جاء القرآن الكريم، هدى للناس، وبيانات من الفرقان، وكان معجزة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من 1400 عام، فكلماته العذبة ومعانيه الرائعة وتجسيداته البلاغية، أسرت القلوب قبل العقول.
ونجد فى القرآن الكريم العديد من الآيات التى حملت تصويرًا بلاغيًا، وتجسيدًا فنيًا بليغًا، ومفردات لغوية عذبة، تجعلك تستمتع بتلاوة كلمات الله التامات على نبيه، ووحيه الأخير إلى الأمة، ومن تلك الآيات الجمالية التى جاءت فى القرآن: وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ (سورة الحج الآية: 46).
جمال الآية القرانية فى تعبيرها الجمالى، وكأن القلوب هنا ترى وتسمع، فالعمى ليس عمى البصر فقط، وإنما عمى البصيرة، والقلوب إذا فقدت بصيرتها، فقدت القوة والخير، والله يعلم أن القلوب التى تعقل إنما طريق علمها مشاهدة آثار العذاب والاستئصال، فحصل من مجموع نظم الآية أنهم بمنزلة الأنعام لهم آلات الاستدلال وقد انعدمت منهم آثارها فلهم قلوب لا يعقلون بها ولهم آذان لا يسمعون بها ولهم أعين لا يبصرون بها.
وبحسب تفسير القرطبى، لكن تعمى القلوب التى فى الصدور أى عن درك الحق والاعتبار، وقال قتادة: البصر الناظر جعل بلغة ومنفعة، والبصر النافع فى القلب، وقال مجاهد: لكل عين أربع أعين، يعنى لكل إنسان أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته، فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه. فلم يضره عماه شيئا، وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا وقال قتادة، وابن جبير: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم الأعمى، قال ابن عباس، ومقاتل: لما نزل ومن كان فى هذه أعمى قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، فأنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى؟ فنزلت فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. أي من كان في هذه أعمى بقلبه عن الإسلام فهو في الآخرة في النار .