هل هلال شهر رمضان المبارك، أعاده الله بالخير واليمن والبركات، وشهر رمضان فرصة للاطلاع وقراءة كتب التراث، لذا نرشح لكم عددا من الكتب الدينية والتاريخية والفلسفية والاجتماعية ونبدأ اليوم مع صحيح الإمام البخارى.
وصحيح البخارى، هو أصح كتب الحديث النبوى عند أهل السنة والجماعة، قام بجمعه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى (194- 256هـ) جمعه تحت عنوان "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله.. وسننه وأيامه".
وحقق الكتاب مكانة كبيرة فى التاريخ الإسلامى، حتى كان الناس يتعبدون به فى فترات طويلة من التاريخ الإسلامى، كلما ألمت بالناس ملمة، كانوا يقرأون البخارى أربعين مرة تقربا إلى الله سبحانه وتعالى.
وذكر المؤرخون أن سبب تصنيف الكتاب أن البخارى كان يوماً في مجلس عند إسحاق بن راهويه فقال إسحاق: "لو جمعتم كتابا مختصراً لصحيح سنة النبي ﷺ"، فوقع هذا القول في قلب البخاري فأخذ في جمع الكتاب، ورُوي عن البخاري أنه قال: "رأيت النبيّ ﷺ، كأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذبّ عنه، فسألت بعض المعبرين فقال: إنك تذبّ عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الصحيح"، فرجّح بعض العلماء أن طلب إسحاق بن راهويه كان أولاً ثم جاءه المنام فأكّد ذلك عزم البخاري على تصنيف الكتاب.
صحيح البخاري
اشتغل البخاري في تصنيف الكتاب وجمعه وترتيبه وتنقيحه مدةً طويلة، ذكر البخاري أنها بلغت ستة عشر عاماً، وذلك خلال رِحْلاته العلمية الواسعة إلى الأقاليم الإسلامية، فكان يرحل لطلب الحديث ثم يعود لإكمال ما بدأ من التصنيف ممّا سمعه وصح لديه وتجمع عنده من الحديث الصحيح. وقد ابتدأ تصنيفه في المسجد الحرام، قال البخاري: "صنفت كتابي هذا في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثاً حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته" وجمع تراجمه في المسجد النبوي، قال أبو أحمد بن عدي الجرجاني: "سمعت عبد القدوس بن همام يقول: سمعت عدّة من المشايخ يقولون: حوّل محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي ﷺ ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين" وأكمله وبيّضه في بخارى.
وقد حَرَص البخاري على الدقّة والتثبّت في إخراج الكتاب فأعاد النظر فيه عدّة مرات وتعاهده بالتهذيب والتنقيح، ولم يكد يتم تصنيفه حتى عرضه على شيوخه وأساتذته ليعرف رأيهم فيه، ومنهم علي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة.
قصد البخاري في صحيحه إلى إبراز فقه الحديث الصحيح واستنباط الفوائد منه، وجعل الفوائد المستنبطة تراجم للكتاب - أي عناوين له - فيذكر متن الحديث بغير سند وقد يحذف من أول الإسناد واحد فأكثر، وهذان النوعان يعرفان بالتعليق، وقد يكرر الحديث في مواضع كثيرة من كتابه يشير في كل منها إلى فائدة تستنبط من الحديث، وذكر في تراجم الأبواب الكثير من الآيات والأحاديث وفتاوى الصحابة والتابعين، ليبين بها فقه الباب والاستدلال له، حتى اشتهر أن "فقه البخاري في تراجمه".
وقال ابن الصلاح والنووي: أن عدد أحاديثه (7275) حديثاً، وبدون المكرر أربعة آلاف.
وقول ابن حجر: إنه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات (7397) حديثاً، والخالص من ذلك بلا تكرار (2602) حديثاً، وإذا أضيف إلى ذلك المتون المعلقة المرفوعة وهي (159) حديثاً فمجموع ذلك (2761)، وعدد أحاديثه بالمكرر والتعليقات والمتابعات واختلاف الروايات (9082) حديثاً، وهذا غير ما فيه من الموقوف على الصحابة والتابعين.
عدد الأحاديث المعلقة (1341)، وأكثرها مكرر مخرج في الكتاب أصول متونه، وليس فيه من المتون التي لم تخرج في الكتاب ولو من طريق أخرى إلا (159) حديثاً معلقاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة