"السمنية".. وجبة طعام مشهورة فى سيناء، فى مثل هذا الوقت من كل عام، مع حلول فصل الربيع، وموسم توالد الماعز والأغنام ووفرة الحليب المصدر الرئيسى لهذه الوجبة.
الوجبة حلت هذا العام طبق رئيسى على موائد الإفطار فى كثير من المنازل والبيوت والدواوين، واعتبرها صانعوها أنها جاءت فى وقتها حيث بساطة إعدادها وتميز مذاقها وفوائدها الصحية للصائم، وتكلفتها البسيطة غير المرهقة لميزانية الأسرة.
قالت "أم سليمان"، إحدى صانعات وجبة السمنية، إنه تقليد متوارث أن تصبح هذه الوجبة هي الرئيسية فى مثل هذا الوقت من كل عام، وتستمر على مدار شهري مارس وأبريل من السنة، وهو موسم الولادة عند الماعز والأغنام فى كل بيت بسيناء، وموسم الرعي الطبيعي فى المساحات الخضراء النامي ربيعها على المطر.
وأضافت أنه يتم حلب الماعز أو الأغنام مبكرا، و تخمير الحليب فى الوعاء الفخاري المخصص له لمدة من الوقت، ثم خضه فى "السعن"، وهو جلد الماعز أو الغنم الذى يتم تجهيزه قبل الموسم، ويكون على شكل قربة بعد تجفيفه وصبغه بألواح قواقع البحر وأحجاره والملح وتجفيفه.
وأشارت إلى أن السعن ينفخ يدويا بالفم، بعد أن يصب بداخله الرايب وقليل من الملح، ويعلق على حامل من عصا جريد النخل، ويرج حتى يسمع صوت متميز أنه أصبح لبنا، ومن جديد يعاد سكبه فى وعاء فخاري آخر مخصص للبن، ويعزل عنه الزبدة الخاصة به، ومن تقوم بهذه المهمة هى السيدة فى البيت.
وتابعت "أم سليمان"، أن لهذا اللبن مذاق خاص ويمكن أن يخفف بقليل من الماء، بينما يخزن الزبد فى وعاء فخار كذلك، ويستخرج منه كميات حسب الطلب.
واستطردت، أنه حديثا ظهرت "الخضاضة" الألمنيوم، التى تحل محل "السعن"، ولكن الملاحظ أن طعم اللبن ذا مذاق مختلف عن طعم اللبن المخضوض فى "السعن".
وتابع الحديث محمد عيد، لافتا إلى أن وجبة "السمنية" سميت بهذا الإسم نسبة إلى السمن، وهو الزبد بعد تسخينه ليسيح ويتحول إلى سمن، لافتا إلى أنه فور انتهاء إعداد اللبن يتم تجهيز وجباته المنوعة وأشهرها السمنية، والتى تتم بتقطيع "فت" الخبز، الذى يسبق طهيه على شكل فراشيح رقيقة على الصاج بنار الحطب، وتقطع فى وعاء بحسب عدد من سيتناول الوجبة، ويمزج باللبن بشكل جيد ومن فوقه يسكب السمن بلونه الأصفر المميز، ويضاف له البصل الأخضر أو الناشف المقطع، والفلفل الحار، والبعض يفضل إضافات أخرى من البهارات ومن السلطات بحسب ذوق من يتناول الوجبة وتفننه فى إعدادها.
وتابع أن من وجبات اللبن، شربه مع الخبز بدون فت، وآخرون يفضلون تناول الخبز مغموسا فى الزبد قبل تسييحه.
وأكد سلمى عبد السلام، من شباب شمال سيناء، أنهم يعتبرون هذه الوجبة من الوجبات الطبيعية الدسمة، خصوصا تناول اللبن لحظة الإفطار مع التمر، واستكمال الوجبة بتناول "السمنية" يعقبها شرب الشاى والقهوة.
وتابع الحديث سويلم حسين 62 عاما، بقوله إنه اعتاد طوال حياته التى عاشها على أن يكون اللبن وجبة رئيسية خلال فترة توفره فى موسم ولادة أغنامه، لافتا انه هذا العام يفطر على اللبن الطبيعى، وطعامه "فت السمن"، بينما فى السحور يتناول كوب من الحليب المغلى، مؤكدا أن هذا يعطيه يومه يمر بدون أى شعور بجوع أو عطش وراحة لمعدته على عكس الأطعمة المطبوخة كما يقول.
وقال إن المعتاد أن كل بيت من بدو سيناء لديه ماعز وأغنام وهى ترعى الحشائش الطبيعية، وهذا يعطى لبنها مذاق خاص، ومع فصل الربيع تتنوع الحشائش فى المراعى التى ترعى بها، واستطرد انه حتى من لا يتمكن من الرعى أو يتوفر لديه مكان يرعى فيه، يحرص على نقل الحشائش لها كمصدر طبيعى للغذاء.
وبدوره أشار الباحث فى التراث البدوى لأهل سيناء "جازى سعيد الترابين"، أن تقاليد بدو شمال سيناء فى شهر رمضان ثابته ولاتتغير، وأهمها تناولهم وجبة الإفطار فى المجالس والدواوين يوميا، وتكون بأن يحضر كل شخص وابنائه وجبة الإفطار الخاصة به محمولة فوق الرؤوس ثم ترص كل الأطباق على مائدة واحدة، وبعد أداء صلاة المغرب يقوم الجميع بتناول الإفطار الجماعي فى تقليد متوارث.
وأضاف الباحث، أنه لشدة تعلق بدو سيناء بهذه الوجبة "السمنية"، نسجت فيها كثير من الأشعار المتوارثة والأمثال الشعبية المنوعة، مشيرا إلى أنها لبساطتها يمكن إعدادها سريعا فى أى مكان حال توفر اللبن والدقيق، خصوصا من يقومون بمهمة الرعى فى عرض الصحراء أثناء سعيهم وراء العشب، حيث يشعلون النار ويطهون الخبز ثم يمزجونه باللبن مغموسا بالسمن.
وتابع الباحث، أنه بحلول شهر رمضان هذا العام مع توقيت صناعة هذه الوجبة وإعدادها تلاحظ أنها لم تغب عن المائدة السيناوية، وتقدمت على كثير من وجبات تراثية قديمة، وأخرى حديثة لتتصدر القائمة من الاهتمام والرجوع لها كمصدر طبيعى للغذاء.
اداة خض اللبن الحديثة
اداة عمل اللبن
الجلسات فى الدواوين
الخبز الفراشيح على نار الحطب
تجهيز السمنية
تجهيز الطعام بالسمن
تجهيز الطعام فى الخلاء
تقاليد حمل طعام الافطار
سيدة بسيناء اثناء خض اللبن
طعام السمن بالخبز
من اكلات هذا الموسم اللبن
وجبة متكاملة