بعد أيام من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وحالة التخبط الأولى التى بدا عليه الموقف الغربى جراء ما حدث رغم ما سبق ذلك من أشهر من التحذيرات من الغزو الروسى وعواقبه المحتملة، بدأت إستراتيجية الغرب فى التعامل مع الازمة، الأكبر فى أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، تتضح معالمها.
وإلى جانب سلاح العقوبات الاقتصادية القاسية الذى أشهرته الولايات المتحدة وأوروبا فى وجه موسكو، تعتمد الإستراتيجية الغربية على المشاركة غير المباشرة بالسلاح لتعزيز الأوكرانيين الذين يواجهون هجوم روسيا، إلى جانب بحث تأسيس حكومة أوكرانية فى المنفى تحسبا لسقوط كييف.
حيث قالت شبكة "سى إن إن" إن المسئولين الأمريكيين والأوروبيين كانوا يناقشون الكيفية التى يمكن أن يدعم بها الغرب حكومة بالمنفى يقودها الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فى حال اضطراره للفرار من كييف، بحسب ما قال مسئولون غربيون.
وتراوحت المناقشات ما بين دعم زيلينسكى وكبار المسئولين الأوكرانيين فى انتقال محتمل إلى لفيف غرب أوكرانيا، إلى إمكانية أن يضطر زيلينسكى ومساعدوه إلى الهروب من أوكرانيا معا وتأسيس حكومة جديدة فى بولندا.
وأشارت الشبكة إلى أن المحادثات لا تزال أولية، ولم يتم اتخاذ قرار بعد، بحسب ما أوضحت المصادر.
ويشعر المسئولون الغربيون أيضا بالقلق من مناقشة فكرة حكومة فى المنفى بشكل مباشر مع زيلينسكى لأنه يريد البقاء فى كييف ورفض حتى الآن المحادثات التى تركز على أى شىء آخر سوى دعم أوكرانيا فى قتالها ضد روسيا، وفقا لما ذكره اثنان من الدبلوماسيين الغربيين. وأضافا أنه كانت هناك نقاشات بشأن إرسال واحد او أكثر من أعضاء حكومة زيلنسيكى إلى مكان خارجى حيث يمكن تأسيس حكومة فى حال سقوط كييف أو لم يعد زيلينسكى قادرا او مستعدا للخروج.
وكان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن قد قال فى تصريحات لقناة CBS الأمريكية، الأحد، أن الأوكرانيين لديهم خطط قائمة لن يتحدث عنها أو يخوض فى تفاصيلها لضمان استمرارية الحكومة بطريقة أو بأخرى.
وكان المسئولون الأمريكيون والأوروبيون يعتقدون فى الأيام الأولى للحرب أن انتقال زيلينسكى إلى لفيف ربما يكون قريبا لأنه ليس واضحا ما إذا كانت روسيا ستستهدف غرب أوكرانيا. لكن الآن، ومع تصعيد روسيا هجومها خلال الأيام الماضية، لا يعرفون ما إذا كانت روسيا ستترك أى شبر من الأراضى الأوكرانية.
وفيما يتعلق بالتسليح، أمدت الدول الغربية أوكرانيا بكميات وافرة من الأسلحة التى تحتاجها لمقاومة الهجمات الروسية. حيث قالت صحيفة نيويورك تايمز أن الولايات المتحدة والناتو، وفى أقل من أسبوع، أرسلوا أكثر من 17 ألف سلاح مضاد للدبابات منها صواريخ جافلن، إلى حدود رومانيا وبولندا، حيث تم إنزالها من طائرات شحن عسكرية ضخمة لتبدأ رحلتها للوصول إلى العاصمة الأوكرانية كييف والمدن الكبرى الأخرى فى البلاد.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الأسلحة تعد فقط المساهمات الأكثر وضوحا، فهناك قوات من القيادة الإلكترونية الأمريكية، والتى تعرف باسم فرق المهام الإلكترونية، المخبأة بعيدا فى قواعد حول شرق أوروبا، تعمل لاعتراض الهجمات الرقمية والاتصالات الروسية، لكن قياس معدل نجاحها صعب، بحسب ما يقول المسئولون.
وفى واشنطن وألمانيا، يسارع مسئولو الاستخبارات لدمج صور الأقمار الصناعية باعتراضات الكترونية لوحدات عسكرية روسية وتجريدها من التلميحات الخاصة بكيفية جمعها، وإرسالها إلى الوحدات العسكرية الأوكرانية فى غضون ساعة أو ساعتين.
أما الرئيس الأوكرانيى فولوديميز زيلينسكى، والذى يحاول البقاء بعيدا عن أيدى القوات الروسية فى كييف، يسافر بمعدات اتصالات مشفرة قدمها الأمريكيون، والتى تمكنه من إجراء مكالمة آمنة مع الرئيس بايدن. واستخدم زيلينسكى المعدات فى إجراء اتصال مساء السبت مع نظيره الأمريكى حول ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة من جهود لمساندة أوكرانيا دون الدخول فى قتال مباشر على الأرض أو فى الجو أو فى الفضاء الإلكترونى مع القوات الروسية.
وقد رحب زيلينسكى بالمساعدة حتى الآن، لكنه كرر الانتقادات التى أدلى بها علنا من قبل بأنها غير كافية بشكل كبير للمهمة القادمة، وطلب فرض حظر طيران فوق أوكرانيا، ورفض كل صادرات الطاقة الروسية وإمدادات جديدة بطائرات مقاتلة.
لكن الصحيفة تقول إن تلك مسألة تنطوى على توازن حساس. وقد أمضى بايدن يوم السبت مع فريقه للأمن القومى يبحث عن طريقة لتقوم بولندا بتزويد أوكرانيا بطائرات ميج السوفيتية المستخدمة التى يعرف الطيارون الأوكرانيون كيفية تشغيلها، لكن الصفقة مرتبطة بإعطاء بولندا فى المقابل طائرات إف 16 الأمريكية الأكثر تقدما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة