موسم العشاق أو حفلات زواج "إميلشيل" كما يطلق عليها، تلك الحفلات السنوية التي تحتضنها قرية إميلشيل جنوب شرق المغرب، حيث يحتفل العشرات من شباب المنطقة بمراسم زواجهم، في احتفالات مبهجة خاطفة قلوب و أنظار آلاف الزوار المحليين والأجانب، وتقام تلك الاحتفالات عادة بعد فترة الحصاد ومع بداية فصل الخريف.
ويمثل مهرجان إملشيل للخطوبة فرصة للسياح الذين يتوافدون على منطقة إملشيل أو أرض العشاق، لاكتشافها وللتعرف عن قرب عن عادات قبيلة آيت حديدو العريقة.
ويبحث الشباب خلال هذا الشهر، عن زوجات محتملات، وتشجعهم القبيلة على ذلك بخص هذا البحث النبيل باحتفالات ورقصات وأهازيج وملابس ووجبات تقليدية في جو من الألفة والفرح والتضامن.
الطقوس
يجذب موسم إميلشيل مئات الشباب المرشحين للزواج حيث يأتون لاستكمال إجراءات الزفاف، تزينهم أزياء تقليدية من قبيل لباس الحندير الصوفي الذي تلتف فيه الفتيات بشكل محتشم، فلا يظهر منهن سوى وجوههن، لكنهن يغطينها حين يتقدم إليهن الأزواج لتحيتهن وتقبيل أياديهن تعبيراً عن مشاعر الحب والتقدير.
ويتم إشهار الزواج بين شباب المنطقة من خلال توزيع التمور بين الحضور باعتبارها فاكهة تشتهر بها منطقة الجنوب بالبلاد، ولكونها فألاً حسناً يؤشر على حلاوة الحياة الزوجية.
يوضح باسو زايني، ناشط في جمعية تنموية بالمنطقة ، أن موسم الخطوبة إملشيل هو في الواقع موسم للزواج الجماعي يمر في أجواء شعبية واحتفالية تكرم المرأة عبر الاحتفاء بها وتقديرها أمام الحاضرين في هذا الموسم.
ويظهر هذا التقدير من خلال طقوس تبرز إجلال الخاطب أو الزوج للفتاة أثناء التقدم أمام العدول لعقد القران بشكل رسمي وشرعي، مع ترديد الأهازيج التي تحيي في نساء المنطقة عزتهن وكبرياءهن وصبرهن في بيت الزوجية، وفق"العربية" .
و موسم الخطوبة إملشيل ليس فقط مناسبة اجتماعية للخطوبة والزفاف بل هو أيضاً فرصة مواتية لتوطيد علاقات الجوار بين قبائل المنطقة وصلة الرحم بين سكانها وعائلاتها.
وبذلك يكون هذا الموسم وسيلة أساسية بالنسبة لسكان القرى والقبائل في جبال الأطلس خاصة لتقريب ما أبعدته الظروف ومشاغل العمل ولإصلاح ما أفسدته ضغوط الحياة، فيعود الوئام وتتصافى القلوب بين الناس، وبالفعل عقدت مصالحات بين بعض هذه القبائل أو بعض أفرادها على هامش موسم الخطوبة، حيث يكون النزاع بينهم نتيجة خلافات وصراعات على المجالات الحيوية في البادية مثل: الأرض وحدود الحقول والرعي والماء.
ويستطرد قائلا بأن موسم الخطوبة يعد فضاء تجارياً واقتصادياً رائجاً، ففيه يلتقي الطلب والعرض بشكل هائل، وتزدهر مهن عديدة على هامش الاحتفالات الأسرية بزواج أبنائها وبناتها على مدى ثلاثة أيام كاملة.
وترتبط هذه المهن ببيع مواد التزيين للنساء مثل الحناء والكحل والقلادات والحلي المختلفة الألوان والأشكال، وبعض أجزاء اللباس الرجالي من قبيل العمامة والقلنسوة، فضلاً عن مُنتَجات تقليدية وخزفية تجعل منها الأسر المُحتفلة هدايا للعرسان الجدد.
ويزخر هذا الموسم بسوق تقليدية كبرى تعرف حضور آلاف الزبائن خاصة من أبناء المنطقة الذين يحرصون على اقتناء المئونة اللازمة لمنازلهم قبل حلول فصلي الخريف والشتاء حيث تشتد برودة الطقس في جبال الأطلس.
أصل الحكاية
تتميز احتفالات الخطوبة والزواج الجماعي خلال موسم إملشيل بطقوس خاصة تبرز غنى العادات والسلوكيات الاجتماعية، ويعد موسم الخطوبة هذا، بمثابة تقليد اجتماعي راسخ دأبت عليه قبائل تلك المناطق منذ أكثر من 45 عاماً..فما قصته ؟
يعود أصل طقوس هذا الاحتفال الشعبي بخطوبة وزفاف الشباب والشابات من قبائل جبل الأطلس الكبير إلى قصة حب تتضارب الآراء حول حقيقة حدوثها، حيث عرفت تلك المنطقة قصة حب أسطورية جمعت بين شاب يُدعى موحا وفتاة جميلة تسمى حادة من قبيلتين متجاورتين لكن بينهما عداوة كبيرة بسبب مشاكل الرعي والسقي.
ولجأ الشابان إلى الجبل لندب حظيهما التعيس بسبب رفض القبيلتين زواجهما، وبكيا بغزارة إلى أن تكونت بحيرتان صغيرتان ويحج إليهما آلاف الزوار أثناء موسم الخطوبة بإملشيل حتى الآن.
وتعويضاً عن ندمهما على عدم إتمام زواج الشابين عزمت القبيلتان على التصالح وتزويج شباب المنطقة فيما بينهما فقط وعقد موسم خاص بالاحتفالات كل سنة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة