شمعة جديدة يشعلها، اليوم الثلاثاء، الزعيم عادل إمام، شمعة منيرة جديدة فى مسيرة تنوير قادها الزعيم ليشكل بمشواره أيقونة تدرس، حيث وصل لمكانة كبيرة لم يصل إليها أحد من قبله ولا يزال يعتليها وحيدا.
فى لقاءات نادرة لعادل إمام، ذكر الزعيم أنه يدلع ابنه رامى بالحاج طلبة، وابنته سارة بالحاجة زينب، ومحمد بالحاج بيومى، وعندما سئل الزعيم عن السبب قال: إنه وجد الناس تطلق اسم دلع على أبنائهم مثل سوسو وغيرها، ووجد أن يقوم بتدليعهم بأسماء مغايرة، تلك الإجابة قد تكون عادية ومقبولة ولا يفكر فيها أحد، لكن من يتمعن فى فلسفة تلك الجملة سيجدها واحدة من أسرار نجاح عادل إمام وتصدره للمشهد على مدار سنوات طويلة، وهو السير عكس الاتجاه، البحث عن المختلف، الابتعاد عن الدارج، وهو ما جعل مشوار الزعيم متفردا لا يشبهه أحد.
عادل إمام، الفقير، الذى يطلق هذا اللقب على نفسه، فهو يعتبر نفسه فقيرا لم يكن لديه الإمكانيات للزواج وتكوين أسرة، لكن عينه مليانة مثلما يردد دوما منذ بداياته.
عادل إمام الكاره ليوم عيد ميلاده، فلا يحب الاحتفال بهذا اليوم، حيث لم يعتاد على الاحتفال به إلا بعد أن تزوج، فزوجته هالة هى التى قررت أن يكون يوم مولد الزعيم هو يوم احتفال.
عادل إمام النجم الذى حطم كل معايير النجومية، فلم يملك من الوسامة القدر الذى يؤهله ليكون نجم شباك، كالمعايير التى وضعها المنتجون والمخرجون، بملامحه المصرية الصميمة، استطاع أن يتصدر المشهد ويضع فنه فى الصدارة.
الراصد لتاريخ الزعيم عادل إمام، يجد أنه أول من وضع معركة الوعى هدفا أمامه قبل أن يصعد هذا المصطلح مؤخرا، فهو أول من حارب الإرهاب بفنه، وأول من وضع روحه على كفه، وأول من قرر الذهاب عام 1988، إلى إحدى قرى أسيوط وعرض مسرحيته «الواد سيد الشغال »، تضامنًا مع فرقة مغمورة من هواة المسرح أسسها شباب هناك، وكان تعتبره الجماعات المتطرفة من أهل الكفر، وحاولوا منعه من تقديم عرضه بالقوة.
شكل عادل إمام مع وحيد حامد ديو، وقدما الكثير من النجاحات، فوضع يده على قضايا شائكة لم يجرؤ غيره الدخول فيها، واجه شبح السجن والاتهام بازدراء الأديان، تحمل التهديدات بالقتل وتعريض نفسه للخطر هو وأسرته، لذلك استحق أن يكون هو الزعيم الأيقونة التى نتباهى بها فى مصر وخارجها، قدم أعماله من منطلق وطنى مستنير، نجاحات من ضمير واعى لفنان حقيقى، كان ولا يزال يضع وطنه فى أولوياته، يعتز بمصريته ويفخر بفنه وبتاريخ الفن المصرى.
لسنوات طويلة، كان الزعيم عادل إمام محل تصفية حسابات كل من لم يستطع الوصول لنفس مكانته أو يحقق نفس نجاحه، فكان يقذفه بحجر، منذ بدايته ومع كل نجاح تجد هجوما شديدا عليه، حاولوا كثيرا أن يلصقوا به الكثير من التهم من إفساد الذوق العام، ومنها إفساد التعليم والتلاميذ، لكنه كان ومازال حائط صد يقدم ما يمليه عليه ضميره.
جهزوا له تهما ثابتة ما بين ازدراء الأديان وما بين فنان السلطة والرؤساء وغيرها من الشائعات القادرة على هدم مكانته لدى جمهوره، لكن ذكاء الزعيم عادل إمام وإخلاصه لعمله وحبه وشغفه واعتزازه بمهنته، جعلته يخرج من كل تلك الأزمات دون ضرر يذكر، وثقة الجمهور فيه جعلتهم يقفون خلفه وإلى جواره فى كل أزمة يمر بها، فلا ينسى أحد الكثير من محاولات الاغتيال المعنوى التى تعرض لها عادل إمام، لكنه استطاع أن يكون حائط صد وسفيرا للفن المصرى والمصريين، كرمته الدول ورؤساؤها، ومن قبلهم جمهوره فى الوطن العربى.
الزعيم عادل إمام مفخرة لكل مصرى بكل إنجازه الفنى والمهنى والقضايا التى تبناها على مدار مشواره الفنى، فلا يستطيع أحد أن ينكر جراءة الزعيم عادل إمام فى طرح القضايا المختلفة فى أفلامه ومسرحياته، لا ينكر مجهوده فى نشر الثقافة والفن إلا مغرض وكاره، فالزعيم عادل إمام له الكثير والكثير من الجولات التى خاضها مع صناع أعماله، واجه الكثير من المخاطر ووضع قلبه على كفه، خاصة فى قضايا الإرهاب والتطرف.
منح عادل إمام الفن المصرى من روحه ربما أكثر مما أخذ، خاطب الزعيم عادل إمام الجمهور وراهن على وعيه لقضاياه ومشكلاته، فمنحه الجمهور المكانة التى يستحقها زعيما على القلوب.
فى كل مرة أجلس أمام الزعيم عادل إمام فى حوار تليفزيونى، أجد نفسى أمام موسوعة فنية وثقافية غزيرة المعلومات، فنان حقيقى وواعى ومتفرد، يعى جيدا حجم المؤامرات التى تدور حول الفن المصرى، من محاولات لإفساد هويته والتقليل منه، وهو ما ظهر جليا فى كل مناسبة يستطيع من خلالها التعبير عما بداخله تجاه بلده مصر وأهله من المصريين.
على مدار سنوات طويلة، استطاع الزعيم عادل إمام، أن يحتل أعلى مراتب النجومية، مع مرور السنوات وصعود وهبوط الكثير من النجوم، يظل عادل إمام رقما صعبا فى معادلة الفن المصرى، لا يقترب من مكانته أحد ولا يزيحه عن عرشه أحد، ذلك العرش الذى منحه له وحده جمهوره، الذى كان ولا يزال مخلصا له ولفنه حتى مع صعود الكثير من النجوم والنجمات وتغير شكل النجومية ومفرداتها.
يظل عادل إمام أسطورة حية، وملهمة للكثير من الممثلين، يضعونه فى مكانة الأب الروحى لهم وللفن المصرى، الذى نصب عادل إمام سفيرا له فى كل دول العالم، فمن يسافر هنا أو هناك لا تخلو جمل وداعه من إرسال السلام للزعيم عادل إمام، وكأنه واحد مننا، والحقيقة أنه فعلا واحد مننا.
عادل إمام واحد مننا، ليس فقط لأنه معبر عنا وعن قضايانا ومشاكلنا، ولكنه أيضا لم ينقطع يوما عن مصر والمصريين، لم يناقش إلا ما يهمهم، يتغلغل داخل ظروفنا ومشاكلنا، يخرج منها ما يضحكنا ويمتعنا، يضحكنا من كرسى مجاور لنا وليس من منبر عالى يتجلى عليه.
عادل إمام الذى كسر كل حواجز الشكل يمثلنا على الشاشة، ملامحه تشبهنا وتشبه قلوبنا، مفرداته لا تختلف عن مفرداتنا، يعيش بيننا بإخلاصه وحبه للفن ولنا، لم نشعر يوما أنه يمثل غيرنا، على العكس مع كل عمل يقدمه على الشاشة، سواء مسلسلات أو أفلام أو فى المسرح، تجده زعيما للغلابة والمهمشين إلا فيما ندر، فهو منا ونحن منه.
كثيرون حاولوا تقليد الزعيم أرادوا السير على نفس نهجه، لكنه يظل ملهما لكل من حوله، وحارقا لكل من يحاول تقليده، فالزعيم واحد فقط شاء من شاء وأبى من أبى، تختلف أو تتفق مع ما يقدم تراه عميقا أو سطحيا، إلا أنه فى النهاية يبقى الفن الحقيقى، يعيش بيننا.
الارهاب-والكباب
الارهابى