أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ضرورة الانطلاق من عملية استشهاد الإعلامية الفلسطينية الكبيرة "شيرين أبو عاقلة"، إلى آفاق أخرى تعيد الزخم للقضية الفلسطينية وتكون بمثابة خطوة جديدة في طريق لن يكون طويلاً "إذا ما أحُسن السير فيه" نحو إقامة الدولة المستقلة التي سوف تكون واقعاً في يومٍ ما رغم كل ما تقوم به إسرائيل من محاولات فاشلة لإنهاء تلك القضية العادلة.
وقال إبراهيم - في مقال بعنوان "استشهاد شيرين أبو عاقلة نقطة انطلاق للقضية الفلسطينية" نشره الموقع الرسمي للمركز اليوم /الجمعة/ - إنه من المؤكد أن استشهاد شيرين أبو عاقلة، لم يكن الحادث الأليم الأول في فلسطين ولن تكون عملية استشهادها هي العملية الأخيرة، وسوف تظل دائرة العنف والقتل والانتقام والمقاومة والاستشهاد قائمة ومتواصلة مادام هناك احتلال إسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقد تهدأ هذه الأحداث فترة من الوقت ولكنها قد تتصاعد في فترات أخرى إلى درجة غير محسوبة وتخرج عن السيطرة.
وتساءل إبراهيم في مقاله "هل سوف ينتهي هذا الزخم المحلي والإقليمي والدولي غير المسبوق الذي نجم عن مرحلة ما بعد عملية اغتيال صحفية مميزة بحجم الشهيدة "أبو عاقلة"، بمجرد أن يوارى جسدها الطاهر التراب مثلها مثل مئات الشهداء الذين سبقوها؟ أم سوف ينجم عن عملية الاغتيال الغادرة بعض الإرهاصات والأنشطة التي يمكن أن تتواصل بقوة أو تنتهى خلال وقت لن يطول كثيراً؟".
وأضاف أنه في كل الأحوال فمن الضروري أن تتكاتف كافة الجهود من أجل الوصول إلى الجناة المسئولين عن هذا الحادث الإجرامي وتقديمهم إلى العدالة والقصاص منهم لاسيما وأن هذا الحادث يعد جريمة متكاملة الأركان لا يمكن أن تمر دون عقاب ومسائلة ، وهذه هي الخطوة الأولى والعاجلة التي يجب أن يتم التركيز عليها من أجل إتخاذ الإجراءات المطلوبة للمحاسبة على هذه الجريمة التي يجب ألا يفلت مرتكبوها من العقاب.
ورأى أنه يجب ألا تنتهي قضية استشهاد "أبو عاقلة" عند حد محاسبة المسئولين عن اغتيالها رغم أن ذلك يعد مسألة ضرورية لا يجب التنازل عنها مهما حدث، وقال: "إلا أن الأمر الذي أطالب أن يتم التفكير فيه جيداً هو كيف يمكن استثمار هذا الحادث من أجل تحرك أوسع وأشمل بمعنى ألا يقتصر أي تحرك مزمع على البحث عن الشق الجنائي فقط رغم حتميته بل يجب التركيز على الجانب السياسي أيضاً وكيف يمكن أن يكون استشهاد (ابنة فلسطين البارة) نقطة انطلاق نحو تنشيط القضية الفلسطينية بل وتحقيق تقدم بشأنها".
وتابع اللواء محمد إبراهيم أنه إذا كان المجتمع الدولي قد ركز في البداية وبشكلٍ واضح على حادث الاغتيال وتداعياته وهو أمر طبيعي، إلا أنه يجب ألا يقتصر الأمر على هذا الجانب فقط؛ حيث إن هناك جانباً آخر شديد الأهمية يتمثل إطاره العام في أن عملية الاغتيال تمت بواسطة قوات إسرائيلية على أرضٍ فلسطينية محتلة ضد مواطنة فلسطينية وهو ما يشير في النهاية إلى أن هناك قضية يعانى منها شعب محتل لا بد أن تجد طريقها للحل مهما كانت التعقيدات والعقبات.
ووجه إبراهيم رسالة إلى روح الشهيدة "شيرين أبو عاقلة" ومفادها "أنك أديت رسالتك الإعلامية لصالح القضية الفلسطينية على أكمل وجه ممكن بما ساهم في نقل الأوضاع في المناطق الفلسطينية إلى العالم أجمع ، إلا أن رسالتك السامية لم تنته حيث إن استشهادك يجب أن يفتح المجال أمام تنشيط القضية الفلسطينية مرة أخرى وهو إنجاز سوف يحسب لك رغم غيابك".
كما وجه رسالة ثانية إلى القيادة الفلسطينية ومفادها أن تنظيم جنازة رسمية للشهيدة "أبو عاقلة" بحضور الرئيس محمود عباس "أبو مازن" يعد تكريماً كبيراً لابد من استكماله بتحركين الأول وهو ملاحقة الجناة المجرمين ومعاقبتهم، والتحرك الثاني والضروري هو استثمار هذا الحادث في إعادة القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء بخطوات عملية تبدأ بالتفاوض وتنتهى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالب إبراهيم القيادة الإسرائيلية بضرورة أن يكون هناك تحقيق شفاف في قضية استشهاد "أبو عاقلة" ومعاقبة المجرمين أياً كانوا، إلا أنه المهم أن تتفهم هذه القيادة وتعي أن دائرة العنف وعمليات المقاومة لن تتوقف بل يمكن أن تتزايد في المستقبل، وأن الأمن الإسرائيلي لن تحميه اتفاقات التطبيع مع بعض الدول العربية بل سوف تحميه فقط مفاوضات جادة مع الفلسطينيين تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية التي سوف تكون البوابة الرئيسية لاستقرار المنطقة، وأن على القيادة الإسرائيلية أن تكون على قناعة بأن استمرار القضية دون حل عادل لن يكون في صالح إسرائيل.
كما وجه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن الأحداث في المناطق الفلسطينية أصبحت متسارعة ومتلاحقة وقد تخرج عن السيطرة من جانب أي طرف، ومن ثم فإن واشنطن مطالبة الآن بأن تترجم المبدأ الذي تتبناه وهو حل الدولتين إلى واقع عملي وبدء المفاوضات في أقرب وقت ممكن.
ودعا إبراهيم الدول العربية والدول الأوروبية بضرورة استثمار الزخم الذي انبثق عن استشهاد "أبو عاقلة" في إعادة الاهتمام للقضية الفلسطينية وتحديداً العمل الجاد من أجل استئناف المفاوضات حتى يمكن احتواء أي توتر محتمل في المرحلة المقبلة والذي قد يصبح واقعاً خلال فترة قصيرة.
وكتب نائب المدير العام - في ختام مقاله - أنه ومع كل الحزن والألم الذي لحق بنا جميعاً من جراء اغتيال القوات الإسرائيلية إنسانة فلسطينية بريئة كانت تؤدي عملها بكل مصداقية وأمانة وحرفية، إلا أنه يجب أن ننطلق من عملية استشهاد “أبو عاقلة” إلى أفاق أخرى تعيد الزخم للقضية الفلسطينية وتكون بمثابة خطوة جديدة في طريق لن يكون طويلاً إذا ما أحسنا السير فيه نحو إقامة الدولة المستقلة التي سوف تكون واقعاً في يومٍ ما رغم كل ما تقوم به إسرائيل من محاولات فاشلة لإنهاء تلك القضية العادلة.