واصلت روسيا تحركاتها العسكرية للأسبوع الثاني علي التوالي في ثاني أيام فتح الممرات الإنسانية لإجلاء العالقين، وسط أزمة معقدة في أسواق النفط عالمياً وموجة غلاء تنتاب غالبية دول العالم، وفي ظل أزمة لاجئين ونازحين في دول الجوار الأوكراني وصفها مسئولون أوروبيون بالأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
واستأنفت القوات الروسية عملياتها، الثلاثاء، بشكل محدود بالتزامن مع فتح ممرات إنسانية في ثاني أسبوع من العمليات العسكرية التي يعتبرها الغرب عدوناً علي السيادة الأوكرانية، فيما تراها موسكو "دفاعاً عن المدنيين في إقليم دونباس" الذي ترتبط إدارته باتفاقيات صداقة مع الحكومة الروسية.
ممرات إنسانية وأزمة لاجئين
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية فتح ممرات إنسانية، وتطبيق نظام وقف إطلاق النار، وقالت الوزارة: سيتم فتح ممرات إنسانية في كييف وتشيرنجيف وسومي وخاركوف وماريوبول، وتطبيق نظام وقف إطلاق النار اعتبارا من اليوم في العاشرة بتوقيت موسكو.
وأضاف بيان الدفاع الروسية: على مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية، دمرت طائرات قاذفة وطائرات هجومية تابعة للقوات الجوية - الفضائية الروسية 158 منشأة عسكرية في الأراضي الأوكرانية.
وحسبما أفادت وزارة الدفاع الروسية: في 7 مارس، تم تعطيل مطار أوزيرنو التابع لسلاح الجو الأوكراني في منطقة جيتومير بأسلحة بعيدة المدى عالية الدقة، أسقطت الطائرات المقاتلة التابعة لقوات الفضاء الروسية في الجو طائرتين من طراز ميغ-29 وواحدة من طراز سو-27 من سلاح الجو الأوكراني.
وتوقف عن العمل أيضا: فرقتان أوكرانيتان من نظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز إس-300 ، و 3 أنظمة إطلاق نار ذاتية الدفع من طراز Buk M-1 ، و 4 مراكز قيادة ، ومحطتا رادار ، و 9 مستودعات للذخيرة ، و 11 منطقة لتركيز الأسلحة والمعدات العسكرية.
وقالت الوزارة: بالإجمال، ومنذ بداية العملية، تم تدمير 2482 من مرافق البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا خلال العملية ، حسب ما أفادت وزارة الدفاع الروسية: ومن بينها: 87 موقعًا للقيادة ومركزًا للاتصالات للقوات المسلحة الأوكرانية ، و 124 من أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز إس-300 و Buk M-1 وOsa، بالإضافة إلى 79 محطة رادار. و 866 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى ، و 91 نبطارية صواريخ، و 317 مدفعية ميدانية وهاون ، و 634 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة ، و 81 مركبة جوية بدون طيار.
وفي موسكو، جدد الكرملين شروطه لوقف العملية العسكرية في أوكرانيا، حيث قال المتحدث ديمتري بيسكوف في تصريحات نشرتها وكالة رويترز مساء الإثنين، إن العمليات ستتوقف في أي لحظة إذا استجابت كييف للشروط الروسية ، ولا بد أن تعدل أوكرانيا الدستور، وتنبذ أي مطالب بالانضمام لأي تكتل، أما الشرط الثاني ـ بحسب بيسكوف ـ فهو وقف العمليات العسكرية الأوكرانية تماما، واعتراف أوكرانيا بأن شبه جزيرة القرم، أرض روسية، كما عليها الاعتراف بدونيتسك ولوجانسك كدولتين مستقلتين.
ومع فتح الممرات الإنسانية، وتراجع وتيرة العمليات، تزايدت حالة النزوح واللجوء داخل الأراضي الأوكرانية وإلى دول الجوار، ما وصفه المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فيليبوجراندي بـ"موجة اللجوء الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية"، وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أوروبية : أكثر من 1.5 مليون شخص غادروا أوكرانيا في أحد عشر يومًا من الحرب ولجأوا إلى إحدى الدول المجاورة وغيرها في أوروبا، وبولندا وحدها استقبلت حوالى مليون لاجئ، .. نحن نواجه أسرع أزمة لاجئين متنامية منذ الحرب العالمية الثانية".
وتابع جراندي : تم تسجيل حوالي 55% من اللاجئين في بولندا المجاورة ، و 12% في المجر و 8% في مولدوفا، كما استقبلت سلوفاكيا حتى الآن 7% من الأشخاص الذين فروا من أوكرانيا ورومانيا 5% ، وانتقل حوالي 9% من اللاجئين إلى دول أخرى في أوروبا ليست جيرانًا لأوكرانيا.
من جانبه، قال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيببوريل إن من المتوقع فرار ما يصل إلى 5 ملايين أوكراني من بلادهم، إذا واصلت روسيا القصف، داعياً إلى حشد كل الموارد لدعم الدول التي ستستقبل اللاجئين.
المرتزقة .. ورقة اتهام متبادل بين الغرب وروسيا
وتزايدت الاتهامات المتبادلة بين موسكو والغرب، بشأن الدفع بمرتزقة في الأراضي الأوكرانية ، حيث قال مسئولون بوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون إنهم يعتقدون بصحة التقارير التى تتحدث عن محاولة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تجنيد مقاتلين أجانب للقتال فى أوكرانيا نيابة عن القوات الروسية.
وفى تصريحات لشبكة "سى إن إن"، قال المتحدث باسم البنتاجون جون كيربى إن لديهم مؤشرات تؤكد هذه التقارير بأنهم، أى الروس، يحاولون تجنيد مقاتلين أجانب، خاصة مع وجود أكثر من 150 ألف جندى، وتوقف تقدم القوات الروسية داخل أوكرانيا خاصة فى الشمال، وهو ما جعل بوتين يرى ضرورة محاولة تجنيد مقاتلين أجانب من أجل حربه.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال هى أول من أشار إلى محاولة الرئيس الروسى تجنيد قوات أجنبية للقتال فى أوكرانيا، وأعلن كيربى أيضا أنه سيتم نشر 500 جندى أمريكى فى بولندا ورومانيا وألمانيا واليونان لتعزيز حلف شمال الأطلنطى. وقال إن هؤلاء الجنود سيدعمون القوات الأمريكية الموجودة بالفعل فى أوروبا، مؤكدا على أن هذه قوات للدفاع.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن الجيش الأمريكي لديه الآن حوالي 100 ألف من القوات المتمركزة في أوروبا، سواء بالتناوب أو بشكل دائم وذلك بعد مرور ما يقرب من أسبوعين على بدء روسيا حربها على أوكرانيا.
الاتهامات الأمريكية جاءت بعد أيام من تصريح مدير الاستخبارات الروسية سيرجي ناريشكين الذي قال فسيه إن أجهزة المخابرات الغربية بدأت في نقل مقاتلين أجانب لأوكرانيا، وهو ما حذرت منه وزارة الدفاع الروسية في بيان منفصل قالت خلاله إن "المرتزقة الغربيين" سيحرمون من معاملة أسري الحرب.
أسعار النفط تصدم السوق العالمية.. وموسكو تحذر
وقفزت أسعار النفط اليوم، إلى أعلى مستوياتها منذ 2008، حيث ارتفع خام برنت 5.1 دولار أي ما يعادل 4.3 في المائة ليصل إلى 123.21 دولار للبرميل، بينما أغلقت عقود خام تكساس الوسيط مرتفعة 3.72 دولار، أو 3.2 في المائة، عند 119.40 دولار للبرميل.
الارتفاع الجديد في أسعار النفط جاء بعدما حذر نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندرنوفاك الاثنين من أن أسعار النفط قد تقفز فوق 300 دولار للبرميل، إذا حظرت الولايات المتحدة وأوروبا واردات الخام من روسيا.
وأضاف نوفاك في بيان بالفيديو أذاعه التلفزيون الروسي"من الواضح تماما أن رفض النفط الروسي سيؤدي إلى عواقب كارثية للسوق العالمي."
وفى الكونجرس الأمريكي، أعلن أعضاء بارزون من الجمهوريين والديمقراطيين توصلهم إلى اتفاق بشأن مشروع قانون من شأنه أن يعاقب روسيا على غزوها لأوكرانيا مع سعيهم لحظر واردات أمريكا من النفط الروسى، وفى نفس الوقت تمكين الرئيس بايدن بشكل أكبر لفرض تعريفة جمركية على المنتجات الروسية، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.
وجاء الإعلان بعد نشاط تشريعى واسع وسريع الحركة فى الكابيتول، حيث سعى النواب إلى مضاعفة العقوبات المفروضة على الكرملين بالدفع لدعم أوكرانيا بمليارات الدولارات من المساعدات الإنسانية والعسكرية والاقتصادية.
غير أن صحيفة واشنطن بوست أشارت إلى أن الاستراتيجية الأمريكية التى تسعى لمضاعفة آلام روسيا، تهدد بأن يكون لها تداعيات اقتصادية أكبر. فقد أغلق مؤشر داو جونز الصناعى على انخفاض الاثنين بنحو 800 نقطة، وهو تراجع وصلت نسبته إلى 2.4%، وذلك بعدما تسببت الحرب فى يوم آخر صاخب فى وول ستريت جورنال. وتراجع مؤشر ناسداك نحو 480 نقطة او 3.6%.