بوجهه البشوش وابتسامته التى تدعو للتفاؤل وكأنها ترفع شعاره الدائم "سكر حلوة الدنيا سكر"، الذى حفظناه عن أغنيته الشهيرة، تحدى الأحزان والآلام ونشر البهجة وكأنه سفيرها الموفد إلى الدنيا حاملاً طاقات فنية وإبداعية جبارة ظلت تزيد وتنمو كلما مر عليه الزمن، هكذا كانت صوره تنطق بالحب والود خلال حوار أجريناه معه قبل رحيله بفترة، وهكذا كان الفنان الموسوعى الشامل سمير صبرى طوال حياته.
يكره الحزن ويخفيه، يتحدى المرض وقسوة الزمن وتغيراته بنشر البهجة ورسم السعادة على وجهه ووجوه جمهوره وزملائه، يخفف عن كل من يتعامل معه، يساعد من يحتاجه حتى وإن لم يطلب، يحاول مداوة آثار الزمن على حياة من تغيرت بهم الأحوال.
كان الحوار فى كافتيريا دار الأوبرا المصرية أراده أن يكون فى الهواء الطلق، جاء يقود سيارته بنفسه دون سائق، حين تراه للوهلة الأولى تظن أن الإرهاق والتعب وعلامات السن قد نالت منه، تراه مختلفًا عما يبدو عليه حين يقف أمام الكاميرا أو يبدأ فى الحديث فتتدفق الذكريات والحكايات ويتدفق معها فيض من الطاقة والحيوية والمحبة واستشعار جمال هذه الذكريات ، وكأنها يعيش فيها ومعها، يذكر التفاصيل الصغيرة الجميلة بأسلوبه الرائع الذى يأخذك معه حيثما أراد إلى زمن أحببناه وعشقنا نجومه وكأنك تعيش معهم.
جلسنا معاً أكثر من ساعتين، وحكى عن أشياء كثيرة ، كان سعيدًا وهو يحكى بفخر عن مشواره وعن نجوم الفن وعمالقته الذين عرفهم منذ نعومة أظفاره وعن ذكرياته معهم، عن وصية مدرس اللغة الإنجليزية التى سمعها وهو طفل فكانت منهجًا سار عليه طوال حياته: "قبل أن تنام اسأل نفسك هل عملت عملا طيبا اليوم؟ وهل استطعت إسعاد إنسان؟" وقال سمير صبرى عن هذه الوصية: "كنت أضع هذه العبارة أمامى دائما وأنا أتعامل مع الفنانين القدامى الذين انحسرت عنهم الأضواء، وأقول سيأتى وقت تنحسر عنى الأضواء وأصبح محتاجا للونس وأنتظر من يأتى ليسلم على".
حكى عن بداية المشوار منذ كان طفلاً استطاع بذكائه ولباقته ولغته الإنجليزية السلمية أن يخدع العندليب لمدة عام ويتعامل معه على أنه طفل انجليزى اسمه بيتر معجب بفنه، حتى انكشفت الخدعة، وعن بدايته فى ركن الطفل بالإذاعة مع الفنانة لبنى عبد العزيز وعن رحلة المشوار الطويل والحياة الحافلة بالإبداع فى كل مجالات الفن والتى اتسعت فيها مواهبه حتى لا تجد توصيفا يكفيه، فهو الممثل والمنتج والفنان الاستعراضى والإعلامى والمذيع والمؤرخ الفنى وصاحب أقوى الفرق الاستعراضية والبرامج الحوارية التى كانت باكورة لبرامج التوك شو بل للصحافة الاستقصائية، سمير صبرى صديق العمالقة ورفيق المبدعين، الشاهد والصانع للعديد من الأحداث فى حياة كبار النجوم من فنانى الزمن الجميل، والذى اقترب من كل نجوم السياسة والفن والأدب، ملوك ورؤساء وفنانين ومبدعين فى كل المجالات وحاورهم وعرف أسرارهم وشهد نهايات عدد من عمالقة الفن، فكان لهم الصديق والرفيق الوفى الذى يذكرهم حين ينساهم الجميع وتبتعد عنهم الأضواء.
حكى سمير صبرى خلال الحوار بحب وفخر عن رحلة حياته، كان سعيدًا بتكريمه وهو على قيد الحياة وقبل أن يفعل به القدر ما فعله بالعديد من كبار النجوم الذين شهد نهايتهم الحزينة بعد أن طوى النسيان بعضهم أو انحسرت عنهم الأضواء، ظهرت فى كل الصور التى التقطها المصور السعودى محمود تعبيرات الفخر والسعادة والحب، وهى الصور التى تداولتها العديد من المواقع ووسائل الإعلام عن اليوم السابع.
مر وقت الحوار سريعًا، أكثر من ساعتين حتى انتبه الفنان الكبير أن عليه أن يمضى لارتباطه بموعد، كنا نحتاج لساعات، بل أيام، فسمير صبرى كان يحمل تاريخاً وحكايات وذكريات لا تسعها عشرات الحوارات والكتب، مضى وهو يعدنا بحوار آخر نستكمل فيه حديثنا، وطلب منه المصور التقاط المزيد من الصور، فداعبه الفنان الكبير وهو يأخذ وضع التصوير مودعًا وباسمًا وكأنه يعرف أن هذه الصور سيأتى وقت تكون هى الأنسب للنشر، وستحمل سلامه ووداعه للجمهور، وللحياة التى ملأها بهجة وحب وفن ووفاء ، وها نحن ننشر هذه الصور التى لم تنشر من قبل..سلام على روح سمير صبرى المحبة الودودة الطيبة التى كانت سبباً فى نشر البهجة والسعادة والونس وتخفيف آلام وأحزان الكثيرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة