البابا تواضروس يتذكر مواقف الحديث مع الله: لجأت له يوم وفاة والدي ويوم امتحاني.. وشعرت بكرمه معي في كل المواقف الصعبة
حكاية امتحان نجح فيه البابا تواضروس قبل أن يدخله بفضل "الكلام مع ربنا".. ولماذا اعتبره أستاذ المادة "وش السعد عليه"
البابا تواضروس يكشف لـ"كلم ربنا" ثلاثية الإنجاح لدى البشر: مرتبطة بـ3 أفعال دنيوية
الكلام مع الله لا يحتاج وسيطا، خاصة إذا كان الضيف بقدر قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى حل ضيفا لأول مرة فى حوار إذاعى مع الكاتب الصحفى أحمد الخطيب فى برنامج "كلم ربنا" المذاع عبر الراديو 9090، الحوار الذى أذيع الجزء الأول منه اليوم، والجزء الثانى غدا.
وكشف فيه البابا عن مواقف شديدة الانسانية فى حياته، وكواليس ما وصفه بأنه حديث متواصل مع الله حتى لو كان بالصمت، يكشف البابا أيضا اللحظات الصعبة التى لجأ فيها إلى الله، والطريقة المثلى للحديث مع المولى عز وجل، ويتحدث البابا أيضا عن المنح والهبات التى تتجلى فى أعقاب الكلام مع ربنا، وكيف أنها "فوق ما يتخيل البشر".. وإلى نص الجزء الأول من حوار البابا:
- حلقة اليوم فى "كلم ربنا" شديدة الاختلاف، ليس لنوعية الضيف الكبير والعزيز ولكن لأن التناول أيضا مختلف، ضيف اليوم هو قداسة الأنبا تواضروس دائم الحديث مع الله عز وجل، لأنه يقول أن كلامه مع الرب لا ينقطع، وبينه وبين ربنا حكايات وقصص وروايات كثيرة.. كم من المرات تحدثت فيها مع الله قداسة البابا؟
- البابا: كل سنة وحضراتكم بخير، أحييكم أولا على اسم البرنامج "كلم ربنا" تعلمنا 3 أشياء نفعلها كل حين، نصلى كل حين، ونشكر كل حين، ونفرح كل حين، ثلاثية (الصلاة والشكر والفرح) هى قوام حياة الإنسان الناجح.. هو يصلى دائما.. يكلم ربنا.. يشكر ربنا على كل نعمه، وفى نفس الوقت يفرح بكل شيء يصنعه الله، والحقيقة مع مقدمة حضرتك الواحد ممكن يفكر فى مواقف كتيرة حصلت فى الحياة. تحدثت فيها مع الله، بعضها مواقف خاصة وبعضها مواقف عامة
- سعيد أن فكرة واسم البرنامج حظوا على إعجابك..ومتشوق لسماع المواقف التى تكشف كيف تحدث أكبر قيمة دينية لدى المسيحيين مع الله؟
أتذكر موقف حصل معايا شخصيا وأنا فى المرحلة الإعدادية، عمرى وقتها كان 15 سنة، توفى والدى فى اول يوم لامتحان الإعدادية، والدى توفى الساعة 7 صباحا، فاكر يومها جدا، 3 يونيو سنة 67 قبل الحرب بيومين، الموقف العام فى البلد والموقف الخاص فى الأسرة مشحون وصعب الحقيقة، ويومها أخفوا عنى الخبر حرصا على حالتى النفسية وحتى اجتاز الامتحانات، لكننى عرفت تانى يوم وأنا فى المدرسة عن طريق بعض الأحباء، وفى المواقف اللى زى كده وطفل بيمتحن كان موقف صعب، خصوصا أن والدى كان مريض قبلها فلم يكن هناك ملجأ غير إنى ألجا لربنا.
*
ولما عرفت قداستك أن والدك – رحمة الله عليه- توفى.. كلمنى عن اللحظة دي؟- فى هذه المواقف، وخاصة الارتباط بالأب أو الأم، يشعر المرء أن الدنيا قد اظلمت أمامه، يزيد الأمر تعقيدا فى السن الصغيرة، لا يعلم طفل فقد أبوه المستقبل، علامات الاستفهام تزيد لديه، ولا يجد المرء عامة كلام فى حالات الموت، نكتفى بالدعاء للميت بالرحمة، وبنكون متأكدين أن الأب اللى راح السما بيكون فى ارتباط روحى ما بين وجوده فى السماء وما بينا إحنا كأطفال أو أخوات على الارض وطبعا كان فيه دموع وبكاء وتوتر فى البلد كلها.
*
قداستك قلت لربنا إيه ساعتها لما وقع عليك نبأ وفاة والدك؟- صمت ولم أفتح فاهى، ولم أجد كلام أقوله لكن كانت المشاعر هى أن الله هو من يدبر أمور حياتنا.. وأمام الموت لا يستطيع الإنسان أن يتكلم ولكن يصمت لأن الله فعل، ويقول له: يارب استرها علينا كمل أيامنا واحفظنا دبر أمور حياتنا.. كل دى طلبات بيرفعها قلب الإنسان فى مثل هذه الساعات الصعبة، وعاوز أقول أن الموضوع كان مرتبط بالجو العام فى البلد.. أزمة أو نكسة 67..كان فيه توتر عام فى البلد كلها، فالحزن شخصى وعام سيطر علينا.
*
شعرت أن الكل حزين مش فقط قداستك اللى حزين؟- نعم كان هناك نوع من القلق العام، لكن بعد كده امتحاناتى اتأجلت، وامتحنا ونجحنا، ودخلت أولى ثانوى وكنت فاكر أن أول يوم فى ثانوى كان يوم حزين أوى، لأن كان والدى مواعدنى يجيب لى هدية معينة.
*
ممكن نعرفها؟- كان مواعدنى يجيب لى كاميرا، والوعد ده كان كاتبه فى الإنجيل فلما إتوفى وكملت امتحان، ونجحت ودخلت أولى ثانوى وجبت مجموع زى ما كان قايل، مفيش بقا تحقيق الهدية (مافيش كاميرا).
*
وهل كان فيه حد من الأسرة عارف الوعد ده؟- آه طبعا والدتى كانت عارفة وجدى كان عارف، ولكن عملوا تعديل فى الوعد بدل كاميرا.. الكاميرا زمان كانت صعبة مش زى النهاردة، فيه أفلام وفيه تحميض وفيه فيلم بيبوظ..
*
حضرتك كنت بتحب الكاميرا؟- جدا وبحب التصوير أوى، المهم إنهم عدلوا الوعد براديو ترانزستور .
*
يعنى استبدلت الهدية من كاميرا لراديو.. الراديو ساعتها كان شيء عزيز؟- جدا وكنا بنسمع فيه إذاعات كتيرة فى العالم كله.. الإذاعات الموجهة كنا بنسمعها فكانت فرصة حلوة.
*
مين اللى جاب لحضرتك الهدية؟- جدي
*
وقالك إيه ساعتها؟- قعدنا نتناقش الأول فى أن الهدية الكاميرا مكلفة فى الاستخدام، لكن الراديو مش مكلف غير البطاريات بتاعته، وكانت الهدية كويسة وساعدتنى فى إنها تحقق لى هواية تانية وهى هواية المراسلة.. مراسلة بعض الشخصيات فى العالم، وكان من أهمهم أول واحد نزل على القمر نيل أرمسترنج وراسلته.
*
قلت له إيه؟- قلت له أنا عاوز أشوف صورتك وإنت على القمر، وزمان مكنش فيه صور بالألوان كلها كانت أبيض وأسود، لكن هو بعتلى صورته بالألوان .
*
ومين تانى حضرتك راسلته؟- شخصيات متعددة
*
وكانوا بيردوا عليك؟- أيوه كانت هواية لطيفة
*
وهل كان هناك مواقف أخرى لك مع ربنا؟- نعم كان هناك موقف آخر من مواقف الصلاة، وهو موقف فى الجامعة فى السنوات الأخيرة، وكان عندى امتحان شفوى، وكان امتحان الدكتور صعب أوى، ونادر أن حد ينجح من تحت إيده، فكنت بصلى كتير أوى وبقوله يارب سهل المقابلة سهل الأسئلة.. إدينى ذهن أعرف أجاوب.
*
دا كلام مع ربنا فى الوقت ده؟- آه كنت باصلى وأنا واقف قدام باب مكتبه، بس صلاة من غير كلام.. صلاة من القلب.
*
هل الكلام مع الله يستدعى الحديث باللسان؟- لا الصلاة مشاعر أولا وأخيرا.. المهم وأنا واقف قدام الباب.. كان الامتحان الساعة 8 صباحا وكنت لوحدى، لأنه امتحان شفوى وانا داخل مكتبه، الساعى بتاع الدكتور قدم له البوستة فبيفتح البوستة، وقرأ أول جواب لقيته بص لى كده بابتسامة كبيرة وقال لي: ناجح ناجح.. يلا اتفضل، ولم أمتحن وحصلت على الدرجة النهائية.
*
وكنت خايف وقتها؟- طبعا كنت خايف.. والرسالة اللى سببت نجاحى اللى الدكتور قراها، إنه جات له دعوة يسافر اليابان يدى محاضرة هناك فاعتبرنى وش السعد عليه.
غدا.. الجزء الثانى من الحوار