رغم حديث الكثيرين عن فترة تولى الوالى محمد على باشا فى جميع الكتب التاريخية إلا أنها تبقى محملة بالأسرار والغموض، وقد حاول بعض الكتاب سبر أغوار تلك الفترة للحديث عن حكايات ترصد وجها آخر لعصر مؤسس الأسرة العلوية في مصر، من بينها كتاب "حكايات من زمن الوالى"، للكاتب عماد الغزالى.
يقع الكتاب فى 200 صفحة من القطع المتوسط، وهو عبارة عن نزهة فى سنوات حكم والى مصر محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة فى القرن الـ 19، ومنها حكايات عن محمد على نفسه ورفاعة الطهطاوى وسليمان باشا الفرنساوى وآخرين، كما يتناول أيضاً موضوعات تتعلق بمهن نشأت ومورست فى عهد محمد على، منها شيخ البلد، المؤرخ، والنمكى وقائد الجيش والحرملك وغيرها.
حكايات زمن الوالى
ويشير مؤلف الكتاب إلى نماذج من الشعب المصرى ودورها الاجتماعى، مؤكداً أنه مهما بلغت قوة محمد على باشا، ما كان ليستطيع أن يبنى مصر بدون شعبها، كما يتضمن الكتاب فصلاً بعنوان "رسائل الباشا"، وهى نماذج من رسائل محمد على "هذه العينة من الرسائل تعطى صورة عما كان عليه والى مصر، كيف كان يفكر لأبنائه وما هى القيم التى أراد لهم أن يكبروا عليها ويتعلموها"، وأغلب هذه الرسائل إلى أولاده فى أماكن متفرقة، منها السودان، وباريس ومنها رسالة إلى ابنه سعيد يلومه فيها على بدانته المفرطة.
وبحسب مقال للكاتبة "داليا عاصم" يروي الغزالي قصص تاريخ مصر الحديث نقب فيها عن شخوص لم يكونوا في صدارة المشهد أو ذكروا بشكل عابر في كتب التاريخ ليتتبعهم الغزالي بقلمه النابه راويا مصائرهم والملابسات التاريخية التي عايشوها وتعكس الكثير عن الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر في عهد محمد على باشا، حكايات عديدة عن بوغوص باشا الذي حوله أهل الإسكندرية إلى "باكوس" وسمي به حي شهير شرقها، وحكايات عن "كلوت بك" وحكايات عن رفاعة الطهطاوي، وحكاية الجندي عبد الله الذي تم تجنيده مع زمرة من الفلاحين إجباريا بأبشع الطرق لكي يكون محمد على باشا جيشا مصريا خالصا بعيدا عن الألبان والجراكسة والأتراك، كل هذه القصص كان السبب في الكشف عنها قصة كوشك هانم كما كشف المؤلف في مقدمته، تلك الفتاة التي هربت من الشام إلى مصر بسبب الحروب وسيقت إلى عباس باشا ابن محمد على لكي ترفه عنه لكنه طردها وأواها سليمان باشا الفرنساوي، حيث يتركنا المؤلف في حالة شوق لمعرفة قصتها الكاملة.
تبدأ قصة كوشك هانم حينما أصدر محمد على باشا فرمانا بتهجير بائعات الهوى إلى صعيد مصر وحظر نشاطهن في القاهرة، لتغادر كوشك مع وصيفتها "بمبة" إلى إسنا وهناك تلتقي بالروائي الفرنسي الشهير جوستاف فلوبير صاحب "مدام بوفاري" الذي سيكتب عنها في يومياته عن رحلته إلى مصر، ومن حكاياتها نعرف الكثير عن أحوال مصر آنذاك.