلة في التنظيمات الإرهابية في المستقبل القريب.