شقيقة دنيا تؤكد: "كان نفسها تتجوز كريم وتلبس الفستان الأبيض".. وشقيقها: "خبر موت كريم كسرنا"
ساعات قليلة فصلت بين وفاة خطيبين، ظلا أوفياء فى حبهما النقى لآخر نفس، حتى اغتال الموت حلمهما بأن يجتمعا فى بيت واحد يكملان فيه حياتهما سويا، فرحلت الحبيبة متأثرة بإصابتها بمرض السكرى، ولحق بها خطيبها بعد مرور 24 ساعة على وفاتها، بعد أن تحطم قلبه وقتله الحزن ألما على فراقها، متأثرا بإصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية والتنفسية.
حزن كسر القلب، وموت قتل الحب.. مأساة إنسانية فريدة من نوعها شهدتها عزبة الفتح بقرية مصر الجديدة التابعة لمركز الجمالية بمحافظة الدقهلية، بعد وفاة الشاب كريم أحمد شحاتة صاحب الـ20 عاما متأثرا بإصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية والتنفسية، حزنا على وفاة خطيبته وحبيبته دنيا محمد مصطفى صاحبة الـ17 عاما، والتى فارقت الحياة بعد تعرضها لمضاعفات مرض السكرى.
حلما الحبيبان بأن يكلل حبهما وخطبتهما بالزواج، كانا يجهزان بيتهما ويستعدان لزفافهما بعد ستة أشهر، إلا أن القدر لم يشأ أن يجمعهما فى الحياة، ليكونا بوفائهما ونقاء حبهما عريسا الجنة، فكسر الموت حبهما بعد أن تدهورت حالة "دنيا" الصحية متأثرة بإصابتها بمرض السكرى، ولحق بها خطيبها "كريم"، بعد أن أصيب بانهيار وصدمة شديدة حزنا وألما على وفاتها.
وسادت حالة من الصدمة والحزن الشديد بين أهالى القرية، بعد وفاة "كريم"، بعد ساعات قليلة من رحيل خطيبته "دنيا"، إذ حضر جنازة حبيبته وتلقى عزائها، إلا أنه لم يستطع تحمل فراقها وصدمة موتها ولحقت روحه النقية بها.
وفى هذا الصدد، قال طارق محمد شقيق "دنيا" لـ"اليوم السابع"، إن "كريم" خطيب شقيقته الراحلة ظل وفيا لها لآخر نفس فى حياته، حيث دخل فى حالة من الصدمة من لحظة دخولها للمستشفى، ولفظ أنفاسه الأخيرة حزنا وألما على وفاتها وفراقها: "دنيا كانت كويسة ومتعايشة مع مرض السكر من أربع سنين وبتاخد دواها وبتابع مع دكتورها، مكنتش بتحب حد يعرف إنها عيانة ومريضة بالسكر، كانت قوية ومبهجة وبتحب الحياة، ولما جه كريم يخطبها عرفناه أنها مريضة بالسكر، لكن حبه ليها وتمسكه بيها كان أقوى من أى حاجة وخطبها وكانوا هيتجوزوا بعد ست شهور".
وتابع: "قبل يوم الوقفة بيوم روحت مع دنيا الجمالية نشترى هدوم العيد، ويوم الوقفة الصبح تعبت شوية وجالها هبوط، نقلناها لمستشفى الجمالية وبعدها اتحولت للعناية فى مستشفى المنزلة، كانت حالتها صعبة جدا ودخلت فى غيبوبة سكر، وتوفت بعدها على طول الساعة واحدة الصبح فجر الثلاثاء تانى يوم العيد، مضيفا: "كريم مسبش دنيا ولا ثانية، كان معايا من أول ما دنيا دخلت المستشفى، فضل موجود فى المستشفى لخدمة دنيا بس من غير أكل ولا شرب، كان حزين ومصدوم وبيتألم عشانها، فضل واقف معانا لحد ما دفنها واخد عزائها، وبعد 24 ساعة من وفاة دنيا، وفى نفس الساعة اللى دنيا ماتت فيها الساعة واحدة الفجر، توفى كريم من شدة حزنه عليها، وشيعنا جثمانه لمثواه الأخير فى نفس العربية اللى نقلت جثمان دنيا المقابر ونفس الصندوق".
وأشار إلى أن خبر وفاة "كريم" صدمهم وأحزنهم، فقد كان شابا مكافحا وخلوقا، كان شديد التعلق بـ"دنيا"، يأمل فى أن يجمعهما بيتا واحدا يكملا فيه حياتهما ومستقبلهما سويا، لكن كسر الحزن قلبه وحطمه ولم يستطع تحمل فراق حبيبته فلحقت روحه بها وانتقلت إلى بارئها: "خبر وفاة كريم صدمنا وكسرنا كلنا، هو اللى كان باقلنا من ريحة دنيا، كنا متماسكين شوية بعد وفاة أختى لأنها كانت تعبانة وفى المستشفى، وكان فيه احتمال إن يحصلها حاجة.. كريم مكنش مجرد خطيب لأختى، كان أخويا وصاحبى وواحد من أهلى، وخبر موته نسانى موت أختى وقفل على وجعنا على أختى دنيا، خبر كريم كسرنا أكتر وأكتر".
أحب "كريم" خطيبته بإخلاص ووفاء، حب حقيقى ونقى، كان يحاول دوما أن يسعدها بشتى الطرق، يشجعها على الاهتمام بصحتها ومتابعة طبيبها، منع نفسه من تناول السكريات بكل أنواعها ليدعمها فى رحلة علاجها مع مرض السكرى، حتى لا يجرحها ويحزنها ويشعرها بمرضها واختلافها، كانت بالنسبة له حياته وحاضره ومستقبله، يكافح بالعمل ليل نهار فى محل أقمشة فى محافظة دمياط، ليوفر لها كل متطلباتها ويسرع فى تجهيز شقة الزوجية ليؤمن مستقبلهما سويا، كانا مصدر بهجة وأمل لأسرهما وأصدقائهما وكل أبناء القرية، جمعهما الحب والموت ورحلا عن عالمنا سويا إلى عالم الخلود.
"مش هقدر أعيش من غيرها، هى حياتى وكل حاجة فى دنيتي".. كانت هذه آخر كلمات "كريم" لشقيق "دنيا" قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ويلحق بحبيبته: "آخر حاجة كان بيطمح كريم لتحقيقها، أنه يشترى عربية يشتغل عليها فى البلد عشان ميبعدش عن دنيا ويفضل قريب منها، كان بيقولى أول ما دنيا تخرج من المستشفى هنحدد معاد الفرح على طول بعد ست شهور عشان باباها يكون رجع من السعودية ويحضر فرحها".
بعد قصة حب طويلة، تقدم "كريم" لخطبة "دنيا" وسط فرحة لا توصف، دامت خلالها خطبتهما لأكثر من عام ونصف، على استعداد أن يكلل حبهما بالزواج بعد ستة أشهر: "شقة الجواز اختاروها مع بعض، جهزوا كل تفصيلة فيها مع بعض، كريم كان بيحاول يسعد دنيا ويفرحها ويعملها كل حاجة هى بتتمناها، كانوا هما الاتنين على وفاق دايما فى كل حاجة، متفقين ومتماسكين ببعض"، مضيفا: "كريم جارنا من زمان، البيت فى وش البيت والعيلتين كيان واحد، وفى يوم قالى أنا عايز أخطب، رديت عليه وقتها وقولتله "ألف عروسة تتمناك"، وأنا كنت عارف أن هو عايز يخطب دنيا، رد عليا وقال: "لا أنا مش عايز دول كلهم أنا عايز أتقدم لدنيا"، وبعد ما اتقدم لدنيا اتخطبوا، وبقالهم دلوقتى سنة ونصف مخطوبين، كريم كان جهز الشقة خلاص ودنيا جاهزة، وكانوا داخلين على الجواز بعد ست شهور، بس مكتوبلهم إنهم يبقوا عرسان فى الجنة".
وفى ظل صدمته وحزنه وانهياره على فراق "دنيا"، ظل يفكر فيها وكيفية إسعادها حتى بعد وفاتها، وفى عمل خير يرسخ اسمها فى قريتهم، ويكون صدقة جارية على روحها: "بعد وفاة دنيا قال "كريم" لوالده أنه هيعملها كولدير ماية فى مسجد القرية، وإن اللى مقدرتش يعمله لدنيا وهى عايشة هيعمله وهى ميتة، وإن دنيا كل حاجة فى حياته ومش هيستخسر فيها أى حاجة"، مضيفا: "كريم وصى والده أنه لو مقدرش يعمل الكولدير لازم هو يعمله لدنيا وكأنه كان حاسس أنه هيموت ويروحلها".
دنيا وكريم
"كانوا بيغيروا على بعض من الهوا.. حبهم كان عنوان للوفاء والإخلاص، حب بقى نادر فى زمانَا ده".. هكذا علق "طارق" شقيق دنيا على علاقة الحب بين شقيقته و"كريم"، فأشار إلى أن كريم ودنيا، كانا يمتلكان نفس الشخصية والروح، يحبان بعضهما بوفاء وإخلاص، حيث وصل حب دنيا لكريم، لدرجة أنها كانت تغير عليه من قربه به وعلاقة الصداقة القوية بينهما، فكانت ترغب فى تملكه وأن يكون لها وحدها، دون أن يقترب منه أحدا أو يحدثه، مؤكدا على أن كريم ودنيا كانا مرتبطين ببعضهما البعض ومخلصين وصادقين فى حبهما.. دنيا كانت كل حاجة لينا، فرحة وبهجة البيت، وكريم كان زيها بالظبط عصب بيتهم لأنه كان وحيد والده.. ربنا يرحمهم ويجعل مثواهم الجنة، هما فى مكان دلوقتى أحسن من هنا بكتير".
أشقاء دنيا
وبنبرة صوتها المختنقة، وعينيها الحزينة، قالت آية محمد شقيقة "دنيا" لـ"اليوم السابع"، "دنيا كانت إنسانة جميلة، طيبة القلب، روحها كانت فى كريم وبتحبه بوفاء، كانوا واعدين بعض بإنهم مش هيسيبوا بعض أبدا، والاتنين ماتوا فى نفس الساعة"، مضيفة: "دنيا كان كل كلامها عن الفرح، كان نفسها تتجوز كريم، وتلبس الفستان الأبيض، كانت بتخطط ليوم الفرح وبتختار الكوافير اللى هتروحه، وكريم مكنش بيأخر عنها حاجة، كان بيفسحها ويفرحها دايما ويفاجئها بالهدايا، آخر هدية كان جايبهالها طقم العيد بس ماتت قبل ما يقولها ويفرحها.. كريم مكنش قادر يعيش بعد ما دنيا ماتت، فضل حزين ومقهور عليها، وآخر حاجة قالها "أنا مش قادر أعيش من غيرها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة