اشتهر الأديب الفرنسى جوستاف فلوبير عندما كان فى الخامسة والثلاثين بعد إصداره روايته الأولى "مدام بوفاري" التى أثارت ضجة كبيرة منذ صدورها بسبب موضوعها الذى لم يكن معتادا فى تلك الفترة من القرن التاسع عشر.
تبدأ الرواية بزواج تشارلز بوفارى وهو طبيب طيب القلب ولكنه ممل وغير طموح من إيما الفتاة الجميلة التى نشأت فى دير وعلى الرغم من أنها تتوقع أن يكون الزواج حياة مليئة بالمغامرة، إلا أنها سرعان ما تجد أن حماستها الوحيدة تنبع من الرحلات الخيالية التى تستغرقها أثناء قراءة الروايات الرومانسية العاطفية كما تشعر بالملل والاستياء بشكل متزايد من وجودها فى الطبقة الوسطى حتى أن ولادة ابنتها، بيرثى، لا تجلب لها سوى القليل من الفرح.
تبدأ إيما فى تمثيل تخيلاتها الرومانسية وتبدأ فى علاقة حب مع رودولف، وهو مالك أرض محلى وتضع خططًا حماسية لهما للهروب معًا، لكن رودولف سئم منها وقرر إنهاء العلاقة، بعدها تصاب إيما المصدومة بحمى دماغية وتظل طريحة الفراش لأكثر من شهر، وفى وقت لاحق تبدأ علاقة مع ليون أحد معارفها السابقين لتعيش حياة فوضوية، وبعد أن تخرج ديونها عن السيطرة، تطلب المال، لكن الجميع يرفض مساعدتها، بما فى ذلك ليون ورودولف. مع عدم وجود مكان تلجأ إليه وبينما تكون على وشك الانهيار المالى والكشف العلنى عن حياتها الخاصة، تبتلع إيما الزرنيخ وتموت موتًا مؤلمًا.
فى عام 1857 تعرض "فلوبير" وناشر روايته للمحاكمة بتهم تتعلق بالأخلاق العامة والدين، وقد ركزت التهم على التأثير السلبى للرواية على الشباب فاعتبرت الرواية إهانة للأخلاقيات الدينية ومحاولة لتبرير الزنا نظرا للعلاقات المتعددة التى خاضتها مدام بوفارى.
وقد وجهت المحكمة لجوستاف فلوبير تهم الإساءة إلى الإخلاق العامة والدين وخدش الحياء والتهجم على قيم البرجوازية وفى النهاية تمت تبرئة فلوبير ونُشرت "مدام بوفارى" كرواية من جزئين.
وتعتبر مدام بوفارى انتصارا حقيقيا للروايات الواقعية على الحركة الرومانتكية التى كانت سائدة فى القرن التاسع عشر، وقد صنفتها مكتبة بوكلوين العالمية ضمن أفضل 100 عمل أدبى على مر العصور.
وقد ظهرت الرواية فى السينما والمسرح أكثر من مرة فتم تقديمها فى فيلم يحمل اسمها "مدام بوفارى"، للمخرج كلود شابرول، عام 1991، كما تم اقتباس الرواية فى فيلم آخر للمخرجة الفرنسية صوفى بارت عام 2014.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة