يرتبط المصريون بذكريات كثيرة مع المقاهى المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة، يستلهمون حكاويهم من جلساتها المتعددة، وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها، لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص، فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية مهمة فى تاريخ البلد، بخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، وأصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.
والمقاهي أو "القهاوي" كما يطلق عليها بالعامية المصرية هي "أماكن لشرب القهوة" أطلق عليها في اللغة اللاتينية كلمة "كافيه" لتدل على المكان الذي تشرب فيه المشروبات مثل: الزنجبيل والقرفة والينسون فيما كان الشاي - في القرن التاسع عشر- لا يقدم إلا في منازل رجال الطبقة العليا في المجتمع وكانوا يتفننون في اختيار أنواعه التي يستوردونها من إنجلترا.
كانت للمقاهي عالم كبير وواسع؛ فتتعدد أنواعها ما بين مقاهي بلدية وأخرى أفرنجية، كذلك كان هناك المقهى السياسى، حيث كانت على طاولته تتشكل الوزارات وتحاك المؤامرات السياسية، فقد اشتهر هذا المقهى الذي كان يقع في شارع شريف بوسط القاهرة انه مقراُ لرجال السياسة فقط، بينما لم يكن الطلبة يرتادون هذا النوع من المقاهي.
وعلى هذا المقهى كان يتجمع رجال السياسة من أحزاب مختلفة، يلتقون في هذا المقهى الفسيح تجمعهم فناجين القهوة في الصباح والسهر والنميمة في المساء فهم "متحابين في المساء، ومتحاربين في الصباح"، لذلك كانت موائد هذا المقهى عادة محجوزة لرجال السياسة خاصة من البشوات، وكل باشا له مزاجه الخاص، وله "شلته" التي تتجمع حوله ولا يسمح لأحد غيرهم بالجلوس معهم.