يتوجه الناخبون الفرنسيون الأحد، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم فى جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة، حيث ستحدد أصواتهم ما إذا كان الرئيس إيمانويل ماكرون سيصبح أول من يحصل على فترة رئاسية ثانية منذ 20 عاما، أما أن قصر الإليزيه سيستعد لرئيسة تنتمى إلى اليمين المتطرف.
ويبدو أن أوراق الحسم فى تلك الانتخابات يمتلكها المعارضون، على اختلاف توجهاتهم، وتحديدا اليساريون.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس، إن الناخبين الساخطين، الذين خسر مرشحوهم المفضلون فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية فى العاشر من إبريل الجارى، يمثلون الأوراق الحاسمة فى جولة الإعادة التى يحصل فيها الفائز على كل شىئ.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطريقة التى سيصوت بها هؤلاء الناخبون أو عدم تصويتهم فى جولة الإعادة المقررة يوم الأحد المقبل، سيحدد إلى حد كبير ما إذا كان الرئيس الحالى إيمانويل ماكرون سيحصل على ولاية ثانية مدتها خمس سنوات، أم سيتنازل عن قصر الإليزيه للقومية اليمينية المتطرفة مارين لوبان، وهى نتيجة تبدو غير مرجحة، لكنها ليست مستحيلة، ولو حدث سيكون مزلزلا لفرنسا وأوروبا فى الوقت الذى يتعاملان فيه مع تداعيات الحرب الروسية فى أوكرانيا.
وتقول أسوشيتدبرس إنه فى الوقت الذى يوجد فيه الكثير على المحك، فإن القرار لم يكن صعبا بهذا القدر من قبل بالنسبة للناخبين اليساريين الذين يرون كلا من ماكرون ولوبان كـ "لعنة"، ولخيار الذى يقول البعض إنه بين الطاعون أو الكوليرا.
وكان المرشح اليسارى المتطرف جان لوك ميلينشون قد حصل على 420 ألف صوت فى الجولة الأولى وحل فى المركز الثالث بعد ماكرون ولوبان، ومنذ هذا الوقت خصص المرشحان الباقيام مزيدا من الوقت والطاقة فى محاولة كسب أصوات ناخبى المرشح اليسارى، وتعد تلك معركة شاقة لكليهما.
فبشكل عام يستاء العديد من الناخبين اليساريين من ماكرون لأنه فجر المشهد السياسى الفرنسيى بطريقته بإنجاز الأمور بحل وسط فى الحكم، وسحب الأفكار والمؤيدين ووزراء الحكومة والحياة السياسية بعيدا عن الأحزاب الرئيسية فى اليسار واليمين.
كما أن براجماتيته تعد انتهازية بالنسبة لكثير من الناخبين اليساريين المتعطشين لانقسام سياسى أكثر حدة وإيديولوجية. ويصف الكثير منهم الرئيس ماكرون بأنه صديق للأثرياء ومضطهد الفقراء. كما يلومه البعض أيضا على صعود لوبان وقالوا إنه فى محاولته لتقويض الدعم لليمين المتطرف فى فرنسا، انحرف ماكرون نفسه إلى أقصى اليمين.
لافتات انتخابية
ومع ذلك، فإن ما ينقذ ماكرون هى لوبان أيضا.. فبعد سنوات من قرع الطبول حول الهجرة وتأثير الإسلام فى الدولة التى يوجد بها أكبر عدد من المسلمين فى أوروبا الغربية، تتعرض المرشحة اليمينية المتطرفة للتوبيخ من قبل أغلب اليسار باعتبارها عنصرية وكارهة للأجانب، وخطيرة للغاية على مبادئ فرنسا المعلنة من الحرية والمساواة والإخاء، بما يجعل تصويتهم لها مستحيلا.
وفى اعترافه بهزيمته فى الجولة الأولى، قال ميلنشون لمؤيديه، يجب ألا يعطوا صوتا واحدا للوبان، وكرر الوصية أربع مرات.
فى حين أن آخرين سيجبرون على التصويت لماكرون من أجل إبعاد لوبان، وهناك البعض الذى سيصوت للوبان، كضربة لماكرون.
وتشير استطلاعات الرأى إلى أن ماكرون الذى فاز فى الجولة الأولى متصدرا، يبنى تقدما كبيرا فى جولة الإعادة. ويبدو أن مؤيدى ميلنشون يتحولون بشكل كبير لتأييده. لكن نتيجة الانتخابات تظل غير مؤكدة لأن الكثيرين لم يختاروا بعد.
من ناحية أخرى، قالت شبكة "سى إن إن" الأمريكية إن الكثير من المسلمين الفرنسيين يواجهون سؤالا صعبا قبل جولة الإعادة، هى ما إذا كان أيا من ماكرون أو لوبان يمثلان مصالحهم. وبالنسبة للعديد منهم، فإن الإجابة هى النفى. فلوبان تدرج القضاء على الإيديولوجيات الإسلامية فى فرنسا كثانى أولوية لها فى برنامجها الانتخابى.
وحتى ماكرون تحدث فى فعاليته الانتخابية الوحيدة قبل الجولة الأولى عن التهديد الذى يمثله "الإسلاميين والمسلمين الانفصاليين فى فرنسا، مما أدى إلى ربط شعار فرنسا الحرية والمساواة والأخوة بقيمة فرنسية جمهورية أخرى مفضلة، وهى العلمانية.
وكان ميلنشون، اليسارى الوحيد بين مرشحى الرئاسىة الفرنسية الذى اتخذ موقفا تاريخيا أكثر دعملا للمجتمع المسلم.
وقالت سى إن إن، إنه فى الجولة الأولى من الانتخابات، حصل المرشحان اليمينيان المتطرف لوبان وإريك زيمور اللذين يتبنيان سياسات متطرفة تؤثر على حياة المسلمين فى فرنسا، على ما يزديد قليلا عن 30% من إجمالى الأصواث، فيما حصلت لوبان وحدها على عدد كاف من الأصوات لدخول جولة الإعادة بنسبة 23% فى الجولة الأولى.