أكرم القصاص يكتب: "القضية السكانية ونزيف العقول" موضوعا للحوار

الجمعة، 27 مايو 2022 10:00 ص
أكرم القصاص يكتب: "القضية السكانية ونزيف العقول" موضوعا للحوار أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ونحن نتحدث عن حوار وطنى، نحن أمام تنوع فى الآراء، يصل الى كل الموضوعات، ويتضمن مطالب متعددة، تعكس تنوعا يثير بعض التشويش، ويجعل الأمر أكثر تشعبا وربما تعقيدا، بينما أول نقطة هى بناء الثقة وجسور التواصل، عندها يكون الحديث بين مجتمع واحد تتنوع فيه الآراء، وفى حال أتيحت الفرصة فى الإعلام والقنوات لمناقشات تبادل للرأى، يكون الحوار قائما بالفعل، وقابلا لبناء تفاهم أوسع، ثم إن بعض السياسيين يختصرن الحوار فى السياسة، بينما آخرون يقدمون مطالب فئوية أو جهوية، قد لا يكون مكانها الحوار، ثم إن المجتمع نفسه بحاجة لنقاش يطرح قضايا مثيرة، وتمثل اهتماما لدى قطاعات متعددة، وتتصل بحياتهم، وهى موضوعات تتطلب - أحيانا - تفكيرا خارج السياق، أو ما يسميه البعض خارج الصندوق، بينما نحن لا نترك فرصة لإنهاء ما هو متوافر داخل الصندوق.
 
من بين القضايا التى تمثل أهمية وتتردد فى أسئلة البعض، لكنها لا تخضع لتحليل، هى القضية السكانية، مصر على مدار نصف قرن وأكثر، تطرح قضية الزيادة السكانية، وكيفية التعامل معها، هل بالتشريعات فقط؟ أم بالتشريعات والحوافز؟ مثلما ورد فى مشروع تنمية الأسرة، والذى يتضمن جوائز للسيدات اللاتى يكتفين بإنجاب طفلين فقط، حيث تحصل الأم على جائزة مالية، هناك أيضا حملات التوعية التى يجب أن تبقى غير مباشرة، وربما يكون طرح مثل هذه القضية للحوار المجتمعى، أن تظهر حلول متنوعة تناسب كل فئة، خاصة الفئات الأكثر إنجابا، والتى تبدو غير عابئة بخطورة إنجاب أطفال بلا مستقبل، يمثلون عبئا على أسرهم وعلى المجتمع.
 
هناك فئات تلتزم بالتنظيم، وتحرص على تربية وتعليم للأبناء، وهؤلاء يدفعون ثمن الانفجار السكانى من دون أن يكونوا مشاركين فيه، يضاف إلى ذلك أن الحديث عن المشكلة السكانية بدأ وتعداد سكان مصر 50 مليون نسمة، أو اقل، واستمرت الزيادة لتصل إلى ما بعد المئة مليون، فهل يرى المتحاورون أن هذه القضية بحاجة لأن تدرج فى جدول الحوار المجتمعى، وأنها تمثل خطرا يتطلب مواجهة، حتى يمكن للناس أن تشعر بنسبة النمو والخدمات والتعليم والعلاج؟ البعض يتحدث فى الأمر باعتباره قضية هامشية، بل إن هناك من يرفض المناقشة من باب الكيد، ويقدم نظريات فى أن الزيادة السكانية هى ثروة بشرية، متجاهلا أن الأغلبية فى هذه الزيادة تكون بلا تأهيل، أو تعليم، وتضاف إلى قوة عمل هامشية غير منتجة، وأحيانا فاقدة للقدرة والأمل. 
 
أما القضية الثانية - فى السياق ذاته - فهى «نزيف العقول»، وخلال الشهور الماضية ظهرت أرقام لهجرة المتعلمين، خاصة الأطباء إلى أوروبا للعمل هناك، وأن هؤلاء يهاجرون بحثا عن حياة ودخل أفضل. المفارقة أن الأطباء يحتاجون إلى فترة للتأهيل لا تتجاوز شهورا، بعدها يعملون فى منظومة طبية متقدمة، وفى مجتمعات غالبا ما تصدر تقارير عن تراجع مستوى التعليم لدينا، بينما الواقع العملى يشير إلى أن هؤلاء الأطباء الذين تعلموا بجامعاتنا، ينجحون فى المجتمعات التى تصدر تقارير حول ترتيب التعليم، تضع جامعاتنا فى ترتيب متأخر، وهو ما يتناقض مع استقبال وقبول هؤلاء للعمل والثقة فيهم، وكأننا أمام مجتمعين متناقضين، أو أن هذه التقارير هدفها زرع الشك تمهيدا لجذب الشباب. 
وهذه القضية طرحت بشكل موسمى، وتوقف فيها الحديث، وبصراحة تتمنى الدولة أن تقدم له نفس ما يحصل عليه بالخارج، لكن الأمر يتعلق بموازنات وعوامل كثيرة، بل إن مستويات الرواتب فى التأمين الصحى أضعاف ما هو مطروح الآن، وفى حال تعميم التامين الصحى، ستكون فرصة مضاعفة الدخول قابلة للتطبيق، لكن القضية - وأيضا تعيدنا إلى القضية السكانية - أن يجور أصحاب الإنجاب الكثيف على حق الملتزمين، ونحن هنا لسنا بصدد تبرير، لكننا أمام موضوع مطروح، يحتاج إلى حوارات وحلول توقِف نزيف العقول، وتحافظ على الثروة البشرية الحقيقية، فالطبيب يتكلف عشرات الآلاف، على الدولة ويفترض أن نحمى هذه الثروة.
 
فهل يمكن أن تكون هذه الموضوعات جزءا من حوار، لكونها تتعلق بالمجتمع والمستقبل؟ وإلى أى مدى يمثل هذا السؤال أولوية لدى من يرغبون فى الحوار، بحثا عن أفق؟
 
p
p

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة