"العجز الغذائى" لم يعد مجرد مشكلة اقتصادية زراعية فحسب، بل تعد ذلك ليصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمى، وأصبح الغذاء سلاحاً استراتيجياً فى يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية لذلك كان لابد من اتخاذ خطوات جادة من الدولة المصرية لحماية الأمن الغذائى.
ومن أهم خطوات مصر للنهوض بالمنظومة الزراعية إعادة الحياة لمشروع "توشكى" الذى يعد الأكبر من نوعه فى قطاع الاستصلاح الزراعى فى الشرق الأوسط، وأحد المشروعات القومية العملاقة التى نجحت الدولة بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حل كافة المشاكل التى كانت تعوق المشروع عن تحقيق أهدافه، وتوفير جميع المقومات اللازمة لنجاحه وهو الأمر الذى تطلب القيام بحجم أعمال هائل فى كافة جوانب ومكونات المشروع للنهوض به ، سواء على مستوى الجانب الإنشائى والبنية الأساسية أو الفنى أو ما يتعلق بتوفير مياه الرى ومصادر الطاقة، وكذلك إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.
يذكر أن مشروع توشكى تم تدشينه منذ 25 عامًا وتحديدًا عام 1997 وعانى من الإهمال وسوء الإدارة، إلى أن جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عام 2014 بإعادة إحياء مشروع توشكى ضمن خطة الدولة لإطلاق عدد من المشروعات الكبرى، وتنفيذًا لبرنامج الرئيس عبدالفتاح السيسى لاستصلاح مليون فدان خلال 4 سنوات ، وذلك ضمن خطة الدولة لتوسيع رقعة المساحة المعمورة من 5% إلى 25% من مساحة مصر بكل ما يترتب عليه من أثار ديموجرافية واقتصادية واجتماعية والخروج من الوادى الضيق.
ووفقًا لخطة الدولة فإن مشروع توشكى يعد مستقبل مصر للاستثمار الزراعى فى الخير والنماء خاصة بعد إضافة مساحات زراعية جديدة فى الفترات الماضية لزيادة الرقعة الزراعية لتصبح أراضي زراعية جاهزة للاستغلال الأمثل، ونشهد اليوم اطلاق موسم حصاد محصول القمح فى توشكى بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
ونظرًا للأهمية الاستراتيجية اتخذت الدولة المصرية آليات لدعم محصول القمح لهذا العام، تتمثل فى زيادة المساحة المنزرعة بحوالي250 ألف فدان وإعلان السعر قبل الموسم إنفاذاً للزراعة التعاقدية مع تقرير حافز استثنائى، والمشروع القومي للصوامع "زيادة السعات التخزينية" ، وزيادة الحقول الإرشادية لتصل إلى أكثر من 21 ألف حقل إرشادى، وزيادة نسبة التغطية من التقاوى المعتمدة والتوسع فى استخدام الميكنة فى الزراعة والحصاد بهدف تقليل الفاقد.
وأوضح الدكتور عباس الشناوى رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة أن المساحة المنزرعة من القمح الموسم الحالى، بلغت 3,65 مليون فدان ومتوقع أن تكون الانتاجية 10 ملايين طن ، وتشير التقديرات هذا العام إلى أن معدلات الحصاد ستكون حوالي 17% في شهر أبريل الحالي و75 % خلال مايو والمتبقي سيكون فى شهر يونيون والمستهدف استلامه من جهات التسويق لصالح وزارة التموين والتجارة الداخلية حوالى من 5.5 إلى 6 ملايين طن.
واتخذت الدولة إجراءات لزيادة حجم التوريد من القمح المحلى فقد تم اتخاذ عدد من الاجراءات لتحفيز المزارعين لتوريد أكبر قدر ممكن من انتاج القمح لهذا الموسم "5.5 إلى 6 مليون طن" ، أهمها زيادة نقاط استلام القمح وخاصة فى مناطق التركيز لزراعة القمح ، والسداد النقدى الفورى للمزراعين بحد أقصى 48 ساعة وتفعيل دور مديريات الزراعة والجمعيات التعاونية وبالتنسيق مع المحافظين ومسئولى وزارة التموين و الجهات المسوقة وإصدار قرار بمنع تداول القمح بين التجار ونقله خلال فترة الموسم إلا بتصريح .
ولتخفيف أثر الأزمة الروسية الاوكرانية فيما يتعلق بمحصول القمح باعتبار أن المصدر الرئيسي لاستيراد القمح في مصر من دولتي روسياوأوكرانيا ونسبة بسيطة من دول آخرى "رومانيا- فرنسا "، تم تنويع الشركاء التجاريين خاصة وأنه يوجد العديد من الأسواق الكبيرة فى تصدير القمح مثل الولايات المتحدة الامريكية وكندا وفرنسا والارجنتين واستراليا، حيث يمكن أن يتم التوسع فى استيراد القمح منها، في إطار استراتيجية التوسع فى الأسواق خاصة وأن هناك مناشئ معتمدة يمكن الأستيراد منها تلافياً لأى أزمات مماثلة مستقبلاً وذلك باتباع سياسات التركز وهناك 22 منشأ معتمد لاستيراد القمح اخرهم الهند .