تمر اليوم الذكرى الـ118 على توقيع الاتفاق الودى بين فرنسا وبريطانيا بخصوص تقسيم نفوذهما فى الوطن العربى، وذلك فى 8 أبريل عام 1904، وهو اسم يُطلق على مجموعة من الاتفاقيات التي وقّعتها كل من بريطانيا العظمى وفرنسا في 8 أبريل 1904م بعد تسوية عدد من النزاعات الاستعمارية التى كانت ناشبة بينهما، والتى كانت تشير وقتئذٍ إلى تحسن ملحوظ في العلاقات الأنجلو- فرنسية.
وبتوقيع تلك الاتفاقات المعروفة بـ"الاتفاق الودى" كان بمثابة إعلان عن نهاية لصراعات متقطعة استمرت قرابة 1000 عام بين الدولتين وما سلفهما من ممالك تاريخياً، واستبدل هذا الاتفاق حالة التسوية المؤقتة بين البلدين منذ نهاية الحروب النابليونية عام 1815م، يعتبر الاتفاق الودى أيضاً التتويج لجهود وسياسات تيوفيل ديلكاسى وزير خارجية فرنسا آنذاك والذى يمكن اعتباره مهندس هذا الاتفاق، الذى آمن أن التفاهم البريطانى الفرنسى قد يؤمن فرنسا نوعاً ما ضد أي تحالف ألمانى فى أوروبا الغربية، ويعزى نجاح المفاوضات حول هذا الاتفاق إلى كلٍ من بول كامبون السفير الفرنسى فى لندن وسكرتير الخارجية والكومنولث اللورد لانسداون، وفى عام 1907م انضمت روسيا إلى هذا الحلف فأصبح يُعرف بالحلف الثلاثى.
وبحسب كتاب "جغرافية الوطن العربى" للدكتور نعيم الظاهر، أن الفترة فى بدايات القرن الماضى، وقبل انطلاق الحرب العالمية الأولى بنحو عقد كامل، وفى وقت تعانى الدولة العثمانية التى تسيطر على أغلب مناطق الشرق من ضعف، عقدت فرنسا وإنجلترا اتفاقا وديا، تركت بمقتضاه فرنسا لبريطانيا مصر والسودان، ومقابل سيطرة فرنسا على بلاد المغرب العربى، ورغم المنافسة الخفية البريطانية الفرنسية إلا لم يكن فى وسع فرنسا خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أن تحصل على أكثر من سورية ولبنان كأجزاء من أسلاب الإمبرطورة العثمانية، مقابل حصول بريطانيا على المراكز الحساسة من قناة السويس إلى الخليج العربى مرورا بفلسطين والأردن والعراق محاصرة بذلك مكان فرنسا الجديد فى الشرق الأوسط، كما احتلت المعابر البحرية للمشرق العربى والمطلة على المحيط الهندى مبكرا منذ سنة 1799، حينما احتلت جزيرة بريم فى مضيق باب المندب لتطويق التهديد الفرنسى فى حملة نابليون على مصر سنة 1798.
ويوضح الكتاب سالف الذكر أن الاتفاق السابق والمعاهدات التى تمت بعده، لعبت دورًا خطيرًا فى تقسيم الوطن العربى إلى دول ذات حدود مستحدثة لم يكن لها وجود من قبل، وترتبت عن ذلك نتائج سلبية أبرزها تفتيت جهود الدول العربية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن تمخض عنه النفوذ البريطانى فى المشرق العربى هو زرع جسم غريب داخله يعمل بدوره على تبديد جهود الوطن العربى كله سياسيا واقتصاديا وتجلى ذلك فى السماح بإنشاء وطن يهودى فى فلسطين بعد وعد بلفور، وقام دولة إسرائيل عام 1948.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة