ألحق جيش المسلمين، بقيادة الأمير «بيبرس البندقدارى» الذى صار «السلطان الظاهر بيبرس» الهزيمة بجيش الصليبين، قرب فارسكور، 5 إبريل 1250، ووقع لويس التاسع ملك فرنسا أسيرا بين 6 إبريل، و7 إبريل 1250، فى قرية «منية عبدالله» بالقرب من المنصورة.. «راجع، ذات يوم، 6 إبريل 2022».
فى تلك الموقعة انتهى أمر الجيش الصليبى كله إلى القتل أو الأسر، ولحق بالملك الفرنسى عار على ضفاف النيل، بتعبير الدكتور سعيد عبدالفتاح عاشور فى كتابه «أضواء جديدة على الحروب الصليبية»، وفشلت هذه «الحملة السابعة» فى تاريخ الحملات الصليبية وأولها كان فى عام 1097 إلى الشام، وبلغ عددها ثمانية، أربعة منها نحو الشام «الأولى والثانية والثالثة والسادسة»، واثنتان نحو مصر «الخامسة والسابعة»، والرابعة ضد القسطنطينية، والثامنة نزلت بشمال أفريقيا، وفقًا لعاشور فى الجزء الأول من كتابه «الحركة الصليبية - صفحة مشرفة فى تاريخ الجهاد الإسلامى فى العصور الوسطى».
يذكر الدكتور محمد حلمى أحمد، فى كتابه «مصر والشام والصليبيون»، أن «لويس التاسع» كان يجمع فى شخصه الحزم، الشجاعة، القسوة، الفدائية، الصمود، والإخلاص لهدفه، حتى أن المؤرخين أطلقوا عليه «القديس لويس»، لكنه افتقد بعد النظر وسلامة التقدير العسكرى للكثير من المواقف، وهذا العيب تحديدا أثر على حملته التى تجمعت فى قبرص، واصطحب معه زوجته واثنين من إخوته وعددا من كبار النبلاء، وفى قبرص عقد اجتماعا للقادة لبحث موضوع اتجاه الحملة إلى القدس أم مصر؟ ورجحت كفة الاتجاه إلى دمياط مباشرة، لتكون بداية الطريق إلى القاهرة، وسقطت دمياط دون قتال فى 6 يونيو 1249.
اشتدت المقاومة ضد القوات الصليبية، واستطاع بيبرس هزيمتهم، وأسر لويس فى قرية «منية عبدالله» شمال المنصورة، ومعه أخويه «الكونت شارل» و«الكونت الفونس» وأودعوا فى دار القاضى فخر الدين بن لقمان بالمنصورة، وفقًا للدكتور محمد سعيد عمران فى كتابه «تاريخ الحروب الصليبية»، مضيفا: «بعد بضعة أيام فتحت أبواب المفاوضات بين السلطان «توران شاه» والملك الأسير لفك أسره، وطلب السلطان منه أن يسلمه بعض القلاع الصليبية فى الشام، واعتذر لويس لأنه لا يستطيع التنازل عن أرض ليست ملكًا له، وبعد محاولات متكررة تنازل السلطان عن هذا الشرط مقابل أن يدفع لويس مبلغًا كبيرًا من المال، وتم توقيع الهدنة بين الطرفين، وشروطها، أن يسلم الملك الفرنسى مدينة دمياط فدية عن نفسه، ويدفع مبلغ ثمانمائة ألف بيزنط فدية لأسرى الصليبيين، ويطلق سراح أسرى المسلمين الذين فى حوزته، وأسرى المسلمين فى الشام منذ الهدنة بين الإمبراطور فرديرك والملك الكامل عام 1229، المعروفة بصلح يافا، وأخيرًا أن يعمل الصليبيون على حفظ الأمن والاستقرار فى جميع البلاد التى تحت أيدى الصليبيين فى بلاد الشام».
يضيف «عمران»: «قضت الشروط أن يطلق المسلمون أسرى الصليبيين الذين وقعوا فى أيديهم منذ وصول الحملة، وكذلك الأسرى منذ صلح يافا، ويقوم السلطان بحماية العتاد الحربى الموجود فى دمياط بعد رحيل الحملة حتى تسنح الفرصة لنقله خارج مصر، ويمنح الأمان لمن يبقى من الصليبيين فى دمياط حتى رحيلهم، وأقسم الطرفان على احترام شروط الصلح، ومن فارسكور تم نقل لويس ومن معه من الأسرى فى سفن إلى دمياط، ورسا الجميع بالقرب من الشاطئ فى 18 إبريل 1250».
يؤكد عمران: «انتظر لويس بعض الوقت حيث كانت زوجته تعانى آلام الوضع، وأرسل بعض قواته إلى دمياط لتسليمها للمسلمين فى 7 مايو، مثل هذا اليوم، 1250، بعدما ظلت فى أيدى قوات لويس ما يقرب من عام، ودفع نصف الفدية حسبما اتفق عليه، وتم إطلاق سراح الأسرى الصليبيين من البر الشرقى إلى «جيزة دمياط»، ثم تبعهم باقى الصليبيين، وفى 8 مايو 1250 أقلعت سفن الفرنج إلى عكا حاملة فلول الحملة الصليبية بعد أن أنهكتها الهزائم، وحلت بها الكوارث».
بقى لويس التاسع بضع سنوات فى الشام محاولا تنظيم صفوف الصليبيين، وفقًا لعاشور الذى يؤكد أن الأهمية الخاصة لهذه الحملة على مصر، أن أحداثها جاءت مصحوبة بتطور داخلى خطير أدى إلى زوال دولة الأيوبيين، وقيام دولة المماليك فى حكم مصر والشام..يذكر فى كتاب «أضواء جديدة على الحروب الصليبية»: «الواقع أن المماليك أحسوا بأهمية الدور الذى نهضوا به فى تخليص مصر من خطر لويس التاسع وحملته، فازدادوا نفوذًا وسطوة، عقب موقعتى المنصورة وفارسكور، الأمر الذى مكنهم من قتل «توران شاه» ابن الصالح أيوب ووريثه، والاستيلاء على زمام الحكم فى مصر، وسرعان ما أثبت المماليك أنهم قادرون على القيام بدورهم كاملًا فى حماية الوطن العربى فى الشرق الأدنى ضد الأخطار الكبرى التى هددته منذ منتصف القرن الثالث عشر».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة