قبل ساعات من بدء أولى جلسات محاكمة مستريح المواشى فى أسوان، يبدو القلق والحيرة يزدادان على وجوه عدد كبير من المواطنين خاصة فى نطاق مركز إدفو شمال المحافظة والتى سقط الكثير منهم فى فخ النصب بداعى "توظيف الأموال".
مستريح المواشى أو المعروف بين الناس باسم "مصطفى البنك" هو مصطفى البدرى مصطفى أحمد، أحد أبناء نجع السايح التابع لمدينة البصيلية بمركز إدفو شمال محافظة أسوان، كان يعمل - كما يروى شهود عيان من قريته - سائقا على توك توك ثم اختفى فترة خارج مسقط رأسه، وعاد إليها مرة أخرى بعد أن جمع مبلغا ضخما من المال.
وشرع "البنك" فى تجارته غير المشروعة الخاصة بغسيل الأموال عن طريق تجارة بيع وشراء المواشى بنظام "الوعدة" وهو شراء رؤوس المواشى بسعر أعلى من نظيره فى الأسواق مع تأجيل سداد الثمن لمدة تصل إلى 21 يوما، ولا يحصل صاحب رأس الماشية سوى على مقدم ألف جنيه ووعد بسداد باقى المبلغ، وفى المقابل يبيع "المستريح" المواشى بسعر أقل من ثمنها الأصلى بكثير، حتى يجذب آلاف الضحايا له.
وحكى ضحايا المستريح قصص وحكايات تعرضهم للنصب على يد مستريح المواشى فى نطاق مركز إدفو بمحافظة أسوان، خاصة أن بعضهم لجأ لسحب قرض من البنك لشراء مواشى وبيعها للمستريح، وبعضهم اضطر لبيع صيغة زوجته للدخول فى تجارة المواشى.
أدهم عبد العزيز، أحد الضحايا، تحدث عن مستريح المواشى، قائلا: كنت أتاجر فى المواشى قبل ظهور المستريح فى نطاق مركز إدفو وكنت اتكسب مكاسب قليلة وكنت بقول الحمد لله، ومع الوقت وظهور المستريح بنشاطه فى مجال تجارة المواشى وهو ما أثر على حركة البيع والشراء فى سوق الأربعاء بمدينة إدفو واختفاء رؤوس الماشية من السوق بعد لجوء أصحابها إلى التعامل مع المستريح، وهذا الأمر دفعنى للذهاب إلى المستريح خاصة أن الربح عنده مضاعف.
وتابع أدهم عبد العزيز، بأن دوافع الطمع عنده والتربح السريع هو ما دفعه للذهاب إلى مستريح المواشى "مصطفى البنك" والذى ذاع صيته خلال الأشهر الماضية، مشيرا إلى أن ضمانة المتعاملين معه جعلتنى وعدد كبير من المواطنين للذهاب والتعامل مع هذا الشخص وتسليمه مبالغ كبيرة للحصول على أرباح منها والاستفادة منها بشكل كبير، معلقا: "بعد هذه الثقة سلمنا كل بهائمنا لمناديب المستريح".
وأشار إلى أنه بعد القبض على "مصطفى البنك"، ظهر الذهول على الكثير من المواطنين المتعاملين مع مستريح المواشى، وخاصة أن بعضهم لا يحتكم على أموال ولجأ للحصول على قرض بنكى للدخول فى تجارة المستريح بعد أحلام التربح السريع وسداد قيمة القرض وبذلك تحقيق حلم الثراء السريع.
وكانت وزارة الداخلية أكدت القبض على مستريح أسوان بعد استيلائه على نحو ربع مليار جنيه من المواطنين بأسوان، وأنه أثناء ضبطه عثر بحوزته على 9.5 مليون جنيه.
وكانت الأجهزة الأمنية رصدت تردد عدد من المواطنين أمام منزل أحد الأشخاص (مقيم بقرية البوصيلية – مركز إدفو بأسوان) للمطالبة باسترداد أموالهم لقيامه بالنصب والاحتيال عليهم والحصول على مواشيهم وأموالهم بزعم توظيفها مقابل أرباح مرتفعة وامتناعه عن السداد، وتمكنه من الهرب، وبالفحص تبين أن المذكور قام بالحصول على قرابة (200 مليون جنيه) منهم تحت زعم توظيفها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
وأسفرت التحريات عن تحديد مكان اختبائه بإحدى المناطق الجبلية المتاخمة لمركز إفو بأسوان حيث تم إعداد الأكمنة اللازمة وضبطه وبحوزته (9,5 مليون جنيه ) وخلال جهود الضبط انقلبت إحدى سيارات الشرطة المشاركة بالمأمورية، مما أسفر عن استشهاد (ضابطين برتبه لواء بقطاع الأمن العام "المشرفين على مأمورية الضبط"، وكذا إثنين من المجندين).
وتم رصد تردد عدد آخر من المواطنين أمام منزل شخص آخر (مقيم بقرية المعمارية لقيامة بذات النشاط الإجرامى) وقد تم ضبطه وبحوزته 3 ملايين جنيه، وتبين حصوله على قرابة (50 مليون جنيه) من المواطنين بزعم توظيفها.
كما قامت إحدى الارتكازات الأمنية بضبط عنصر إجرامى (له معلومات جنائية – مقيم بقرية السباعية بمركز إدفو بأسوان وبحوزته 2,5 مليون جنيه) حال محاولته الهرب وتبين حصوله على مبلغ (10) ملايين جنيه من المواطنين بزعم توظيفها.
وأحالت النيابة العامة بأسوان، مستريح أسوان و6 آخرين إلى المحاكمة بتهمة النصب على المواطنين بنظام غسيل الأموال، وتحديد جلسة السبت 21 مايو لنظر محاكمته بدائرة جنايات قنا الاقتصادية.
وتنظر محكمة جنايات قنا الاقتصادية، أولى جلسات محاكمة مستريحو أسوان، بدلا من انعقادها فى أسوان تحسبا لوقوع أعمال تجمهر أو شغب أثناء المحاكمة فى حال انعقادها فى أسوان.
وستجرى محاكمة المتهمين وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد حالة الشغب التى شهدتها بعض قرى أسوان عقب هروب بعض المستريحين، بأموال الأهالى التى جمعوها من المواطنين بعد أن أوهموهم بأرباح طائلة تتجاوز 30%، مستغلين بساطتهم وأميتهم، عبر عشرات المناديب.
واستدعت نيابة إدفو بمحافظة أسوان، ضحايا مستريح المواشى "مصطفى البنك" للاستماع إلى أقوالهم فى الاتهام المنسوب إليه باستيلائه على ربع مليار جنيه بداعى توظيف الأموال فى تجارة المواشى.
وأمرت النيابة العامة بحبس المتهم مصطفى البدرى وشهرته مصطفى البنك، واثنينِ آخرينِ أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيق معهم؛ لاتهامهم بالاستيلاء بطرق احتيالية على أموال عدد كبير من المجنى عليهم، وتلقيها منهم بدعوى استثمارها بغير ترخيص.
وتلقت النيابة العامة فى أوائل الشهر الجارى بلاغات من عدد من المجنى عليهم ضد المتهم/ مصطفى البنك بالتزامن مع ما رصدته وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام من مقاطع مصورة بمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة والتى أفادت والبلاغات -كما شهد مُقدِّموها فى التحقيقات- استيلاءَ المتهم على أموال كثير من المواطنين بدعوى توظيفها فى تجارة رءوس الماشية، ووعدَهُ بربحهم منها، إذ استولى على ما يربو على تسعة ملايين جنيه، ثم فُوجئوا بتهرّبه عقبَ ذلك من سدادِ الربح الذى وعدهم به، أو ردِّ الرؤوس إليهم، كما عاينت مزرعةً يملكها وأمرت بالتحفظ على عدد أربعمائة وسبع وأربعين ماشية ضُبطتْ بها، وأُخطرت النيابة العامة بتحرير ما يزيد عن ثمانمائة بلاغ آخر مشابه ضدّ المتهم، فأمرت بضبطه وإحضاره.
ونفاذًا لأمر الضبط والإحضار انتقلت قوة من الشرطة لضبطه، وباستجواب النيابة العامة له قرَّر دعوته للمواطنين عبر موقع (يوتيوب) لتلقى أموالهم بدعوى استثمارها فى تجارة رءوس الماشية مقابلَ تقديمه أرباحهم منها لاحقًا، وادعى حيازتَه تلك الأموال، ووعدَهُ بردِّها إليهم، وطلَبَت تحريات مباحث الأموال العامة حول الواقعة، والتى أكدت ارتكابه لها، فأمرت النيابة العامة بحبسه أربعة أيام احتياطيًّا.
وفى ذات السياق كانت النيابة العامة قد تلقت بلاغينِ مماثلينِ ضد متهمينِ آخرينِ أسفرت التحقيقات فيها عن إلقاء القبض عليهما وبحوزة أحدهما مبلغ مليون ومائتين وثمانية وثلاثين ألف جنيه، فأمرت النيابة العامة بحبسهما احتياطيًّا، وجارٍ استكمال التحقيقات فى الوقائع الثلاث.
وفى المقابل، أعلن اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، عن أنه بالتنسيق مع قوات مديرية أمن أسوان تم نقل رؤوس الماشية والجمال والتحفظ عليها بأحد المحاجر البيطرية بعد ضبطها فى الحظائر التابعة لأحد التجار حيث سيتم توفير الرعاية الغذائية والبيطرية لهذه الثروة الحيوانية بإشراف من النيابة العامة والتى ستقوم بتشكيل لجنة متخصصة ومحايدة لبيعها بالمزاد العلنى بكل شفافية ونزاهة من أجل توجيه عوائده المالية لتعويض المواطنين الذين تعرضوا للنصب.
وكشف محافظ أسوان عن أن هناك متابعة من اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية للموقف أولًا بأول، بجانب وجود تنسيق كامل على أعلى مستوى مع وزراء العدل والداخلية والنائب العام، بالإضافة إلى المحامى العام لنيابات أسوان لعودة الحقوق لأصحابها فى ظل المتابعة اللحظية من المحافظة للإسراع فى الإجراءات اللازمة لرعاية هذه الثروة الحيوانية، والتصرف فيها بواسطة النيابة العامة.
وأضاف، أنه بمجرد تفشى ظاهرة قيام بعض التجار بشراء سلع مثل رؤوس الماشية والسيارات بأسعار عالية بزيادة عن سعر السوق المحلى بدون أى ضمانات أو مستندات ثبوتية، تم إخطار جميع الجهات المعنية استشعارًا من المحافظة بخطورة هذه الظاهرة على استقرار الأسواق والسلم الاجتماعى، على الرغم من أن الحكومة ليست طرف فى هذه المشكلة، ولكن لتصحيح الأوضاع.
وأشار أشرف عطية إلى أنه فى نفس الوقت تم فى منتصف إبريل الماضى إصدار قرار من محافظ أسوان بحظر نقل رؤوس الماشية خارج نطاق المحافظة حفاظًا على الثروة الحيوانية.
وأوضح، بأنه تم إجراء الاتصال التليفونى بالدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية بتكليف مسئولى الشركة المصرية لتجارة الجملة لضخ المزيد من كميات اللحوم الحمراء والبيضاء داخل فروع المجمعات الاستهلاكية من أجل توفيرها للمواطن الأسوانى بأسعار مخفضة وتحقيق التوازن المطلوب داخل السوق المحلى بالشكل المطلوب.
فى حين، أسفرت لجنة المزاد العلنى التى شكلتها النيابة العامة فى أسوان، عن بيع عدد من رؤوس الماشية المتحفظ عليها من ممتلكات المستريح "مصطفى البنك"، بنحو 3 ملايين و175 ألف جنيه.
وشهدت جلسة المزاد العلنى لبيع مواشي المستريح، المنعقدة بالحجر البيطرى بمدينة دراو، بيع نحو 210 رؤوس ماشية ب3 ملايين و175 ألف جنيه، وبيع 5 خرفان وجدى بـ19 ألف جنيه، وبيع 2 حصان أنثى بـ10 آلاف و500 جنيه، فيما تم تقدير 163 جملا بمبلغ 2 مليون جنيه ولكن لم يتم الاتفاق على البيع فى المزاد.
وأكد محمد محمدين، مدير عام الزراعة بأسوان، أن لجنة المزاد العلنى التى تم تشكيلها بقرار من المحامى العام لنيابات أسوان، ضمت ممثلين من: جامعة أسوان والإدارة الزراعية بدراو وإدارة تموين دراو والإدارة البيطرية بدراو ومجلس مدينة دراو.
وأضاف مدير عام الزراعة، أنه تم نقل 450 رأس من الماشية والإبل، وذلك من الأحواش الخاصة بالمستريح فى مركز إدفو شمال محافظة أسوان، إلى الحجر البيطرى "الكرنتينة" بمدينة دراو وفقا لقرار النيابة العامة ووسط حراسة أمنية مشددة، بأن المواشى التى تم نقلها هى 236 رأسا من الأبقار والعجول، و198 رأسا من الإبل وهى عبارة عن "168 جمل كبير و30 جملا صغيرا" بالإضافة إلى مولود صغير تم وضعه بعد عملية نقل المواشى، بجانب نقل 8 جاموس حلوب، و1 "برص نتاية"، و6 خرفان، و1 ماعز.
وأشار "محمدين"، إلى أن اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، وجه بتشكيل لجنة للتسمين والتسعير مكونة من: "الزراعة والتموين والطب البيطرى والشئون المالية بالمحافظة ولجنة التعاقدات"، وهناك رعاية بيطرية من الزراعة بالمواشى بجانب تحصينها من الطب البيطرى ضد الحمى القلاعية، واتفقت اللجنة على بيع كل 10 رؤوس متماثلين ومتجانسين خلال المزاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة