وضعت الدولة المصرية ملف المياه على رأس أولويات الأجندة السياسية باعتباره من أهم مقتضيات التنمية الاقتصادية والمستدامة، وتتويجاً لدور مصر الإقليمى الرائد سواء فى المنطقة العربية أو الأفريقية، تنظم وزارة الموارد المائية والرى اسبوع القاهرة الرابع للمياه فى الفترة من24 - 28 أكتوبر المقبل تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية : التحديات والفرص"، وبمشاركة واسعة من الوزراء والوفود الرسمية وكبار المسئولين فى قطاع المياه والعلماء والمنظمات والمعاهد الدولية ومنظمات المجتمع المدنى والمزارعين، وذلك للتوصل لحلول مستدامة لإدارة الموارد المائية لمواجهة الزيادة السكانية والتغيرات التى تطرأ على العالم من تغير متسارع فى استخدامات الأراضى والمناخ و النظم الهيدرولوجية.
ويمثل العام الحالى فرصة ذهبية لإبراز تحديات المياه على المستوى الدولى وعلاقتها بتغير المناخ، و التنسيق مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة فى قطاع المياه، لذلك تنظم مصر اسبوع القاهرة للمياه بشكل سنوى منذ عام 2018 تحت رعاية الرئيس السيسى، وتستضيف فى شهر نوفمبر المقبل "مؤتمر المناخ" COP27، والذى سيتم فيه التركيز على التحديات الإفريقية فى مجال المياه، وتأثير التغيرات المناخية على المياه.
وبالتنسيق مع العديد من الدول والمنظمات الدولية سيتم تنظيم "جناح للمياه" ضمن فعاليات مؤتمر المناخ ليشمل كافه الأحداث المعنية بالمياه، وبما يحقق الهدف المنشود نحو زياده التعاون بين الدول، والعمل على توفير التمويل اللازم فى مجال المياه، وتحقيق التكامل بين كافة المبادرات المعنية بالمياه، كما سيتم العمل على استكمال "حوار السياسات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بالمناطق التى تعانى من الندرة المائية" والذى بدأ خلال أسبوع القاهرة الرابع للمياه، تمهيداً لرفع توصياته لمؤتمر المراجعة لنصف المدة لعقد المياه المزمع عقده فى نيويورك عام 2023، وبما يضمن توصيل رسائل الدول الأفريقية إلى العالم.
وتمثل هذه الأحداث والفعاليات فرصة لتسليط الضوء على تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية العذبة وارتفاع منسوب سطح البحر، الأمر الذى يمثل تهديداً كبيراً على دلتا نهر النيل، وهو ما دفع وزارة الرى لتنفيذ مشروعات كبرى فى مجال حماية الشواطئ لأطوال تصلإلى 210 كيلومترات لحماية السواحل المصرية بالإضافة لـ 50 كيلومتر أخرى جارى العمل بها، وتنفيذ 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول خلال السنوات الماضية، وأيضا الحديث حول دور أنظمة الرى الحديث فى تقليل الطاقة المستخدمة فى الرى وانعكاس ذلك على التخفيف من التغيرات المناخية.
قال الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى أن الأحداث الدولية تمثل فرصة لعرض حجم التحديات التى يواجهها قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، مؤكداً على أن مصر تُعد من أكثر دول العالم التى تُعانى من الشح المائى، وتعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل، وتصل إحتياجات مصر المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ 60 مليار متر مكعب سنوياً، بعجز يصل إلى 54 مليار متر مكعب سنويا، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة إستخدام المياه، وإستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار متر مكعب سنوياً، وأن 40 مليون فرد في مصر يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسى للدخل، ويصل نصيب الفرد فى مصر من المساحات الخضراء إلى أقل من 40 متر مربع، ولمواجهة هذه التحديات وضعت الوزارة خطة لإدارة الموارد المائية حتى عام 2037 بالتعاون مع كافة الوزارت المعنية باستثمارات تتجاوز الـ50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، تهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حالياً وتهيئة البيئة الداعمة لقضايا المياه، وتم خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تهدف لزيادة قدرة المنظومةالمائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد استخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية.
وأشار عبد العاطى إلى عملية التطوير الشاملة للمنظومة المائية والتى تقوم الوزارة بتنفيذها حالياً بما ينعكس إيجابياً على المزارعين بالمقام الأول، وتراجع أعداد الشكاوى المتعلقة بالمياه، مستعرضاً التجربة المصرية الناجحة فى تأهيل الترع والمساقى، والتى تستهدف تأهيل 20 ألف كيلو متر من الترع، والتى حققت العديد من المكاسب للمزارعين ولمنظومة الرى، مثل حدوث تحسن كبير فى عملية إدارة وتوزيع المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع، وحصول كافة المزارعين على الترعة على حصتهم من المياه فى الوقت المناسب، وتحسين نوعية المياه بالترع مع إزالة الحشائش وامتناع المواطنين بشكل واضح عن إلقاء المخلفات بالترع المؤهلة، ورفع القيمة السوقية للأرض الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، بالإضافة للتأثير الإيجابى على الصحة العامة واحتواء انتشار الأمراض، بالإضافة للمردود البيئي والجمالى.