نقلا عن الورقى..
ـ القمة المصرية السعودية تعزز آفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين
لطالما توحدت الرؤى المصرية والسعودية إزاء القضايا المحورية فى المنطقة، ولا سيما تجاه قضايا مكافحة التطرف والإرهاب، وهو ما يُعد بمثابة ركيزة توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين، تلك العلاقات التى انطلقت مسيرتها منذ عشرات السنوات، فامتدت جذورها منذ 1926، حيث وقعت مصر والسعودية على معاهدة الصداقة بينهما، كما دعمت المملكة مطالب مصر في الاستقلال وجلاء القوات البريطانية.
ودعم أسسها الملك عبدالعزيز آل سعود أواصر تلك العلاقات بأولى زياراته لمصر عقب توحيد المملكة فى العام 1946م، ثم ازدادت بمرور الوقت قوة أنسجة تلك العلاقات الخاصة بين البلدين بمختلف المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو التجارية والصناعية والعسكرية والتقنية، ليصنعا الشقيقتان عبر تلك الاندماجات قوة هائلة مؤثرة فى مسار القضايا الجوهرية بالمنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط، باعتبارهما الدولتين الكبيرتين في محيطهما العربي والشرق أوسطى، وعلاقتهما ركيزة محورية من ركائز استقرار المنطقة المحاطة بعديد من التحديات، وانعكست متانة تلك العلاقات بشكل إيجابي على الكثير من الملفات المعقدة بالمنطقة من الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والعراق وغيرها.
انطلاقًا من الإيمان بأهمية تلك العلاقات ومحوريتها ليس فقط بالنسبة للدولتين، بل على صعيد ترسيخ الاستقرار الإقليمى، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على استكمال مسيرة تلك العلاقات بل وإعطائها مزيدا من القوة، وقد ترجمت الزيارات المتبادلة بين مصر والسعودية عن العمق الاستراتيجي لتلك العلاقات.
فيما أكد كتاب سعوديون لـ«اليوم السابع»، أهمية الرسائل التي تبعث بها الزيارات المتبادلة بين مصر والسعودية، وقال خالد المالك رئيس هيئة الصحفيين السعوديين ورئيس اتحاد صحافة الخليج ورئيس تحرير صحيفة الجزيرة السعودية، إن العلاقة بين مصر والسعودية علاقات أخوية شديدة الخصوصة، تؤكدها المواقف التاريخية والسياسية بين البلدين فمصر دائما حاضرة لأنها دولة كبيرة ومحورية ومؤثرة فى المنطقة والعالم أجمع ولمصر تاريخ كبير فى دعم الدول العربية، وكذلك المملكة والدولتان تلعبان دورا محوريا فى الدفاع عن قضايا العرب وترسيخ السلام فى المنطقة، فيما قال الكاتب السعودي محمد الشهرى رئيس صحيفة المواطن السعودية، إن زيارة الرئيس السيسى السادسة للرياض تأتى فى سياقها فدائما نجد خطوات تغذى وتحفز التعاون المتين بين البلدين وتكتسب الزيارة أهمية خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة والعالم من ظروف دقيقة تقتضى التكاتف لضمان الاستقرار.
زيارات تعكس عمق العلاقات
تعددت الزيارات المتبادلة بين البلدين فقد قام الرئيس السيسى بخمس زيارات للرياض إضافة لزيارته أمس، كما زار الملك سلمان القاهرة فى إبريل عام 2016، وجرى خلال تلك الزيارة التى استمرت 5 أيام،ت وقيع 21 اتفاقية تعاون بين الدولتين.
وتمخضت تلك الزيارة التاريخية عن تطوير آليات التعاون فى إطار اتفاقيات جديدة بين البلدين، شملت جميع أوجه التعاون المشترك بين البلدين فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية، فضلا عن تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين فى خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
كما زار الأمير محمد بن سلمان ولى عهد السعودية نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، مصر عام 2018 وهى الزيارة التى شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين شهدها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مجالات استثمارية ضخمة مختلفة، وتأسيس صندوق استثمارى مصرى- سعودى بإجمالى مبلغ 16 مليار دولار لضخ الاستثمارات السعودية فى تلك المشروعات فى عدد من محافظات مصر، ثم تبعها توقيع اتفاقيات أخرى مختلفة.
نتائج مثمرة
وفى سياق أهمية الزيارات المتبادلة بين البلدين قال السفير أسامة نقلى سفير المملكة العربية السعودية بالقاهرة؛ أن استقبال خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد لأخيهم فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتى في اطار الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين.
وأكد السفير السعودى؛ فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»؛ أن تلك الزيارات تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتؤكد على الحرص على تعزيزها في كافة المجالات والدفع بها دائماً لافاق ارحب بما يخدم المصالح المشتركة، ويكرس التنسيق والتشاور المستمر في خدمة قضايا امتينا العربية والاسلامية، وخدمة الامن والسلم الدوليين.
وأكد السفير أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمملكة، ولقائه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد في هذا التوقيت، تأتي في إطار النمو المستمر للعلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين الشقيقين في ظل الروابط الأخوية التي تجمع بينهما على المستويين القيادي والشعبي.
السفير أسامة نقلى
وقال إن لقاءات القيادة المتواصلة، تعكس الاهتمام والحرص على تكريس العلاقة بين البلدين في جميع قطاعات التعاون المشترك، وتعزيزها والدفع بها لآفاق أرحب في خدمة المصالح المتبادلة.
وأضاف نقلى، أن التنسيق والتشاور السياسي بين القيادتين، يهدف دوماً إلى تبادل الرؤى ووجهات النظر حيال القضايا الإقليمية وتحدياتها ومجمل القضايا الدولية ومستجداتها، يدعم هذه المشاورات، التواصل المستمر بين وزيري خارجية البلدين في إطار لجنة المتابعة والتشاور السياسي. وفق بيان للسفارة.
وعبر السفير نقلي عن ثقته بالنتائج المُثمرة والبناءة لهذه الزيارة في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
مكافحة الإرهاب
وعلى صعيد تطابق الرؤى، يأتى مكافحة التطرف والإرهاب فى المقدمة، حيث تتطابق رؤى البلدين وقيادتيهما تجاه قضايا مكافحة التطرف والإرهاب باعتبارها من أهم الأسباب التي تدفع المنطقة إلى هاوية الخطر بعيدا عن الأمن والسلم والاستقرار المنشود، حيث تكاتفت جهودهما، وقاما بتنسيق المواقف لمواجهة ذلك والوقوف بحسم وحزم ضد القوى والدول المحركة والداعمة له، وطالبت مصر والسعودية مرارا وتكرارا باجتثاث منابع هذه الآفة الخطيرة التي هددت دولا ومجتمعات وأصبحت تشكل خطرا على العالم بأسره وليس فقط دول المنطقة.
مواقف تاريخية
يحفل التاريخ بما سجله من مواقف الدعم المتبادل بين القاهرة والرياض بما لا يدع مجالا للشك أنهما يمثلان طرفى المعادلة لحفط التوازن فى الشرق الأوسط وعليهما يقع العبء الأكبر فى تحقيق الاستقرار بالمنطقة، فقد سبق وأن أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية فى إجلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية، ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وتوجت هذه العلاقات في 27 أكتوبر 1955، بتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين، كما دعمت السعودية مطالب مصر أثناء العدوان الثلاثي عام 1956.
وشاركت السعودية فى حرب أكتوبر 1973، وقادت معركة موازية في مواجهة الدول الكبرى، باستخدام البترول لدعم الجيش المصري على جبهات القتال في سيناء. ومن بين أبرز تلك المواقف مؤخرا تأكيد المملكة دعمها حقوق مصر المائية، التى تعد السد الاحترازى للوطن العربى أجمع.
ومن المواقف الدالة أيضا على دعم المملكة العربية السعودية لثورة 30 يونيو على المستوى الاقتصادى، بلغ حجم الاستثمارات السعودية فى مصر بعد الثورة مليار جنيه، فيما بلغ حجم المساعدات 5مليارات دولار، حيث أودعت المملكة مليارى دولار كوديعة فى البنك المركزى لدعم الاحتياطى المصرى من النقد الأجنبى، ومليارى دولار منتجات نفطية وغاز، ومليار دولار نقدًا.
وتم تخصيص مبالغ كبيرة لتمكين مصر وسوريا والأردن من الصمود عقب العدوان الإسرائيلى على الدول العربية عام 1967، حيث توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها.
وبلغ حجم الدعم السعودى للاقتصاد المصرى فى أغسطس 1956، 100مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكى لبناء السد العالى، كما قدمت السعودية 4 مليارات دولار فى مايو 2011 تتضمن وديعة فى البنك المركزى المصرى بمليار دولار وشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، وهذه الحزمة خصصتها الحكومة المصرية لدعم الاقتصاد.
ومن جانبها كانت مصر أول الداعمين للمملكة حيث قامت مصر بإنجاز بعض المشروعات العمرانية فى السعودية عام 1939 بموجب اتفاقية التعمير بالرياض، والتى أعقبت توقيع معاهدة صداقة بين البلدين. إضافة لتبادل الخبرات واستضافة مصر لأبناء المملكة للتدريب فى مجالات مختلفة.
علاقات اقتصادية واستثمارية
يُعد القطاع الاقتصادى والاستثمارى من أبرز القطاعات التى تعكس متانة العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية، وقد مرت تلك العلاقات بين البلدين بمحطات مضيئة تشهد نموا مضطردا على مدى سنوات، وصولا إلى مستوى يحتذى به فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.
زيادة حجم الاتفاقيات
ومن جانبه أوضح السفير نقلي، أن زيادة حجم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات المبرمة لنحو 70 بين الأجهزة والمؤسسات الحكومية في كافة قطاعات التعاون المُشترك بين البلدين، يُضفي على هذه العلاقة بُعدًا استراتيجيًا، يُضاف إلى بُعدها التاريخي والديني والعروبي، ويعزز أهداف التعاون بين الجهات المعنية في البلدين بشكل مؤسسي.
ونوه السفير نقلي بحجم الاستثمارات السعودية الكبيرة للقطاعين العام والخاص في مصر التي جعلت المملكة ثاني أكبر مستثمر أجنبي بها. في المقابل، رحبت المملكة بالاستثمارات المصرية على أراضيها، حيث جاءت مصر في المرتبة الثانية بقائمة الدول التي تم إصدار تراخيص استثمارية لها بالسعودية في العام 2020.
وسبق أن أكد بندر العامرى، رئيس الجانب السعودى بمجلس الأعمال المصري السعودي، إن العلاقات المصرية السعودية لها جذور اقتصادية وسياسية واجتماعية ودينية، مشيراً إلى هناك رغبة حقيقية بين البلدين لمواجهة كافة التحديات التي تعوق زيادة الاستثمارات المشتركة.
وأوضح أنه قبل الجائحة كان يجرى الإعداد لإقامة مؤتمر اقتصادي كبير بالقاهرة، وتقدم أكثر من 150 مستثمر سعودي يرغبون في الاستثمار بمصر، ولكن بسبب الجائحة اقتصر الوفد علي مجلس الأعمال بين البلدين فقط، مشيراً إلي أن الوفد السعودي الذي يشارك اليوم يضم 35 من رجال الأعمال من كافة الشركات.
ملاح التعاون الاقتصادى
تتحدث الأرقام عن قوة المصالح المشتركة التى تجمع البلدين الشقيقين، فمصر هي ثامن أكبر مستقبل للصادرات السعودية بإجمالي تبادل تجاري في السلع البترولية وغير البترولية تخطى 7.5 مليار دولار، وتعد المملكة ثانى أكبر مستثمر فى مصر، حيث حجم الاستثمارات السعودية فى مصر 6مليارات دولار وتتوزع تلك الاستثمارات على أكثر من 500 مشروع استثمارى وبلغ إجمالى الاستثمارات المصرية فى السعودية بنهاية عام 2020 1.4مليار دولار.
ويلعب مجلس الأعمال المصرى السعودى دورا رئيسيا فى تنشيط وتدفق التجارة والاستثمار بالبلدين.
كما كانت زيارة وزير التجارة والإعلام السعودى ماجد عبدالله القصبى، للقاهرة العام الماضى محطة بارزة بمسيرة التعاون والشراكة بين البلدين خاصة فى المجال الاستثمارى، وهو ما أكده الوزير السعودى مشيرا لتطلع المملكة إلى أن تصبح الشريك التجارى الأول لمصر خلال 5 سنوات، فى ظل ما تشهده الدولة المصرية من نمو ونهضة اقتصادية.
وأسس الرئيس عبد الفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2016، مجلس التنسيق السعودى المصرى، بإبرام 17 اتفاقية شكلت خارطة طريق للتعاون الاقتصادى بين البلدين، فى مجالات الإسكان والبترول والتعليم والزراعة والصحة، من بينها اتفاقية لتطوير مستشفى قصر العينى بقيمة 120 مليون دولار، واتفاقية أخرى لتمويل إنشاء محطة كهرباء غرب القاهرة بتكلفة 100 مليون دولار.
واستمرت اللجنة السعودية المصرية المشتركة -التى يترأسها وزيرى التجارة فى كلا البلدين- فى العمل الدؤوب لتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين على المستوى الحكومى، وتمكنت من إحداث طفرة كبيرة فى ملفات التجارة البينية، والتعاون الصناعى.
6آلاف شركة و30 مليار دولار حجم استثمارات
تتركز أهم الاستثمارات السعودية فى مصر فى القطاعات الخدمية والتى تضم خدمات النقل واللوجيستيات والصحة والتعليم والاستشارات، يليها الاستثمار الصناعى ثم قطاع الإنشاءات، الاستثمار الزراعى والصناعات الغذائية، الاستثمار السياحى، والاستثمار فى قطاع الاتصالات ثم الاستثمار فى القطاع المالى.
كما احتلت مصر المرتبة الثانية فى قائمة أكبر الدول التى تم إصدار رخص استثمارية لها بالمملكة العربية السعودية عام 2020 بإجمالى 160 رخصة استثمارية.
وفى عام 2021 تم توقيع اتفاقات مصرية سعودية لزيادة التعاون فى 30 بندا أبرزها الصناعة وزيادة الصادرات.
وبلغ عدد الشركات السعودية في مصر يصل لأكثر من 6 آلاف شركة وتبلغ قيمة الاستثمارات 30 مليار دولار بجميع المجالات، ويستحوذ رأس المال السعودي العامل منها علي 5 مليارات دولار، ونستهدف الي زيادته لـ50 مليار دولار. وفق الإحصائيات التى أوردها بندر العامرى، رئيس الجانب السعودى بمجلس الأعمال المصري السعودى.
اتفقت مصر والسعودية على تنمية وتعزيز أواصر التعاون المشترك فى مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية وعلى رأسها قطاعات التجارة والصناعة والاستثمار والزراعة والصحة والتعليم والنقل والبترول والإعلام والبيئة والمواصفات والمقاييس والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والقطاعات المالية والمصرفية والجمركية وكذا قطاعات الغذاء والدواء والصحة والثروة المعدنية، وبلغ حجم التجارة البينية خلال عام 2020 بين مصر والمملكة العربية السعودية تجاوز 5.5 مليار دولار، وهو ما أثمرت عنه جهود التنسيق المستمر بين البلدين.
مشروع الربط الكهربائى
وبلغ حجم استثمارات مشروع الربط الكهربائى بين مصر والسعودية 1.6مليار دولار وهو من أضخم المشروعات المشتركة بين البلدين، وقد وقعت مصر والسعودية اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائى فى 2012 بين البلدين، ويهدف الربط الكهربائى المصرى السعودى لأن يكون محورا أساسيا فى الربط الكهربائى العربى الذى يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية.
ويأتى ذلك تمهيدًا لإنشاء سوق مشتركة للكهرباء وتشغيل المرحلة الأولى لخط الربط الكهربائى بين مصر والمملكة العربية السعودية لتبادل 3 آلاف ميجاوات، ومن المقرر تشغيل المرحلة الأولى مطلع عام 2023 بقدرة 1500 ميجا وات.