يزداد التخوف في الشارع المصري من موجة تضخم أخرى، بعدما قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي البنك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية لمكافحة التضخم المتزايد، في أكبر رفع للفائدة بالولايات المتحدة منذ عام 2000.
وستتأثر الأسواق الناشئة برفع سعر الفائدة ومن بينهم مصر، نظرا لأن رفع الفائدة سيرفع سعر الدولار مما يؤدى إلى ضعف العملات في الأسواق الناشئة مقارنة بالعملة الأمريكية.
ومن المتوقع أن تشهد الأسواق الناشئة، ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وانخفاضا في الاستثمار في أدوات الدين الحكومية والسندات السيادية، ويأتي ارتفاع معدل التضخم نظرا أن مصر دولة مستورد ومع ارتفاع أسعار السلع المستوردة سيزيد معدل التضخم.
وترجع ارتفاع الأسعار إلى الأزمة العالمية بسلاسل التوريد، بما ترتّب على ذلك من ارتفاعاتٍ غير مَسبوقةٍ في أسعارِ الزيت الخام والغاز الطبيعي والسلع الزراعيّة الاستراتيجيّة، فضلًا عن ارتفاع أسعار الـمعادن الأساسيّةِ التي تدْخُلُ في كثيرٍ من الصناعاتِ مما أثّر سلبًا على حجمِ الـمُعاملاتِ التجاريّةِ الدوليّةِ، وعلى دورانِ عجلةِ الإنتاج الصناعي في العديدٍ من الدول، مضيفة أن ذلك فضلًا عما يَشهدُه العالم من اضطراب في أسواقِ الـمالِ الدوليّةِ في ظِل تراجُع الـمُؤشّراتِ الرئيسةِ لِلتداول ورأس الـمال السوقي، كذا الاتجاه الانكماشي لِتدفّقاتِ الاستثمارِ الأجنبي المُباشِر وتَفضيِلها للملاذاتِ الآمنةِ، والتوظيف الداخلي في الدولةِ الأُم، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه ما يؤثر على المعروض في السوق المحلي.
ورفع الفائدة الأمريكية لن يكون الأخير، حيث من المتوقع أن ترتفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري مرتين لتصل إلى 2%، وخلال عام 2023 من المتوقع أن ترتفع ثلاث مرات.
وتستعد الحكومة المصرية لاتخاذ إجراءات لتقليل آثار التداعيات السلبية لرفع سعر الفائدة الأمريكية منها تقليل الاستيراد والعمل على إنتاج مكون محلى بديل، كما تستعد الحكومة لإطلاق مبادرة دعم وتوطين الصناعات للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وتعزيز دور القطاع الخاص في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والحوافز المقترحة في هذا الشأن.
ومن المتوقع أن تعقد الحكومة مؤتمرا صحفيا الأسبوع المقبل تنفيذا للتكليفات الرئاسية بشأن إعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي تشمل تنفيذ إجراءات عاجلة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصحة والتعليم والتحول الرقمي.
واستثمرت الدولة على مدار السنوات الماضية في بناء بنية تحتية قوية قادرة على جذب الاستثمارات، وتتيح فرص النجاح لأي مستثمر حقيقي، كما تتخذ الحكومة العديد من الخطوات حاليا لتعميق الشراكة مع القطاع الخاص باعتباره شريكا مهما في التنمية، ومصدرا لتوفير فرص العمل وتحسين أوضاع المواطنين.
وتعد أهم الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف قطاعات الدولة، ولا سيما في قطاع تحلية المياه، ومشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ورفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار، مما يؤثر على سعر الصرف، ويؤدي لمزيد من زيادة الأسعار في مصر وزيادة معدلات التضخم.
وقرار الفيدرالي الأمريكي سيكون له تبعات على الدول المدينة والاقتصاديات الناشئة، ويضع المزيد من الضغوط على الدول ذات المديونية الكبيرة، وتصبح تسدد الدولار بقيمة أعلى، بحسب ما أكدت توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وأكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن خطوة الاحتياطي الفيدرالي كانت متوقعة، مشيراً إلى أنه سبق وأعلن عنها البنك الفيدرالي منذ شهر أنه سيرفع أسعار الفائدة في 5 مايو، كما نوه أن الفيدرالي الأمريكي سيرفع الفائدة ست مرات خلال العام الجاري.
وأوضح عبده، تأثير سعر الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصرى منها أنه سيؤدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض، مع زيادة الطلب العالمي على الدولار.
كما توقع عبده، أن يرفع المركزي المصري سعر الفائدة، لتحفيز المدخرين على وضع أموالهم في البنوك وبالتالي سحب السيولة وتخفيض الطلب على السلع مما يقلل من معدلات التضخم، كما لفت أن رفع الفائدة سيؤدي إلى منع الدولرة، لأن المودعين في ظل سعر فائدة مرتفع ستضع أموالها في البنوك، ولا تضارب في الدولار، مؤكدا أن رفع الفائدة خطوة مساعدة لجذب الاستثمارات إلى أدوات الدين مرة أخرى، ولكنها غير كافية.
من جانبه، أبدى بنك "جى بى مورجان" -فى أحدث تقاريره- نظرة محايدة للسوق المحلية، متوقعًا أن يواصل البنك المركزى سياسة رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال اجتماع مايو.
وتوقع أن يظل معدل التضخم فى مصر فى مستويات طبيعية على الأقل حتى الربع الأول من 2023، ما يستلزم المزيد من إجراءات التشديد النقدى من البنك المركزي.
واعتبر البنك أن تعهدات الاستثمار الأجنبى المباشر لدول مجلس التعاون الخليجى بمثابة تطور رئيسى يسمح ببعض الاستقرار على المدى القريب، بالتزامن مع الاتفاق على برنامج تمويل محتمل مع صندوق النقد الدولي.