إحدى النماذج النسائية اللاتى أسهمن في تغيير المجتمع للأفضل، لتثبت أن التطور والنهضة بالمجتمع ليست قاصرة على الرجال وحدهم، بل للنساء قوة فعالة داخل أي مجتمع في العالم، هي صفية مصطفى فهمى، ولقبت باسم "صفية زغلول" نسبة إلى اسم زوجها "سعد زغلول"، كما لقبت بـ "أم المصريين" إثر مشاركتها فى المظاهرات النسائية إبّان ثورة 1919، والتى نستعرض سيرته عبر سلسلة أيقونات مضيئة فى رمضانك تفاعلى على "اليوم السابع".
صفية زغلول ولدت في عام 1878م، فوالدها هو مصطفى فهمي باشا”، الذي كان من أول الأشخاص الذين شغلوا منصب رئاسة وزراء مصر منذ أن وجد هذا المنصب في أوخر القرن التاسع عشر.
كانت صفية زغلول تتميز منذ صغرها بثقافتها العالية وذكائها الكبير، وكانت على موعد مع المجد التاريخى إذ كتبت اسمها بحروف من ذهب نظرًا لدورها الكبير في المرحلة التي سبقت ولحقت ثورة 1919م، وهي زوجة الزعيم سعد زغلول، الذى كان يعمل حينها قاضيًا مصريًا، قبل دخوله في عالم السياسة، ولكن عندما سلك تلك الطريق ساعدته ووفقت بجانبه في الشدائد، كما كان هو أيضا يحرص على أن تكون بجواره حتى في زيارة أقرانه أو جولاته، ومسيرته الطويلة حتى اندلعت ثورة 1919م، التي ضمت جميع طوائف المجتمع المصرى.
وكان لصفية زغلول مواقف كثيرة مع زوجها فعلى سبيل المثال وليس الحصر عندما ألقى القبض على سعد باشا، أرادت صفية النزول معه ومصاحبته في المعتقل، إلا أن سعد هدأها وطلب منها البقاء، وأكدت أن المرأة المصرية يمكنها قيادة ثورة كاملة حينما وقفت سكرتيرتها أمام المتظاهرين الذين أحاطوا منزلها ببيان جاء فيه "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعداً ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية".
وفي 13 ديسمبر 1919م اجتمع عدد كبير من نساء مصر يتباحثن، وعرف هذا الاجتماع باسم "اجتماع الكاتدرائية المرقسية"، وخرجن من هذا الاحتجاج بتقديم احتجاجًا شديدًا على ما يجري لمصر من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، وفي 16 يناير 1920 قامت السيدات بمظاهرة في القاهرة تأييدًا للوفد وقياداته، ومنادية بالاستقلال ومعادية للجنة "ملنر"، وفي 9 مارس 1920م في ذكرى مرور عام على الثورة، اجتمعت السيدات في منزل سعد زغلول، وألهبت السيدة صفية حماسة السيدات، وأكدن جيعًا المطالب القومية، ووقوفهن خلف قيادة سعد زغلول.
ومن الموقف التي سجلها التاريخ أنه فى عام 1924 عندما تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء وتوالت الوفود إلى بيت الأمة لتهنئة زوجته على الوزارة الجديدة، قالت صفيه لهم: "يجب أن تقدموا لى العزاء وليس التهنئة، أن سعد زغلول هو زعيم الأمة وهو الآن فى مكان أقل بكثير، فما قيمة رئاسة الحكومة مقابل زعامة الأمة؟" وعندما استقال سعد زغلول من رئاسة الوزارة استقبلته صفية زغلول مبتهجة قائلة: "هذا أسعد يوم فى حياتي، مهمتنا الكفاح وليست تولى المناصب".
بعد رحيل سعد في 23 أغسطس عام 1927، عاشت صفية عشرين عامًا لم تتخل فيها عن نشاطها الوطني لدرجة أن رئيس الوزراء وقتها "إسماعيل صدقي" وجه لها إنذارا بأن تتوقف عن العمل السياسي، إلا أنها لم تتوقف عن العمل الوطني وكأن شيئا لم يكن، لترحل عن عالمنا بعد رحلة كفاح طويلة في ١٢ يناير ١٩٤٦، لتظل أيقونة من أيقونات النسائية عبر التاريخ.
صفية زغلول