مع بداية كل فصل جديد من فصول السنة، ينقسم الجميع إلى فريقين بين مرحبين بقدوم هذا الفصل وآخرين ينتظرون قدوم الفصل التالى له، ويتعامل الجميع مع كل فصل من خلال ارتداء الملابس الملائمة لطبيعة طقسه، لكن الأمر فى عالم الحيوان يختلف كثيرا عن عالمنا خاصة فى ظل التغيرات المناخية الكبيرة التى يشهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تعرضت ملايين الأنواع للانقراض بعضها فى الوقت الذى اضطرت فيه أنوع أخرى للتكيف مع تغيرات دراماتيكية متعاقبة فى المناخ حصلت على مدى الـ500 مليون سنة الماضية.
يقول الدكتور عاطف محمد كامل مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وخبير الحياة البرية: إن الاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية، أبرز الأزمات التى تواجه كوكب الأرض فى الوقت الراهن ويحاول العلماء فى أنحاء العالم إيجاد حل لتلك المشكلة التى تهدد الحياة على كوكب الأرض ومن ضمن الحيوانات المهددة على الأرض بسبب تغيرات الطقس والمناخ هى الحيوانات البرية، حيث إن تصاعد درجات حرارة الطقس باستمرار بسبب التغيرات المناخية، يضع العديد من الضغوط على كوكب الأرض، ويزيد من الظواهر المناخية المتطرفة كالأعاصير والفيضانات.
وأضاف كامل لـ"اليوم السابع" بحسب دراسة جديدة فإن تغير المناخ لا يؤثر على البشر فحسب، إذ يفرض على الحيوانات أيضاً أن تتكيف معه وتشير الدراسة إلى أن بعض الحيوانات من ذوات الدم الحار تغير شكلها، بما فى ذلك المناقير عند الطيور والأرجل وشكل الأذن، لتنظيم درجة حرارة أجسامها بشكل أفضل مع ارتفاع درجة الحرارة، مشيرا إلى أن الاحترار السريع الذى نعيشه اليوم الناتج عن الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري، ينذر بحدوث تحول مهم فى الظروف المناخية، متزامنا مع بداية انقراض جماعى مماثل لانقراضات سابقة ارتبطت بتغيرات فى المناخ العالمى فى فترات مختلفة من تاريخ الأرض، خاصة فى ظل الوتيرة السريعة للتغيرات المناخية الحالية مقارنة بالتغيرات السابقة، لذلك يتساءل العلماء هل يمكن للكائنات الحية بصفة العامة والحيوانات التى لا يمكن ترحيلها إلى المناخات الباردة بصفة خاصة أن تتكيف مع الظروف المتغيرة؟
وأوضح: هناك بالفعل دليل لا يمكن إنكاره على أن الحيوانات والطيور والنباتات تتأثر بتغير المناخ والاحترار العالمى فى كل من توزيعها وسلوكها، وما لم يتم تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بشدة يمكن أن يتسبب تغير المناخ فى انقراض ربع الحيوانات البرية والطيور والنباتات، ويؤثر تقلب المناخ وتغيره على حياة وسلوكيات الطيور والحيوانات البرية بعدة طرق حيث تضع الطيور بيضها فى وقت مبكر من العام عن المعتاد وتزهر النباتات فى وقت أبكر ومع ظروف المناخ تخرج الثدييات من السبات مبكراً ويتأثر توزيع الحيوانات أيضاً مع اقتراب العديد من الأنواع من القطبين كرد فعل لارتفاع درجات الحرارة العالمية. كذلك تهاجر الطيور وتصل إلى أماكن تعشيشها فى وقت مبكر ومناطق التعشيش التى ينتقلون إليها ليست بعيدة كما كانت فى السابق وفى بعض البلدان لم تعد الطيور تغادر بعد الآن حيث يكون المناخ مناسباً طوال العام.
وتابع: كذلك يمكن أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 50 سم فقط فى فقدان السلاحف البحرية لشواطئها التى تعشيشها حيث تستخدم السلاحف أكثر من 30٪ من شواطئ الكاريبى خلال موسم التعشيش وستتأثر بذلك حيث تحتاج فقمة الراهب المتوسطية المهددة بالفعل بالانقراض إلى شواطئ لتربية صغارها عليها وقد يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تدمير المناطق الساحلية الضحلة التى تستخدمها الحيتان والدلافين سنوياً والتى تحتاج إلى مياه ضحلة لطيفة لتربية عجولها الصغيرة هناك، والسلاحف الخضراء التى تعتبر حساسة للتغيرات المناخية فى درجات الحرارة التى يسببها الاحتباس الحرارى، ونظرًا لأن جنس صغار السلحفاة يعتمد بشكل أساسى على درجة حرارة الرمال التى توضع فيها بيضها، فإن تغير المناخ له تأثير على تطور هذه السلاحف أيضًا.
واستطرد: بالنسبة للدب القطبى هذا الحيوان الذى تم إدراجه فى لائحة الحيوانات المهددة بالانقراض فى الولايات المتحدة، فى عام 2008، حيث أن الجليد الذى يغطى القطب الشمالى، تمت إذابته بنسبة 14٪ كل عقد، نتيجة للاحتباس الحرارى، كما أن هذا هو مكان صيد الدببة القطبية، فمع الانخفاض السريع فى كمية الجليد، إما أن تموت الدببة القطبية من الجوع، أو أنها تبحث فى مناطق أخرى عن الطعام والبقاء، مثل الأرض، وأحدث الدراسات العلمية التى حاولت تقديم إجابة لهذا السؤال قام بها علماء من معهد لايبنز لبحوث الحيوانات والحياة البرية فى برلين، بالتعاون مع ستين باحثا من جميع أنحاء العالم، وبحث العلماء فى هذه الدراسة عن أدلة لحصول تغييرات فيسيولوجية أو سلوكية لدى بعض الحيوانات أو فى حجمها، لاستيعاب ارتفاع درجات الحرارة ومتطلبات التأقلم مع تغير موعد حلول الفصول. ويطلق علماء الأحياء على هذا النوع من الاستجابة: "التغيير الظاهري".لكن، مؤلفة الدراسة والباحثة فى جامعة ديكين الأسترالية، سارة رايدينج ترى أن "الوقت قد حان لندرك أن الحيوانات يجب أن تتكيف أيضاً مع هذه التغييرات".
وأضاف: الدراسة الجديدة أظهرت قدرة بعض الحيوانات من ذوات الدم الحار، خاصة الببغاء الأسترالي، على تغيير شكلها بسبب ارتفاع درجة حرارة الجو، وتوصل العلماء إلى أن الطيور بوسعها التأقلم مع ظروفها البيئية عند حدوث تغيرات مناخية، إلا أنها قد لا تكون قادرة على القيام بذلك بالسرعة اللازمة لتتزامن الهجرات مع بداية الإزهار الربيعى الذى يحدث قبل أوانه من سنة إلى أخرى، أو تعشش فى وقت متزامن مع تكاثر الحشرات التى تمثل مصدر الغذاء الرئيسى لصغارها، وأظهرت عدة أنواع من الببغاوات الأسترالية، زيادة بنسبة بين 4 إلى 10% فى حجم مناقرها منذ عام 1871، وهذا يرتبط ارتباطاً إيجابياً بدرجة حرارة الصيف سنوياً، ويعتزم الباحثون التحقيق فى تغيّر شكل الطيور الأسترالية مباشرة عن طريق المسح ثلاثى الأبعاد لعينات الطيور بالمتحف من الـ100 عام الماضية، ما يعطى فهماً أفضل للطيور التى تغير حجم الزائدة بسبب تغير المناخ. ووفقاً للباحثين، لا يعنى اختلاف أشكال الحيوانات، تأقلمها مع تغير المناخ وأن كل شيء على ما يرام، فهذا يعنى فقط أنها تتطور للبقاء على قيد الحياة. ولا يزال الباحثون غير متأكدين من النتائج البيئية الأخرى لهذه التغييرات، أو ما إذا كانت جميع الأنواع قادرة على التغيير والبقاء على قيد الحياة.
واختتم حديثه قائلا: فى النهاية يطرح السؤال بحسب دراسة علمية جديدة قام بها باحثون من ألمانيا بناء على تحليل دقيق لعشرة آلاف دراسة سابقة، هل يمكن للحيوانات البرية التكيف مع تغير المناخ؟ فإن الإجابة: نعم، قد تكون الحيوانات قادرة على التكيف، ولكن بوتيرة بطيئة، وهو ما لا يضمن استمرار وجودها فى ظل الاحترار السريع الذى تعيشه الأرض اليوم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة