حالة كبيرة من الارتباط لدى المصريين تربطهم بالمقاهى المنتشرة فى شوارع وميادين المحروسة، يملكون فيها الكثير من الحكاوى، يستلهمون من جلساتها المتعددة حكاويهم، وتتنوع ثقافتهم باختلاف مرتاديها، لها طابعها المختلف وتاريخها الخاص، فهى شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية مهمة فى تاريخ البلد، وبخاصة فى التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، أصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوفا لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.
"القهاوي" كما يطلق عليها بالعامية المصرية - هى أماكن شرب القهوة، أطلق عليها في اللغة اللاتينية كلمة "كافيه" لتدل على المكان الذي تشرب فيه المشروبات، مثل الزنجبيل والقرفة والينسون، فيما كان الشاي، واعتبرت المقاهي خلال سنوات مآوى الكثيرين ومصدر الترفيه فى حياتهم.
وعمارة "متاتيا" الذى بناها مهندس إيطالى، والذى شيدها فى عهد الخديوى إسماعيل، ففى العام 1869م وبمناسبة الاحتفالات العالمية التى صاحبت افتتاح قناة السويس، حيث كلف الخديو إسماعيل المهندس الفرنسى هوسمان بإعادة تخطيط الميدان، لكن ولأسباب غير معروفة ترك هوسمان المهمة و تولى الأمر بعده مهندس إيطالى ذات نزعة فنية فى تصميماته اسمه متاتيا، وقد قام بتحديث المنطقة المركزية لمدينة القاهرة، وخطط حديقة الأزبكية وصمم دار الأوبرا فى مكانها التاريخى الشهير قبل أن تحترق، ولم يعرف تحديدًا العام الذى بنيت فيه عمارة "متاتيا" التى حملت اسم المهندس الإيطالى واسم المقهى الشهير .
وكان فى أسفل العمارة مقهى، صنف وقتها بأنها الأكبر فى القاهرة من حيث المساحة، والأهم من حيث الموقع الجغرافى حيث كان يطل على ترام العتبة الشهير الذى أنشأه الخديوى، وكان يشغل بقية واجهة عمارة متاتيا المطلة على ميدان العتبة، وقد كان مقهى "متاتيا" أول مقهى بالمعنى المتعارف عليه بين المثقفين والوطنيين أصحاب الفنون، كما كانت شاهدًا للعديد من الأحداث المؤثرة فى التاريخ المصرى، فقد كان مقرا لعديد من اجتماعات ثورة 1919، وكان المجلس الأساسى لعدد من كبار السياسيين والأدباء منهم الزعيم أحمد عرابى وسعد زغلول وعبد الله النديم ومحمد عبده ويعقوب صنوع ومحمود سامى البارودى، وقد تعاقبت أجيال المثقفين على هذا المقهى مثل أحمد شوقى والعقاد وحافظ إبراهيم.