سيناريوهات صادمة فرضتها الحرب الأوكرانية التي تقودها روسيا منذ 24 فبراير الماضي علي العديد من شعوب العالم ، حيث ألقت التداعيات الاقتصادية لتلك العملية العسكرية الممتدة بظلالها علي اقتصاديات كبرى ونالت من عواصم كانت قبل أشهر قلاعا صناعية وملتقي لقادة سوق المال علي الصعيد العالمي.
وبعد توالي العقوبات الغربية تجاه روسيا ، ومقاطعة الغاز الروسي دون توفير بدائل حقيقية وعملية للدول الأوروبية ، أصيبت الأسواق بموجة عنيفة من ارتفاع الأسعار متأثرة بسلسلة متصاعدة من التضخم.
وفى تقرير لها ، قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن الحرب الروسية فى أوكرانيا تتسبب فى ارتفاع أسعار زيت الطهى عالميا، مشيرة إلى أن الأسعار العالمية لزيت الطهى كانت تشهد ارتفاعا بالفعل منذ بداية جائحة كورونا لأسباب عديدة تتراوح من الحصاد السىء فى أمريكا الجنوبية وحتى نقص العمالة المرتبط بالفيروس والطلب المتزايد من صناعة الوقود الحيوى.
ارتفاع اسعار زيت الطهى
وأدت الحرب فى أوكرانيا، التى تقدم ما يقرب من نصف إمداد العالم من زيت الطهى، بينما تقدم روسيا 25%، قد أدت إلى تعطيل الشحن وأدت إلى مزيد من الارتفاع فى أسعار زيت الطهى.
وتابعت الوكالة قائلة إن أحدث تداعيات الحرب فى أوكرانيا وتوقف إمداد الغاز العالمى هو زيت الطهى، الذى يمثل تكلفة مرتفعة أخرى للأسر والشركات فى الوقت الذى يرتفع فيع معدل التضخم. وقد أدى الصراع إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء بالفعل، وكان الأشخاص الأكثر فقرا هم الأكثر تضررا.
ولفتت أسوشيتدبرس إلى أن إمداد الطعام على وجه التحديد يواجه خطر حيث أحدثت الحرب اضطرابا فى شحن الحبوب الحيوية من أوكرانيا وروسيا، ، كما أن تفاقم أزمة الأسمدة العالمية سيعنى مزيدا من التكاليف وطعام أقل وفرة. وكذلك، فإن ارتفاع أسعار الحبوب يثير احتمالات نقص الغذاء فى بعض الدول وما يمكن أن يتبعه من عدم استقرار سياسى.
وقد وصلت أسعار زيوت الخضروات إلى مستوى قياسى مرتفع فى فبراير، ثم زادت 23% فى مارس الماضى، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة. ووصل سعر الطن المترى من زيت الصويا، الذى أن يباع مقابل 765 دولار فى عام 2019، إلى 1957 دولار فى مارس، بحسب البنك الدولى.
ارتفاع سعر زيت عباد الشمس
وكذلك، فإن أسعار زيت النخيل وارتفعت بنسبة 200%، ومن المقرر أن تشهد مزيدا من الارتفاع بعدما حظرت إندونيسيا، وهى واحدة من أكبر مصدرى العالم، تصدير زيت الطعى بدءا من الخميس المقبل لحماية الإمداد المحلى.
ومن زيت الطعام إلى الملابس ، لم تتوقف موجة الغلاء عالميا ، حيث اعتبرت لورانس بون كبيرة الخبراء الاقتصاديين فى منظمة التعاون والتنمية أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستكلف أوروبا من نقطة إلى نقطة ونصف من النمو بحسب مدة الصراع، بينما توقعت أن يقفز التضخم ما بين نقطتين إلى نقطتين ونصف.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال أدى ارتفاع أسعار الطاقة وتعثر سلاسل التوريد إلى ارتفاع التضخم فى أوروبا، حيث وصلت ألمانيا إلى مستوى لم تشهده منذ أكثر من 40 عامًا.
وقال مكتب الإحصاء الفيدرالى الألماني، إن أسعار المستهلكين فى ألمانيا، أكبر اقتصاد فى أوروبا، قفزت بنسبة 7.6 فى المائة مقارنة بالعام الماضي، مستشهداً بأرقام أولية تم تعديلها لجعلها قابلة للمقارنة مع بيانات التضخم من دول الاتحاد الأوروبى الأخرى.
وكشفت بيانات رسمية حديثة أن معدل التضخم فى منطقة اليورو قفز إلى مستوى مرتفع جديد، ما جعل البنك المركزى الأوروبى أمام خيارات صعبة بين دعم النمو الضعيف وتضييق الخناق على الأسعار المتسارعة التى يحركها التهديد لإمدادات الطاقة فى أعقاب الغزو الروسى لأوكرانيا.
وتمثل روسيا حوالى 40 فى المائة من واردات الاتحاد الأوروبى من الغاز الطبيعي، وهو مصدر رئيس للطاقة بالنسبة إلى الاتحاد. كما أنها تزوّد حوالى ربع واردات الكتلة من النفط. وبينما استمرت إمدادات النفط والغاز فى التدفق من روسيا إلى أوروبا، قفزت أسعار السوق لتعكس مخاوف بشأن توافره فى المستقبل.
ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار الملابس الداخلية فى أوروبا للمرة الاولى منذ فترة طويلة متأثرة بارتفاع أسعار الطاقة. فبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن أسعار الطاقة تسببت بارتفاع أسعار الملابس الداخلية، حيث يدخل فيها عدد من المواد التى شهدت ارتفاعا بأسعارها بواقع 13% عن أسعار 2020.
كما حذرت الاستخبارات البريطانية من أن الغزو الروسى المستمر لأوكرانيا قد أدى إلى تعطيل كبير فى الإنتاج الزراعى للبلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة إندبندنت.
وأشار تحديث استخباراتى دفاعى عن الصراع صادر عن وزارة الدفاع البريطانية إلى أن حصاد الحبوب الأوكرانى لعام 2022 سيكون أقل على الأرجح بنسبة 20% عن العام السابق بسبب قلة المناطق المزروعة فى أعقاب الغزو.
وتعد أوكرانيا رابع أكبر منتج ومصدر للمنتجات الزراعية، ويمكن أن يؤدى نقص إمداد الحبوب إلى ارتفاع عالمى فى أسعار الحبوب، بحسب تحديث الاستخبارات البريطانية.
وقالت وزارة الدفاع إن أسعار الحبوب المرتفعة يمكن أن تهدد الأمن الغذائى العالمى، لاسيما فى الدول الأكثر فقرا.