أصبحت الزيوت النباتية رفاهية فى مطبخ أوروبا وأمريكا اللاتينية، وخاصة زيت عباد الشمس، بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل صادم وأصبح المستهلكون يشتكون على الشبكات الاجتماعية، وكل ذلك بسبب الحرب فى أوكرانيا، ووصلت على الصعيد العالمى، فقد ارتفعت قيمة الزيوت النباتية بنسبة 46.5% فى الأشهر الـ12 الماضية.
يحدث التصعيد فى أسعار الوقود والغذاء فى سياق التضخم المتفشى الذى يؤثر على العالم بأسره، مدفوعًا بشكل أساسى بالحرب فى أوكرانيا والآثار الاقتصادية لوباء كورونا، وبشكل خاص زيوت الطعام، وفى أمريكا اللاتينية، يغطى تضخم الزيت فى العام الماضى نطاقًا واسعًا للغاية يتراوح من 9٪ فى بوليفيا إلى أكثر من 60٪ فى بلدان مثل كوستاريكا.
وفى تشيلى، على سبيل المثال، تعتبر زجاجة البيسكو "المشروب الكحولى الأكثر شيوعا فى البلاد" ارخص من زجاجة الزيت فى محلات السوبر ماركت، وارتفع سعر ما يسمى الآن بـ "الذهب السائل" بنسبة 67٪ بين يناير وأبريل 2022، وفقًا لمكتب الدراسات والسياسات الزراعية (ODEPA).
وفى المكسيك، هو المنتج الذى زاد سعره أكثر من غيره ضمن سلة الغذاء التى يقاسها المعهد الوطنى للإحصاء (INEGI)، وأصبح من الشائح بشكل متزايد العثور على أرفف الزيت فارغة.
وقالت صحيفة "لاراثون" الإسبانية إنه بالإضافة إلى المنتجات الغذائية الأخرى مثل القمح أو الذرة أو فول الصويا - التى وصلت إلى أسعار لا يمكن تصورها - يعتبر زيت الطعام أحد أكثر المنتجات تضررًا، حيث على الصعيد العالمى، ارتفعت قيمة الزيوت النباتية بنسبة 46.5٪ فى الأشهر الـ 12 الماضية، وفقًا لمؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
فى بلدان مثل كولومبيا والمكسيك، تبلغ الزيادة حوالى 40٪، بينما فى دول أخرى مثل جواتيمالا أو بنما أو الإكوادور، كانت الزيادة - فى المتوسط - أكبر من 20٪.
كما لجأ الإكوادوريون إلى شبكات التواصل الاجتماعى للتعبير عن انزعاجهم من الزجاجة سعة لتر واحد بسعر 6 دولارات أمريكية فى بعض المتاجر.
استحوذت أوكرانيا وروسيا، المعروفة باسم "مخزن الحبوب فى أوروبا"، على 71٪ من صادرات زيت عباد الشمس العام الماضى، وفقًا لشركة ISTA Mielke GmbH، وهى شركة متخصصة فى تحليل سوق الزيت العالمية ومقرها هامبورج بألمانيا.
ومع حرب أوكرانيا، انخفض العرض إلى أدنى مستوياته، وهى مشكلة تضاف إلى انخفاض الإنتاج فى السنوات الأخيرة التى عانت السوق بالفعل من المتاعب.
وقال أليخاندرو بيتنانكورت،خبير ISTA Mielke GmbH، أن الإنتاج العالمى للزيوت النباتية قد تقلص فى السنوات الأخيرة، وأسعار الزيوت الأساسية الأربعة - عباد الشمس والنخيل وبذور اللفت (الكانولا) وفول الصويا، وكلها تضاعفت أسعارها ثلاث مرات منذ عام 2019.
وأضاف أن الوضع ساء فى الشهرين الماضيين، بسبب الحرب فى أوكرانيا والانخفاض الحاد فى صادرات زيت النخيل، بسبب انخفاض الإنتاج والقيود المفروضة على الصادرات، مشيرا إلى أن "هناك قلق كبير بشأن تضخم أسعار المواد الغذائية وتدهور الإمدادات الغذائية".
وأوضح جوستافو إيديجوراس، رئيس الغرفة الأرجنتينية لصناعة الزيوت ومركز مصدرى الحبوب، أن المستقبل لا يبدو مشجعًا للغاية فى الوقت الحالي، فأصبح ليس هناك أمل فى استقرار فى أسعار الزيوت،
أوروبا
وليست فقط فى أمريكا اللاتينية، ولكن أيضا فى أوروبا، حيث لجأت بعض الدول الأوروبية، وهى إسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا، إلى سياسات التقنين، حيث وضعت المتاجر الكبرى حدا للشراء يتراوح بين لتر واحد وثلاثة لترات للفرد فى اليوم.
وفى إسبانيا، شهدت أسعار زيت عباد الشمس ارتفاع بنسبة 200% بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، وأشارت وسائل إعلام إسبانية إلى أن النقص الموجود فى زيت عباد الشمس دفع الحكومة إلى محاولة زيادة إنتاجها، لافتة إلى أن المشكلة تمتد إلى جميع أنحاء أوروبا.
وأعلنت الأسواق فى إسبانيا أعلنت عن وضع قيود للمستهلكين، حيث سمحت بشراء زجاجة واحدة فقط لكل عميل.
وكانت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية، قد أشارت إلى أن النقص الموجود فى زيت عباد الشمس بسبب حرب أوكرانيا دفع الحكومة الإسبانية إلى محاولة زيادة انتاجها، لافتة إلى أن المشكلة تمتد فى جميع أنحاء اوروبا، واتخذت المفوضية الأوروبية بالفعل خطوة لمحاولة تعويض النقص فى زهور عباد الشمس من خلال السماح بالزراعة فى الأراضى البور، بداية من موسم الربيع الحالى.
ووجدت إسبانيا نفسها أمام تناقص كبير فى كميات الزيت المصنوع من عباد الشمس، حيث قام العديد من المستهلكين باقتناء كميات كبيرة منه بسبب الخوف من نفادها كأحد عواقب الحرب فى أوكرانيا، مما أدى إلى أن محلات السوبر ماركت والأسواق حددت 5 لترات فقط لكل فرد، حسبما قالت صحيفة "لاراثون" الإسبانية.
وفى ألمانيا، ارتفت أسعار الزيوت بنسبة 20%، وحددت الحكومة الألمانية لكل مواطن زجاجة زيت واحدة وكيس دقيق واحد، وغير مسموح له بالحصول على أكثر من ذلك.
وفى إيطاليا، عن السلع الغذائية التى ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ، أشارت الجمعية الإيطالية إلى زيت عباد الشمس، إذ ارتفع سعره بنسبة 23.3%، وفى المرتبة الثانية الخضار الطازجة، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 17.8%، ومن ثم الزبدة بنسبة 17.4%.
كما أن بريطانيا حددت زجاجة زيت واحد يمكن للمواطن شرائها، حيث أن بريطانيا أيضا من الدول الأوروبية التى تعتمد على الزيوت الأوكرانية.