ثورة 1919 كانت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية في مصر عقب الحرب العالمية الأولى، بقيادة الوفد المصرى الذى كان يرأسه سعد زغلول ومجموعة كبيرة من السياسيين المصريين، كنتيجة لتذمر الشعب المصرى من الاحتلال الإنجليزي وتغلغله في شؤون الدولة بالإضافة إلى إلغاء الدستور وفرض الحماية وإعلان الأحكام العرفية وطغيان المصالح الأجنبية على الاقتصاد، واندلعت ثورة المصريين ضد الاحتلال البريطانى بقيادة سعد زغلول والتي عرفت باسم ثورة 1919، وكان للمفكر الكبير عباس محمود العقاد رأى فى زعامة سعد وأثرها، فماذا قال العقاد؟.
سجل العقاد فى كتابة "سعد زغلول زعيم الثورة"، وجهة نظره عن الزعيم الراحل سعد زغلول، حيث يقول المفكر الكبير عباس محمود العقاد، إن سعد زغلول كان خير زعيم فى مصر، لأنه فلاح من أمة الفلاحين، وحسبك أن تعمد إلى نموذج الفلاح المصرى فتضاعف ما فيه من خلائقه وعاداته وخصائص بيئته لترى أمامه سعدًا ماثلاً فى عظمته المصرية، قائما على مرتقى المثل الأعلى لتلك الخصائص القومية، وليست آيه أفصح من هذه الآية على صدق لنهضة السعدية وجريانها مع طبائع الأمور.
ويوضح العقاد: وقد اجتمعت لسعد من مزاياه الشخصية ومن توفيقات العصر فى حياته صفة الزعامة الواجبة على المصريين، أو الزعامة الملائمة لأطوار النهضة الأخيرة فى هذه الأمة، فهو ـ لأنه كان فلاحًا من أصحاب المراتب العالية ـ قد استطاع أن يجمع حوله السواد والعلية من أبناء الفلاحين، وهو قوام الأمة المصرية.
وأضاف العقاد: ولأنه كان صديقًا لقاسم أمين على رأيه فى تهذيب المرأة، قد استطاع أن يقود النهضة الأولى التى اشترك فيها الرجال والنساء، وشملت الأمة كلها، لأنها شملت البيت كله ولأنه كان حاضر الفتوة، وافر الحماسة فى الشباب والكهولة والشيخوخة، قد استطاع أن يقود الشبان المتلهبين كما يقود الشيوخ المحنكين، أو استطاع أن يجمع الجيلين فى ثورة واحدة، وقلما يجتمعان.
ولو لم يكن حبه الحرية مصلحة عامة وعقيدة راسخة، لكان مصلحة خاصة تقوم عنده مقام العقدية، فهو يذود عن كبريائه حين يقضى للفلاح بحق الحرية، لقد وجدت الأمة المصرية نفسها على يدى سعد، ولم يكن لها قط وجود أكمل من وجودها إلى جانب هذا الزعيم، وهذا أثر لزعامته لاشك فيه، وهذا وحده فى عالم السياسة أثر يعلو على جميع الآثار.
